- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
"خُوارٌ جديدٌ".. برامجُ إلْحاديّة بطرقٍ فنيّة !! - الجزء الثاني
بقلم: عادل الموسوي
مشاهد من الحلقة الأولى..
- ولا تزالُ هناك بقيّة من عجولٍ كثيرةٍ لكل منها خُوارٌ مميز يُروِّجُ لأجنداتٍ سامريّة!!
- أنموذج مطور من وسائل هدم الدين والوقيعة بين المسلمين.
- ويعزف بمزامير الشيطان ليل نهار معزوفة؛ الفاحشة!! توكيداً وتثبيتاً للتهمة، وهو قدرٌ كاف للإدانة والحكم بالإعدام!!
في هذه الحلقة..
المحور الثاني: قرآن عثمان!!
ذُكر من الأقوال في جمع القرآن أنّه؛ كان مجموعاً في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، وذُكر أنّ أمير المؤمنين عليه السلام جمعه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن الأقوال أيضاً: أنّه جُمع في عهد أبي بكر، وآخر أنّه جُمع في عهد عثمان.
وأعتقد أنّ مجمل هذه الأقوال صحيح، ولكن من زوايا مختلفة:
فما كان في آواخر حياة رسول الله صلى الله عليه وآله؛ فهو القرآن المكتوب في الصحاف والرقاع المتفرقة عند الصحابة عامة، وما هو مكتوب ومحفوظ بهوامش التأويل وملاحظات التدوين والترتيب عند أمير المؤمنين عليه السلام خاصة، والذي آل على نفسه إلاّ يضع على عاتقه رداءً إلاّ إلى صلاة، حتى يؤلّفه كما ورد في كيفيّة الترتيب عند النزول، فجمعه ثم عرضه على القوم فردوه عليه، فلم يزل عند أئمّة أهل البيت عليهم السلام.
وما جُمع في عهد أبي بكر؛ هو مما كان موجوداً عند عامة الصحابة وجمع موحّداً، ولكن من غير ترتيب جامع لآيات كل سورة، فنزول آيات كل سورة لم يكن متسلسلاً.
أمّا ما جُمع في عهد عثمان؛ فهو كالمجموع في عهد أبي بكر، ولكن مع ترتيب آيات كل سورة في سورتها، بإجتهاد من القائمين بالجمع في بعضٍ من تسلسل السور ومواضع بعض الآيات، فتم تأليفه في مصحف، ونسخ منه ستة مصاحف، وأُحرِق ما دونها مما كان محفوظاً عند المسلمين.
إنّ عقيدة الشيعة في القرآن الموجود بين أيدي المسلمين؛ هي أنّ الأئمة عليهم السلام أقرّوا التعبد بهذا القرآن، والقراءة فيه، والأخذ عنه، وتقديسه، وتحريم مس آياته على المُحدِث. وهو القرآن المنزل على رسوله، والمنزّه عن الزلل والخطأ والتحريف، بدلالة آية الحفظ وحديث الثقلين.
ولا يختلف عموم المسلمين في ذلك، وإنّ نُسِب إلى بعض مَن شذَّ الخلاف، إلاّ أنّ أتباع كلا المدرستين؛ يتهم بعضهم بعضاً بالقول بالتحريف، وذلك لورود روايات في تراث الفريقين، توحي بالقول بذلك، إلاّ أنّ شيئاً من ذلك لا يتم ولا يعمم، بدليل تبادل التهمة والإنكار، فلا يُلزَم أحدٌ بإنكاره إن كان لا يُرَتِّب أثراً على القول بخلاف إنكاره، مع تأويله لما ورد من روايات في تراثه وصَرَفَها عن ظاهر ما دلت عليه، وإنْ حُمِّلت تلك الروايات وجوهاً غير وجيهة، خاصةً عند من يقول بإعتبارها لورودها في الصحاح، ولا يستقيم شيء من ذلك إلاّ بالأسقاط عن الإعتبار أو الأذعان بالدلالة، لكن مما يهوّن الخطب؛ أنّ الخلاصة والنتيجة تحكم؛ بإجماع الأمة على صحة ما بين الدفتين.
إنّ أتباع مدرسة أهل البيت لا يركّزون على توجيه التهمة للمخالفين لهم، ولا يرتّبون على ذلك تَبِعة، أمّا أعدائهم فيصرّون على إخراجهم من إجماع الأمّة، وذلك للحكم بكفرهم مقدمة لتحليل سفك دمائهم.
من هنا يبرز دور "المجدد" في تأكيد الفرية ويُقرُّ -بإعتباره شيعيّاً- ويُصرُّ على القول بالتحريف، ويسوق لذلك الأدلّة، مستنداً إلى روايات ضعيفة السند أو قاصرة الدلالة، فيدعي ضياع ثلثي القرآن، وأنّ أسماء أئمّة أهل البيت عليهم السلام قد حذفت.. ولقصوره في اللغة عندما يعييه معنى أو تركيب آية؛ يعمد إلى القول بالتحريف في ذلك الموضع للتخلص من صداع؛ شرح النكتة، أو توجيه الإشكال، أو تفنيد الشبهة.
يذكر "المجدد" المزعوم: إنّ هذا القرآن هو قرآن عثمان، وهو قرآن محرّف، وإنّما يؤخذ منه تعبداً وتشريعاً، بمعنى؛ أنّ الأئمّة عليهم السلام أمروا بالأخذ منه والتعبد به على علّاته وتحريفه -كما يدعي- مع العمل بأحاديث أهل البيت معه.
إنْ كان الأمر صحيحاً في الواقع وكما يدعي الزاعم، فلا مناص له من معاملة الكتاب معاملة الكتاب الصحيح المنزّه المنزل من الله على رسوله، إلاّ أنّ شيئاً من ذلك أو جزءً منه ليس من أدبيات الزاعم وأخلاقه في التعامل مع كتاب الله، فهو لا يتورع عن إهانته والطعن فيه والتقليل من شأنه وإنتهاك قدسيّته!!
فهو ينتقد ويتحامل على المستنكرين لإحراق القرآن الكريم، ويرميهم بالسفاهة لحدّة إنفعالاتهم، فيرى أن لا داعي لذلك الضجيج وتلك الزمجرة، لأن التعبير عن الرأي حق مكفول، وهو يدين ردود أفعال المسلمين لأنّها تؤثر على أمثاله من القابعين في لندن، وعلى علاقته بالمجتمع اللندني، فهو يخشى على نفسه من مجتمع يفترض أنّه مُتحضِر، في الوقت نفسه؛ لا يتورَّع عن التعريض بدماءِ الشيعة عند طرحه لأفكاره المكفِّرة لهم والمحرِّضة على قتلهم، ومنهم من يعيش بين مجتمعات تكفيريّة..
إنّ القول بتحريف القرآن؛ هو محور إستماتة الملحدين والمنكرين للرسالة، فهم يطعنون في نسبة القرآن الكريم إلى الله سبحانه، ويعتبرونه جهداً بشريّاً، وقد حقق لهم "المجدد" الهدف بكل يسر وسهولة، بأدلّة من الممكن أنْ يجنح لها الكثير من ضِعاف الإيمان وأصحاب العواطف المرهفة ممن لم يتسلحوا بسلاح الوعي.
المحور الثالث:
محمّد وعلي خالقان رازقان!!
ساق المدعو في الغلو أدلّة كخيوط بيت العنكبوت، يستميل بها المحبّين للائمّة عليهم السلام ويدسَّ لهم أنواع السموم في أنواع العسل!
شعار "المجدد": محمّد وعلي خالقان رازقان؛ يستدل بقاعدة: حكم الأمثال فيما يجوز ولا يجوز واحد، فيسوق آية: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ }.
إنّ الشيعة تعتقد بمقامات المعصومين عليهم السلام، وأنّهم أعلى منزلة ممن سبقهم من الأنبياء والمرسلين والأولياء والأوصياء، وإنّ الله عزّ وجلّ قادرٌ على أنْ يجعلَهم خالقين رازقين، لكن ليس كما يذهب إليه المدعي، فالله جلّ جلاله يخلق الأشياء لا من شيء كان قبلها، وموسى عليه السلام يخلق من الطين كهيئة الطير، اي؛ يخلق من شيء لا من لا شيء!! أمّا أنْ يكون محمّدٌ وعليٌّ صلوات الله عليهما وآلهما قد خلقا الكون فهذا مما لا يقول به شيعي موحِّد، لا تنزيلاً لهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها، بل خوفاً من لعنة الغلو التي حذّروا منها عليهم السلام.
ليس ما يقول به المدعو وما يُظن أنّه مغالاة منه حقيقةً، ولا يمكن أن يصدر أو يجتمع مع النيل من المقدسات وتسفيهها وإمتهانها وإن إدعى أنّها من القسم الذي يؤمن به المخالفون..
إنّ ما يفتريه المدعي على المعصومين ما هو إلاّ معاضدةً وتاكيداً لما يُتهم به الشيعة من الغلو، إنّ ما يعتقدونه من علو مقامات المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم، لا يرضي من ساواهم بمن ناواهم حتى قالوا عليّ ومعاوية، لذا أنكروا فضائلهم وإتهموا المعتقد بها بالغلو..
إنّ "المجدد" جاء ليؤكد ذلك عمليّاً، ليس في نسبة الغلو إليه بل بإدعاء لوازمه، فيُنَفِر المسلمين من مذهب الحق، ويبيح دماء الشيعة لإدعائه الكفر نيابةً عنهم.
يتبع الحلقة الثالثة.. الخمس الممنوع!