حجم النص
بقلم هادي جلو مرعي
صوت كل وزراء الحكومة لقرار إلغاء الحصة التموينية ،ثم عادوا عنه بعد يومين نتيجة ضغط طبيعي من شعب إلتصق بالحصة التموينية وغحتمى بها لاكثر من عقدين من الزمن،ثم خرج قادة الكتل التي ينتمي لها هولاء الوزراء ليلعنوا القرار ويتبرأوا منه ،ووقع المالكي في الكمين قبل أشهر قليلة من الإنتخابات المحلية المزمعة في أبرل من العام القابل.
لطفا ،ولكن علينا أن نعترف بوجود مايشابه نظام البطاقة التموينية في بلدان أخرى من العالم دون أن نغالط الذين يقولون، إن هذا النظام متبع في العراق لوحده منذ أيام الحصار الأمريكي تسعينيات القرن الماضي وهو قرار من بنات أفكار (القائد الضرورة) كما كان يحب أن يسميه أنصاره بعد الخروج المخزي من مدينة الكويت في العام 1991 ،ففي الولايات المتحدة البلد الذي يقود الإمبريالية العالمية كما يحلو لزعماء من أمثال هوغو شافيز الفنزويلي أن يسميه يتوفر نظام الإعانات للفقراء والذين لم يحصلوا على فرص عمل،ولعل من أسباب نجاح الرئيس باراك أوباما في حملته الإنتخابية لولاية ثانية إن مؤشرات الإقتصاد الأمريكي والإنفاق الحكومي تؤكد إنخفاض معدلات طلب الإعانات خلال أسابيع قليلة سبقت الإنتخابات التي فاز فيها أوباما على نده العنيد ميت رومني.
كانت هدية لاترد قدمها المالكي لخصومه الألداء والذين يرغبون بالتعاون حتى مع الشيطان لإسقاطه قبل فترة وجيزة من الإنتخابات المحلية وفترة أبعد بقليل من الإنتخابات النيابية التي يريد المالكي المشاركة فيها بتحالف مختلف ،ففي مجلس الوزراء العراقي كان هناك مايمكن تسميته بالإجماع على قرار إلغاء الحصة التموينية التي يرى فيها الشعب العراقي مايشبه الحائط الذي يستند إليه المحارب وهو يحمل سيفه في مواجهة أعداء محتملين ،وفي ظروف إقتصادية وأمنية وسياسية غير مواتية لايبدو القرار حكيما البتة بل يشكل عامل تصعيد في الصراع بين الخصوم السياسيين الذين تبرأوا من وزرائهم المصوتين على القرار ورموا بالمسؤولية جهة المالكي الذي يراد له أن يظهر بمظهر من يحاول إجاعة شعبه وهذا ليس صحيحا بالتأكيد ولكن كيف تقنع مواطنا بغير ذلك وهو يبحث عن مواد غذائية لايجدها ويأتيه الخطاب ،إن المالكي هو من قرر إلغاء الحائط الذي يستند إليه؟ .
الوزراء الذين صوتوا للقرار كانوا يمثلون كيانات سياسية مختلفة ومتقاطعة في قضايا طائفية وقومية وسياسية من خارج سرب التحالف الشيعي ومن داخله ولايجمعها جامع سوى التخلص من المالكي العنيد،فهل كان الوزراء راضخين لأوامر المالكي وهل كانوا يخافونه أم إنهم كانوا متمردين على سلطة كتلهم التي جعلتهم في البرلمان ثم في الحكومة؟ وماهو الامر الجلل الذي يدفع وزراء محبطين غير مؤهلين ليتمردوا على كتلهم؟
الأمر برمته متعلق برؤية إقتصادية تقول ،إن الحصة التموينية تستهلك غالب أموال الميزانية ويعتريها فساد خطير ويمكن إستبدالها بإسلوب أكثر نجاعة ،وهذا ماأراد مجلس الوزراء تحقيقه ولن ينجح فيه فالعراق لايرتكز على بنية تحتية فاعلة ولاعلى إقتصاد حركي والشعب في غالبه عاطل عن العمل وبحاجة الى الطعام ،فهل كان الوزراء في حكومة المالكي قد تواطئوا مع كتلهم وصوتوا معه ثم إنتفضت الكتل وضحت بمجموعة وزراء لاوجود حقيقي لهم في ساحة الصراع من أجل هدف أكبر وهو التخلص من المالكي؟
لاادري ،إسألوا وكلاء الحصة التموينية.
[email protected]
أقرأ ايضاً
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- التعويض عن التوقيف.. خطوة نحو تطور التشريع الإجرائي