- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المسؤولية المدنية المترتبة عن استخدام الذكاء الاصطناعي
بقلم: نور علي مهدي / ماجستير قانون خاص
العدالة هي المسعى الأول لتشريع القانون، وبدونها تظهر النصوص عاجزة عن الإجابة، وبدخول الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة بمشاركته حياة الإنسان اليومية، وبسبب التطور المتلاحق لاستخدام هذه التقنية يؤدي إلى مضاعفة قدراته ويعمم استخداماته في ميادين عديدة لما يملكه من إمكانيات متطورة وقدرة على التصرف بشكل ذاتي دون الحاجة إلى بشر مما يصعب التحكم في تصرفات هذه التقنية مما يجعله مصدرا للمخاطر العامة لا سيما فيما يتعلق بالإضرار التي يمكن أن يسببها استخدام هذه التقنية لذا أصبح من الضروري الكلام عن المسؤولية المدنية الناشئة عن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهل يمكن اعتباره من قبيل الأشياء أم الأشخاص؟
نظم القانون المدني العراقي الأشخاص على نوعين طبيعي ومعنوي، فالطبيعي هو الإنسان الذي تثبت له الشخصية القانونية بما له من حقوق وما عليه من التزامات وهذه الشخصية لا يمكن بل من المستحيل إن تطبق على الذكاء الاصطناعي، أما الشخصية المعنوية فيكون له شخصية قانونية مستقلة تماما عن الأشخاص المكونين له، على هذه الشخصية يمنحه القانون العديد من الحقوق التي يتمتع بها الشخص الطبيعي إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان الطبيعي، وهدف جماعي يمكن تحقيقه ، ومن هنا لا يمكن اعتبار أنظمة الذكاء الاصطناعي شخصا معنويا وذلك لان القانون المدني العراقي حدد في المادة 47 منه من هم الذين يمكن اعتبارهم أشخاصا معنوية وعلى سبيل الحصر وإذا اعترف القانون بأنظمة الذكاء الاصطناعي على إن لها شخصية قانونية وبالتالي اعتبارها أشخاصا هذا لا يجوز لاختلاف الطبيعة الذاتية لكل منهما وأيضا الاعتراف بالشخصية القانونية يعني إن يرتب أثارا قانونية معينة في التمتع بالحقوق وأيضا في حال اعتبار إن لها شخصية قانونية سيؤدي الى تقليل مسؤولية الشركة المصنعة أو الشخص المسؤول عن برمجتها ومستخدميها وبالتالي ستكون أكثر خطرا ، والسبب الذي يمكن من خلاله يجب أن تتمتع بالشخصية القانونية هو التعويض عن الأضرار التي يمكن إن تسببها أنظمة الذكاء الاصطناعي إلا انه هناك العديد من السيارات والطائرات والحيوانات التي تسبب ضرر التي يتم التعويض عنها، مع ذلك لا يوجد نظام قانوني خاص بها ولا شخصية قانونية خاصة.
أساس المسؤولية هو السبب الذي من اجله يضع القانون عبء تعويض الضرر على عاتق شخص معين، وهو ما يمكن أن نعول عليه المسؤولية المدنية عن استخدام تقنيات وأنظمة الذكاء الاصطناعي على وفق نص المادة (231) من القانون المدني العراقي بقولها "كل من كان تحت تصرفه آلات ميكانيكية أو أشياء تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها يكون مسؤولا عما تحدثه من ضرر ما لم يثبت انه اتخذ الحيطة الكافية لمنع وقوع الضرر هذا مع عدم الإخلال بما يرد من أحكام خاصة"، وأيضا في رأيي يمكن إن تعد أنظمة الذكاء الاصطناعي من قبيل الأشياء وذلك لان لها وجودا أو كيانا مادياً يمكن إدراكه، وبالتالي يخضع لنص المادة 220 من القانون المدني بقولها "للمسؤول عن عمل الغير حق الرجوع عليه بما ضمنه".
يتبين مما سبق من نصوص المواد المذكورة أن المسؤولية تقع على عاتق الشخص الذي تحت تصرفه سواء كان المستخدم أم الجهة المصنعة في حال كان هناك خطأ من جانبها أم المبرمج إذا أخطأ في البرمجة.
أقرأ ايضاً
- دور الذكاء الاصطناعي في إجراءات التحقيق الجزائي
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- الآثار المترتبة على العنف الاسري