قبل كل شيء لابد من مقدمة متواضعة نحاول أن نعَّرف بها جمهور المسلمين من هو الحسين لأنه وعلى مر العصور والدهور واجهت هذه الشخصية إعلاما مظللا!! كاد أن يصد الناس عن الحقيقة الإيمانية الساطعة ولكن هل يستطيع إنسان أن يحجب ضوء الشمس عن الأرض؟ وهل يستطيع الناس أن يثيروا الغبار على السماء؟ وهنا اذكر كلمةً للأديب مصطفى الرافعي حين قال وهو يدافع عن الإسلام لو انقلب الناس جميعا إلى كناسين ليثيروا الغبار على السماء لبقيت السماء هي السماء.
فإذا مهما فعل المبطلون الحاقدون المنافقون ليثيروا الغبار الشيطاني على الحسين فسوف يبقى الحسين هو الحسين عالي القدر مرفوع الشأن. فالحسين منبعه وأصله هو .... جده رسول الله (صلى الله عيه وآله وسلم) والذي هو خاتم النبيين والمرسلين وسيد ولد آدم وخير من مشى على الأرض كلها والذي بعثه الله رحمة للعالمين والشفيع الأعظم يوم الدين وهو إمام لجميع الأنبياء والمرسلين. فهذا هو جده فأي حفيد في دنيا الأولين والآخرين كان له جد كرسول الله غير الحسين بن علي (عليه السلام).
وأما أمه فهي فاطمة الزهراء البتول سيدة نساء العالمين وبضعة رسول الله صفي الأولين والآخرين وهو القائل فاطمة بضعة مني من أحبها فبحبي أحبها، فأي ابنٍ عنده أم كفاطمة إلا الحسيــن بن علي وهو ابن علي بن أبي طالب ذلك المغوار الشجاع في ساحات الوغى والدفاع عن الإسلام والذي تربى في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الذي لم يسجد لصنم قط وهو فاتح خيبر وهو الذي قتل الكفر كله في يوم الأحزاب وهو أقضى الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والحسين هو اسم سماه رب العزة والجلال بأمر منه كما زوج أمه البتول من أبيه علي بأمر منه سبحانه وتعالى وكان يحمله (صلى الله عليه وآله وسلم ) على ظهره الشريف عند صلاته مع المؤمنين فيطيل السجود فيجيب حينما كان يُسأل عن سبب أطالته للسجود فيقول بكل رحمة وعطف وحنان لقد ارتحلني ولدي الحسين فخشيت عليه أن يقع أو كما قال (صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو الذي نطق عنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)فقال حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا والحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا وهما سيدا شباب أهل الجنة فأي تعريف وتكريم أكثر من هذا التعريف والتكريم.
وان كان من الحديث حديث ونحن نعيش ذكرى أربعينية استشهاد الأمام الحسين (رضي الله عنه والسلام) فلابد أن نقف عند نقطة جوهرية مهمة وهي الصراع في زمن الحسين اعني به الصراع بين الحق والباطل وبين الخير والشر بين الأيمان والكفر بين معاول الهدم ومعاول البناء حينما نتحدث عن الأمام الحسين ينبغي أن نقف عند هذه الأمور حتى لا نسقط في مزالق الهوى والشيطان فنكون من الخاسرين النادمين وهذا أمر وضحه الأمام (رضي الله عنه والسلام) وعلله عند خروجه من مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما سأله الصحابة (رضي الله عنهم) عن سبب خروجه من مدينة جده إلى الكوفة إلى ارض كربلاء فقال والله ما خرجت بطرا ولا أشرا ولا ظالما ولا مفسدا إنما خرجت للإصلاح في امة جدي آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر وهنا اعتقد أنها القضية المفصلية في تحديد ثورة الأمام الحسين وجهاده باعتبار انه لم يخرج بطرا ولم يخرج لطلب الدنيا وملذاتها ولم يخرج متعديا إلى احد من الناس ولم يخرج ظالما أو مفسدا لا سامح الله إنما خرج لأنه رأى اعوجاجا واعوجاجا حقيقيا يفسد الأمة ويظلم المؤمنين والبشرية أجمعين ذلك المتمثل في حكم يزيد وأعوانه والمدقق في نظرة الأمام الحسين يلحظ أن الأمام لم تنطو عليه أساليب المنافقين حينما يلبسون عباءة الإسلام فبموقه الجهادي كشفهم وبدمه الطاهر بيّن زيفهم فأصبحوا جفاءً لا ينفعون الناس لقد كان منهجهم بعيدا عن الإسلام الذي أراده جده (صلى الله عليه وآله وسلم) في وقت كانوا يخدعون الناس بإسلامهم المزيف وهذا هو شأن التطرف والنفاق في كل أوقاته وأحواله لابد له من رجال ورجال مخلصين لكي يقفوا بوجهه وينزعوا عبأته المكذوبة التي لطالما تستر بها باسم الإسلام كذبا وزورا وهذا الموقف ذاته الذي حدث مع الأمام الحسين حدث مع أحبابه في العراق يوم أن تكالبت علينا قوى الكفر والإرهاب والنفاق من القاعدة وأمثالهم فتحدثوا باسم الإسلام وقتلوا أبنائه عن طريق المفخخات والأحزمة الناسفة والاغتيالات الجبانة والتي حصدت أبناء العراق وعقوله العالمة والمتعلمة حتى ترجعه إلى عصر الجهل والعبودية والظلم والاستبداد والدكتاتورية وسلطة الرجل الواحد ولكن وقف أحباب الحسين في العراق موقف رجل واحد بوجه الإرهاب والتكفير والأجرام وأسقطوا قناع النفاق الذي لبسوه فترة من الزمن فوضح للعالم كله وجههم الحقيقي الأسود وهو وجه الإرهاب والتكفير والنفاق والقتل والذبح والتهجير فأصبحوا بمزبلة التاريخ لا قيمة لهم بين الشعوب والأمم وبقيت أصالة العراقيين ترفف بالسماء عاليةً خفاقةً كما رفرفت روح الأمام الحسين وارتفعت إلى ربها راضية مرضية وهو يقدم أهله وأبناءه وأصحابه وأتباعه قرابين لله سبحانه وتعالى وكما قدم العراقيون أنفسهم قرابين لله تعالى لأجل الحرية والوحدة والأمان فهنيئا لكم أيها العراقيون وأيها المؤمنون أينما كنتم على حب الحسين وآله وبغض النفاق وأتباعه وعظّم الله أجورنا وأجروكم بذكرى أربعينية استشهاد الأمام الحسين ورحم الله شهداء العراق الذين ماتوا على أيدي الإرهاب والتكفير والنفاق.
أقرأ ايضاً
- رمزية السنوار ودوره في المعركة
- فراس الاسدي.. (يا لك منْ مُستفز أبيضْ)..حين تكون قصيدتك صوتاً ورمزاً
- تواضع العظماء...وفتوى الجهاد