يؤدي التكدس الهائل للنازحين في قطاع غزة إلى عدم توفر سبل رعاية الأطفال، فضلاً عن مخاطر نفاد الأدوية، وانعدام اللقاحات اللازمة.
ويواجه نحو 900 ألف طفل فلسطيني في مراكز ومدارس الإيواء والنزوح في قطاع غزة خطر المجاعة والتعرض للجفاف، وكثيرا من الأمراض التي تهدد سلامتهم، في ظل غياب الرعاية الصحية اللازمة، وعدم توفر الغذاء الصحي أو السلامة الشخصية داخل تلك المراكز المكتظة.
وارتكبت إسرائيل منذ بداية عدوانه على قطاع غزة العديد من المجازر، ومسح أحياء سكنية كاملة، كما قام بجرائم الإعدام والإبادة الجماعية بحق المدنيين بعد أن استهدف البيوت، والمنشآت السكنية والتجارية والصحية، ما خلف نحو 30 ألف فلسطيني ما بين شهيد ومفقود، إضافة إلى عشرات آلاف الإصابات المُختلفة، وثُلث هؤلاء على الأقل من الأطفال.
وإلى جانب الاستهداف المباشر، يتعرض المدنيون لخطر المجاعة، وسوء التغذية، ويصابون بالنزلات المعوية، وأمراض الجهازين الهضمي والتنفسي، والأمراض الجلدية، بفعل إغلاق المعابر منذ اليوم الأول للعدوان، ومنع دخول المُساعدات الغذائية، والأدوية، والمستلزمات الطبية.
ووفق الإحاطة الأخيرة لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، فإن ما يزيد عن 1.8 مليون نازح يعيشون داخل مراكز الايواء ويتعرضون إلى مخاطر الجوع والبرد، وتفشي الأمراض والأوبئة، بينما نصفهم من الأطفال، وهم الفئة الأكثر هشاشة بفعل قسوة الظروف المعيشية، وغياب الخدمات الصحية، علاوة على انعدام مقومات الحياة.
ويقول مدير عام الرعاية الأولية في وزارة الصحة الفلسطينية، موسى عابد، إن “نسبة الأطفال في المُجتمع الفلسطيني تُقدر بنحو نصف عدد السكان، فيما يتجاوز عدد النازحين من الأطفال داخل مراكز الإيواء 50 في المائة من أصل 1.8 مليون نازح، والجميع يتعرضون للجفاف وسوء التغذية والأمراض التنفسية والجلدية، ويعانون بسبب البرد القارس، ومن نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، والمياه الخاصة بالاستخدام اليومي، وقلة النظافة الشخصية”.
وبلغت نسبة الضحايا الأطفال نحو 45 في المائة من أعداد ضحايا العدوان الإسرائيلي، والذين تجاوزون 21500 شهيد، و56 ألف إصابة. ويلفت عابد إلى “تسجيل العديد من أمراض الجهاز الهضمي في مراكز الرعاية الصحية الأولية، وفي مراكز اللجوء، من بينها الإسهال، إلى جانب مشاكل جلدية تتسبب فيها قلة النظافة الشخصية، وتؤدي إلى أمراض خطيرة مثل الجَرب، والذي تم تسجيل العديد من الحالات المصابة به داخل مراكز الإيواء”.
يتابع: “الخيام القماشية والبلاستيكية غير صالحة للعيش الآمِن، وتنتشر فيها العديد من الأمراض بفعل الزحام الشديد الذي يتسبب في انتقال أمراض الجهاز التنفُسي، مثل الالتهابات الفيروسية، والتي تؤدي إلى التهابات في الرئتين عند الأطفال، كما يؤدي نقص الطعام إلى سوء تغذية حاد، والعديد من المشاكل الأخرى، كالأنيميا، وأمراض الكساح، إلى جانب تفشي التهابات الكبد الوبائي”.
ويوضح عابد أن “الاحتلال قام خلال الحرب بتدمير نحو 90 في المائة من مراكز الرعاية الصحية الأولية، ما بات يهدد تقديم الخدمات، فيما لا تؤدي النقاط الطبية الميدانية الغرض المطلوب، خاصة في ظل وصول مخزون التطعيمات إلى الصفر، ما يُمكن أن يؤدي إلى انتشار أمراض مثل الحصبة وشلل الأطفال والتهاب السحايا، وبعض تلك الأمراض قد تؤدي إلى وفيات”.
ولا يتلقى الأطفال ذوو الإعاقة في مراكز الإيواء أية خدمات خاصة، ولا يتمكن كثيرون منهم من قضاء حاجتهم لعدم توفر الحمامات المُخصصة لهم، ولا يتمكنون من الحصول على العلاجات الخاصة بحالاتهم، كما أن هناك نقصاً كبيراً في الأدوية الخاصة بالأطفال أصحاب الأمراض المُزمنة، وكمية العلاجات الواردة الخاصة بالأطفال وكبار السن لا تتعدى 20 في المائة من الكميات التي يحتاجها القطاع الصحي.
ويُنذر انتشار الأوبئة والأمراض بارتفاع عدد الوفيات بشكل قد يفوق أعداد الضحايا الذين سقطوا خلال العدوان، إلى جانب المشاكل النفسية التي يُمكن أن يعاني منها الأطفال والنساء وكبار السن، مثل الصدمة، وآثار ما بعد الصدمة، وأمراض الاكتئاب والتوتر.
ويعيش مئات آلاف الأطفال في قطاع غزة في مناطق غير ملائمة لمُتطلباتهم اليومية، ولا يتوفر فيها أدنى مقومات الحياة من مسكن وملبس ومأكل، وسط دعوات إلى المؤسسات الأممية والجهات الدولية، بضرورة إيجاد آليات فاعلة وعاجلة تضمن التدخل الإنساني الحقيقي للحيلولة دون وقوع الكارثة، وذلك عبر توفير المأوى المناسب، وكميات كافية من الطعام والماء الصالح للشرب، والملابس، والأغطية، إلى جانب إقامة نقاط طبية طارئة في مراكز النزوح.
أقرأ ايضاً
- الحكومة العراقية تعدّل قراراً خاصاً بالتبرع من رواتب موظفيها الى لبنان وغزة
- مجلس محافظة كربلاء: عملية التعداد نجحت والباحثين وصلوا لأكثر من (404) ألف موقع
- الشرطة الاتحادية تُحبِط جريمة بيع طفل (من قبل والدته) في بغداد