بقلم:د. إبراهيم الجعفري
الالتزامُ سمةٌ أساسيَّةٌ في الشخصيَّةِ على صعيدِ السُلوكِ العمليِّ سواء في تطبيقِ النِظام العام للمجتمع أم باحترام الاعرافِ المتداولةِ ومراعاة المروءة الاجتماعيَّة؛ وهذا التعاطي بين الفردِ والمجتمع أيّاً كان يضفي عليهِ طابعاً من الحِكْمة مادامَ يأخذ منه ما ينبغي أخذه ويرفض
ما يفترض الابتعاد عنه.. وحين ينسجمُ الإنسانُ مع إجمالي حركةِ الوسطِ الاجتماعيّ الذي يحيطُ بهِ يشعر بأنّهُ متكامل معَهُ أو على الأقل غير متناقضٍ معه.. غير أنَّ ذلكَ لا يعني أنّهُ يرفضُ الجديدَ في السلوكِ ويقاوم ما لم يألفْهُ منه ويحاول جاهداً فرضَ هيمنةٍ حديديَّة على أفرادِ أسرتهِ
وجعل حركة أبنائهِ نسخة طبق الأصل من حركته بالجملة والتفصيل يقول الإمام عليّ عليهِ السلام "لا تقسروا أولادَكم على أخلاقكِم فإنّهم مخلوقون لزمانٍ غير زمانكم".. قد لا تتأثر لغتُهم ولا منهجيتُهم بالتعامُلِ بصورةٍ عامةٍ لكن تعاملَهم ببعضِ العاداتِ والتقاليد عرضة للتبدلِ ومدعاة للإبداع؛ فأسلوبُ الحلاقةِ وتنويعة الملابس وما شابه ذلكَ بما لا يخل بالآداب العامة يعكسُ تطورَ الذوقِ العام وحب التجديد.. فليسَ كلّ مقبول عرفي أو مرفوض عرفي يصح أنْ يكون مرفوضاً ومقبولاً دائِماً وإلّا لما تطورتْ الكثير من المظاهرِ الاجتماعيَّة وبقيت حبيسة الماضي؛ فأدواتُ النقلِ واللبس والطعام وغيرها متطورة معَ توالي السنين بل متنوعة بتنوعِ المجتمعاتِ حتى أنّ بعضَ مفرداتِ اللغة المستعملة تخضعُ لقانونِ "المراجعة والتجديد" لما يواكبُ الحياةَ ولا يتمرّد عليها شريطة الا يمسّ ثوابت الفكر أو يهتك عصمة القيم!!..
الالتزام يعني رفضَ التعاطي معَ الفكرةِ الجديدة المفارقة والسلوك المنتهك!!.. والتمسك "بالأصيلِ المواكب" ليس من وحيِّ عقدةِ المفارقةِ وانّما من وعيِّ جوهرِ المحتوى لما يدور حولنا وإعمال الإرادة بقبولِ الصوابِ المناسب والتخلي عن الفاسدِ والضار.. فكثيراً ما تصادف الإنسان عادةٌ في
المجتمعِ الذي يحيطه لا تقوى على الصمودِ أمامَ حُجةِ العقل أو سلامة الفطرة فسلب المرأة حقها في اختيارِ الزوج أو فرض موانع عليها لا تنسجمُ مع العقل والشرع كحجبها في البيتِ من دونِ مبررٍ أو منعها من الدراسةِ والانكى من ذلك فرض الزواج عليها ممن لا تقبل به ولا يناسبها!!
كما تحاطُ أحياناً المرأة بتحدياتٍ سلوكيَّةٍ سيئة تحطّ من قدرِها وتهدّد مستقبلها وتستعجلها للدخول بمشروع زواج مرتجل ما أنْ يبدأ بالإجبار إلّا وينتهي بالفشل.
أقرأ ايضاً
- كرة القدم والأجواء الحارّة.. الأضرار والمخاطر الصحية ومعالجتها
- كاتيوشا الانفلات والفوضى !!!
- طهر مدنك وتحدث عن الانفلات