حجم النص
هادي جلو مرعي لكل مدينة الحق في أن تنال حقوق سكانها الإقتصادية والأمنية والثقافية، وأن تحظى برعاية الحكومة القائمة، ويترتب على تلك الحكومة أن تبني الجامعات والمستشفيات ومحطات القطار والمرائب الخاصة بالسيارات التي تنقل المواطنين والمسافرين خارج تلك المدينة، وأن يكون فيها مطار يعزز من مكانتها وفرصها الإستثمارية لتواكب التطورات الكبرى في العالم، ومهما تقدمت العلوم وإتسعت المدارك كان لابد من توفير ضمانات العيش الكريم للسكان. من أيام واكبت هجمات ألكترونية ضد فكرة إنشاء مطار دولي في مدينة الناصرية التي تحتفظ بإرث حضاري كوني، ولديها مخزون ثقافي عجيب، وآثار تحتفظ بنكهة التاريخ المنبعث من زقورتها وأهوارها وأحيائها وصحاريها وتلالها والمدن العتيقة فيها، وكان أن سارع المسؤولون في الناصرية جنوب العراق الى إنشاء المطار بدعم محلي كبير من قبل مثقفين وأكاديميين وصحفيين لم يقصروا في إبراز حاجة المدينة الى مطار يخرج بها من سبات القرون الطويلة الى صحو الحياة والمستقبل المشرق كبقية المدن خاصة وإنها هي مهد سيدنا إبراهيم عليه السلام، وليس غريبا أن يصلها خلال الأشهر الماضية عشرون ألف سائح أجنبي كطلائع لأفواج سياحية من أوربا والعالم المسيحي لزيارة مهد إبراهيم بشغف وشوق. البابا بالغ في ذكر أور والمدن المقدسة في الناصرية، وأعلن مرارا إنه يرغب بزيارتها، ولم تكن الحكومة العراقية ببعيدة عن هذه الرغبة، وأعلنت إنها مستعدة لتوفير متطلبات نجاحها، ولعل إنشاء مطار دولي غرب الناصرية لايبعد عن مدينة أور وزقورتها الشهيرة، والبيت الذي ولد فيه النبي إبراهيم سوى 3 كم يمثل فائدة عظيمة لتأمين زيارة الحجيج من أوربا والسياح من كل أنحاء العالم، وهذا يتطلب المزيد من التحرك والشجاعة للنهوض بواقع المدينة الجنوبية الرائعة لتكون متقدمة على مسارات عدة في الإقتصاد والإستثمار والسياحة الدينية التي تحتاج الى طرق سريعة وآمنة ومطارات وفنادق فخمة، وأجزم إن المطار الذي تم إفتتاحه يمثل نقلة نوعية لأبناء المحافظة حيث لايبعد كثيرا عن مركز المدينة، وهو مفيد لسكان محافظة السماوة ومدن الناصرية الواسعة والممتدة. من شأن المطار أن يحرك عجلة الإقتصاد حيث سيوفر آلاف الوظائف في مجال العمل في منشآته، كما أنه سيدفع بإتجاه إفتتاح شركات ومكاتب للسفر، ويجذب المستثمرين، ويسهل وصول السياح الى الناصرية، ومن أهم الطرق لذلك هي الدعاية لبيت النبي إبراهيم ودعوة البابا لزيارة المدينة الأثرية والتبرك بالأراضي والمعالم المقدسة، كما أن المطار مجهز بمدارج هبوط ممتازة أشرف عليها الأمريكيون عندما إستفادوا من القاعدة العسكرية المجاورة وأهلوها بمبلغ 61 مليون دولار حيث إستقبل المطار طائرة اليوشن الروسية العملاقة ومجهز لإستقبال طائرات الإيرباص، ويبلغ عدد المدارج 3 وطول كل واحد منها يزيد على 3 كلم وبرج مراقبة من 11 طابقا بإمكانه مراقبة الأجواء من غازي عنتاب التركية، حتى الكويت ومناطق من إيران. سنكون سعداء بسماع خبر، إن البابا يصل الناصرية عبر مطارها الدولي، ويصلي عند منزل النبي إبراهيم، ويذرف دمعة على الإنسانية المعذبة.