حجم النص
بقلم:حيدر عاشور العبيدي الفاشل يتصور دائما إن الدنيا تتآمر عليه، وهو عادة يرى عيوب الناس، ويبالغ في انتقادها، وهو يحاول دائما تبرير فشله باتهام الناجحين على إنهم اتبعوا طرقا غير شريفة للوصول إلى ما هم عليه من نجاح، والمرض عادة يحطم أعصاب المريض، ويؤثر على منطقه واتزانه. لهذا فهو يتصور إن الشخص الذي أمامه يستغل ضعفه، ويحاول أن يفرض عليه رأيه، واذكر دائما إن غرور الجاهل لا حدود له! وهذا الغرور يعمي بصيرته ويهز عقله، ويسد أذنيه إذ هو يتصور انه أذكى من الشخص الذي أمامه، ويعتقد إن من الرجولة، وحفظ كرامته أن يتمسك برأيه الخاطئ، ويتوهم إن الضعيف هو الذي يقتنع برأي غيره..! وفي جلساتنا اليومية نجد الجاهل يحاول عادة أن يقنعك بصوت حنجرته لا بمنطقه وحججه انه يتصور إن الصراخ يغلب المنطق، وان الحناجر القوية قادرة على تحويل الضلالة الى صواب، والأكاذيب إلى حقائق. نقرأ ونسمع كل يوم في صحفنا المحلية والقنوات الفضائية دسامة الجهل والجهلاء حينما يكتبون عن أشخاص نجحوا في مسيرتهم الإبداعية، ولهم القدرة والملكة في كل لحظة أن يقدموا شيئا جديد ومتميزا وله تأثير ومؤثر. والفاشلون يراوحون بمحلهم لا يتقدمون خطوة بل يتراجعون خطوات.. هذا على صعيد من يمتلكون تاريخا في الإبداع ولهم اسمهم وبصمتهم في الإنتاج.. وبعد أن انطفئ ضوئهم الإبداعي ينافسون بجهل من هم تتلمذوا على أيديهم وفاقوهم في الإبداع والطرح الحداثوي القائم في عصر التقنيات الحديثة.. هنا علينا أن لا نحاسب الجاهل بعقلية المتعلم، ولا الفاشل بعقلية الناجح، ولا المريض بعقلية المعافى. الحمقى والجهلاء وأحكامهم الظالمة وتصرفاتهم المثيرة، عندما تتركهم يثرثرون من دون أن تبرر حماقاتهم وأحكامهم واطلاقاتهم المجانية والجائرة فأنك ستعيش حلاوة الدنيا وراحة البال...أما الذين يشغلون أنفسهم بمحاسبة الآخرين فلا ينامون الليل لان عملية الحساب تطرد النوم من العيون وتحول هدوء الليل إلى صراخ وضجيج وأضغاث أحلام. مثل هذه الأمراض المترسبة في نفوس الواهمين بأنهم أصحاء نقرأ عنها يوميا في الصحف وبعض الكتب والكثير من المجلات الثقافية والفنية. عليهم أن يراجعوا أنفسهم ليكونوا قدوة ومن إبداعهم مدرسة يرسو بمرساها المبدعين الجدد والذين فاقوهم إبداعا وأن يعترفوا بهم، في زمن فاق الصانع الأستاذ، وليتذكروا إن كبار المبدعين صنعوا لأنفسهم مجدا وتاريخا من خلال تلاميذهم الذين فاقوهم إبداعا وأصبحت لهم مدرسة مستمرة في الحياة.
أقرأ ايضاً
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- عقدة تشرين
- هل تفكك زيارة أردوغان العقد المستعصية بين بغداد وأنقرة؟