بقلم:عباس الصباغ
بعد التغيير النيساني المزلزل وسقوط اعتى ديكتاتورية حكمت البلاد ومن ثمّ دخول العراق في متون ديمقراطية توصف بانها ماتزال مبكرة ومن مخرجات هذه الديمقراطية ان النسيج المجتمعي العراقي لم يعد متراصّا ومنسجما بل منقسما على نفسه ، فالتشوهات الاجتماعية البنيوية التي اعتورت النسيج المكون للمجتمع الاهلي والتخلخل الواضح في تراتبية ذلك النسج اصبح من المسلّمات لوضع عقد اجتماعي جديد ينظّم ذلك النسيج الذي لم يعد مثل الاول كما كان اذ فقدَ التراتبية والتنظيم والعضوية الوظائفية التي كان يتحلى بها بسبب التصدعات السياسية التي ترافقها المناكفات والتجاذبات والتشظيات بين الفرقاء السياسيين والذين لا يدركون اهمية الانسجام الاجتماعي والتآلف المكوناتي للشارع ، وذلك للوصول الى درجة مقبولة وفي حدودها الدنيا من صور العقد الاجتماعي الذي ينظم العلاقة الوظائفية والتراتبية بين افراد المجتمع فيما بينهم وبينهم وبين الدولة ، ومن المؤسف له ان اغلب السياسيين العراقيين على كافة مشاربهم السياسية او مصادرهم الايديولوجية من اعضاء (المجتمع السياسي) هم غافلون او يتعمدون ذلك لمدى اهمية الانسجام والوئام الذي يجب ان يتصف به المجتمع الاهلي الذي هو مادة المجتمع السياسي ومرتكزه النوعي وجوهره البشري ولولاه لم تقم العملية السياسية او تستمر مهما كان شكلها ودرجة مقبوليتها وبدونه لن تقوم قائمة لتلك العملية . التشظي المكوناتي للمجتمع الاهلي إن لم يكن في صالح العملية السياسية يغدو النسيج الاجتماعي مجرد كتل بشرية لايربطها اي رابط مايعيد الى الذاكرة مذكرة الملك فيصل رحمه الله ماقاله حول المجتمع العراقي في ذلك الوقت (أقول وقلبي ملآن أسى، أنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد تكتلات بشرية خيالية خالية من أي فكرة وطنية، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سمّاعون للسوء، ميّالون للفوضى، مستعدون دائماً للانتفاض على أي حكومة كانت)، فهل تستمر التوصيفات حسب هذه الصورة التي خيبت آمال المرحوم فيصل الاول الى يومنا هذا ، وهل هي صورة ثابتة للمجتمع العراقي ام هي مؤقتة لها زمنها وظرفها الخاصان بها ؟ يبدو ان هذه التوصيفات مرتبطة ارتباطا وثيقا بطبيعة الشخصية العراقية كما يذهب العلامة علي الوردي وهي مرتبطة ايضا بظروف نشوء الدولة العراقية الحديثة فهي فلم تنشأ وفق اسس دولتية صحيحة فرافقتها اخطاء دولتية ملازمة لها، وهكذا بقية التاسيسات الدولتية الاخرى وليس انتهاء بالتأسيس الدولتي الاخير 2003 فيكون ارتباط الانسجام المجتمع الاهلي ارتباطا عضويا وحتميا مع انسجام المجتمع السياسي والعكس صحيح ، فبتراتبية الاحداث التي عصفت بالمجتمع العراقي يجب وضع عقد اجتماعي جديد يتآزر فيه المجتمعان السياسي والاهلي معا لكي لاتتكرر قصة الملك فيصل مرة اخرى .
أقرأ ايضاً
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- عقدة تشرين