ناشد ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في العتبة الحسينية المقدسة في 10- رجب – 1433هـ الموافق 1-6-2012 م الكتل السياسية بالابتعاد عن التراشق الإعلامي وتقديم مصلحة البلد على المصالح الفئوية الضيقة بقوله: إن ما يجري من ازدياد في حالة الشد والجذب والتراشق الإعلامي بين الأطراف السياسية، وكل طرف يهدّد الطرف الآخر والذي أدى إلى حصول حالة من الإرباك الشديد... فان كل ذلك سوف لا يؤدي إلا إلى المزيد من التعقيد في المشهد السياسي ولا يمكن أن تتحقق أي نتيجة مطلوبة لأي طرف من الأطراف .. ونحن بحاجة أن يدرك الجميع إن لا ثمرة مرجوة من ذلك، وان مصالح البلد والمواطن ستستمر بالتضرر بسبب هذا الوضع .. ولا حلّ إلا بان تقدِّم كل جهة مصالح بلدها ومواطنيه على المصالح الحزبية والفئوية والجهوية الضيقة.
وما يتعرض إليه الزائرون للعتبات المقدسة من خارج العراق إلى عمليات التفجير والتي ذهب ضحيتها عدد من هؤلاء الزائرين، أكد سماحته إننا في نفس الوقت الذي نقدِّر ونثمّن الجهود التي يبذلها الإخوة في الأجهزة الأمنية في محافظة الانبار ونعلم إنهم يبذلون ما يمكنهم من جهد لحماية الزائرين طوال الطريق الذي يمتد عدة مئات من الكيلومترات وهم يتألمون لما يجري على الزائرين ويبذلون جهودهم من الرعاية الطبية للجرحى ويحاولون حماية الزائرين، ولكن مع ذلك فبالنظر إلى النتائج المترتبة على هذه التفجيرات داخلياً وخارجياً، مطالبا الأجهزة الأمنية في محافظة الانبار إلى تكثيف جهودها ومحاولة الوصول إلى كيفية حصول هذه التفجيرات ومعالجتها السريعة لكي يستمر هذا التواصل وعبر طرق مدينتهم العزيزة الانبار.
أما ما يتعلق بملف الفساد واستشرائه في الكثير من المواقع قاف سماحته إن ذلك الملف يعطي صورة غير منظورة وبعضه مشرعن ( بأن يأخذ غطاءً شرعياً ) غير تلك الصورة الظاهرة فضلاً عن الواضحة، وكشف إن هناك دراسة قدّمها بعض المختصين أجدها نافعة للطرح ويمكن أن تحل الكثير من هذه الملفات لو تم الالتزام بها.
وأوضح إن مسؤولية معالجة الفساد تقع على عاتق الجميع، الدولة بمؤسساتها من الحكومة والمسؤولين ومجلس النواب والجهات المختصة والمواطن أيضا يتحمل شيء من المسؤولية، وهذه الدراسة تتضمن عدة محاور:
المحور الأول : إن دراسة واقعنا الحاضر من زاوية الفساد يمكن رصد الظواهر التالية فيه:
أ- إن الفساد منتشر في كثير من مفاصل الدولة.
ب- إن اغلب المسؤولين يعلمون بذلك ويقدرون خطورة الوضع على الدولة والوطن والمواطن ولكنهم جميعاً لا يعتبرون أنفسهم سبباً له أو جزءاً منه.
ج - إن الجميع ينتظرون أن يقوم غيرهم بوضع خطة لمكافحته وإنهم سوف يلتمسون من خلال تلك الخطة دورهم في تنفيذ ما هو موكل إليهم.
المحور الثاني :
من خلال النقاش الجدي مع بعض المسؤولين المخلصين يثيرون أسئلة يرونها محورية ومهمة في تفسير عجزهم عن مكافحة الفساد نذكر بعضاً منها:
السؤال الأول: إن الفساد استشرى في كثير من مفاصل الدولة فهل ينفع أن أعاقب موظفاً بسيطاً في دائرتي؟ وهل يؤدي ذلك إلى إصلاح الوضع؟!
السؤال الثاني: هل من العدل أن نعاقب موظفاً اخذ رشوة قليلة أو كان فساده قليلا ً في الوقت الذي نرى فيه مرتشين كبار يسرقون الملايين والمليارات ويأمنون العقاب؟!
السؤال الثالث: احتاج إلى مسؤولين أثق بهم واعرفهم عن قرب ولذلك اختار من أقربائي ومعارفي وأصدقائي، فإذا فعلت ذلك قيل: يوظف أقربائه وأصدقائه وإذا وظفت الغرباء فقد يظهر كونهم فاسدين أو غير موثوقين .. فماذا أفعل؟!
السؤال الرابع: في المناصب الحساسة نحتاج أكثر مما نحتاج في المناصب الأخرى .. إلى أشخاص تجتمع فيهم الكفاءة والنزاهة لكننا نجد هاتين الصفتين منفصلتين عن بعضهما ولا تتوفر إلا في القليل القليل! فهل نختار النزيه غير الكفوء أم الكفوء غير النزيه؟!
السؤال الخامس: الاتهامات على الأشخاص كثيرة والادعاءات كثيرة وما أكثر الاتهامات الكيدية والادعاءات الباطلة فهل اصرف وقتي في ملاحقة كل الادعاءات أم بعضها؟ وعلى أيّ أساس آخذ البعض واترك الآخر؟
السؤال السادس: إن الفاسدين الكبار والمحترفين يسلكون طرقاً ذكية لتحقيق مآربهم بحيث لا يعطون أي دليل على فسادهم فلا يمكن إثبات ذلك ويبقون في مأمن من الحساب والكتاب فكيف نحاسبهم ولا نملك أدلة كافية لإدانتهم؟
السؤال السابع: هناك فاسدون كبار لكنهم يؤدون خدمات مهمة لا يستغنى عنها، فإذا حاسبناهم أصبح مكانهم شاغراً فتعطّلت خدمة مهمة يحتاجها الوطن أو المواطن.
السؤال الثامن: هناك فاسدون كبار توجد كل الأدلة على فسادهم لكنهم يمثلون أرقاما هامة ويمثلون مواقع في المعادلة السياسية المعقّدة وأي تعرّض لهم يشكل خطورة على العملية السياسية أو التشكيلة الحكومية.
السؤال التاسع: هناك فاسدون صغار مارسوا فساداً صغيراً بسبب فقرهم فهل نحاسبهم كما نحاسب غيرهم؟
السؤال العاشر: هناك مسؤولون نزيهون لكن من يعمل تحت إمرتهم أشخاص فاسدون ولا يستطيع النزيهون منع الفاسدين من ممارسة الفساد فما هو العمل؟
وبعد استعراض هذه الأسئلة وفي ختام خطبته قال سماحة الشيخ الكربلائي إن هذه نماذج من الأسئلة التي يطرحها المسؤولون المتعايشون مع الفساد .. وأوعد إنه في الخطبة القادمة إن شاء الله تعالى يحاول أن يبيّن الإجابة عليها من خلال نهج الإمام علي (عليه السلام) في محاربة هذه الآفة الفتاكة.
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- البابا فرنسيس يتحدث في مذكراته عن لقائه بالسيد السيستاني دام ظله
- رئيس الوزراء يوجه وزارات الدولة بتقديم بياناتها حول مشروع طريق التنمية لشركة أوليفر وايمن
- ريبوار طه: السوداني وافق على نقل صلاحيات 5 وزارات الى كركوك