- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لمحات من السيرة العطرة لفاطمة الزهراء(ع) / الجزء الرابع
حجم النص
بفلم :عبود مزهر الكرخي
ونستمر في تكملة بحثنا والذي أجد فيه المتعة الكبيرة في تناول الجوانب المضيئة من حياة الزهراء روحي لها الفداء والتي هي تفتح لنا الكثير من الأمور التي يكون لنا فيها لبس وغموض وما أكثرها في مذهبنا والتي من المفروض أن نتسلح بهذه المفاهيم أمام الكثير من الطرف الأخر والذين ينصبون لنا العداء وليصل الأمر إلى تكفيرنا لأننا من المذهب الجعفري ومع العلم أن مذهبنا هو المذهب الأمثل للرسالة المحمدية ولديننا الحنيف والذي لا لبس فيه ولاغموض والتي يحاول الكثيرين تزوير الحقائق وإطلاق الأكاذيب عن مذهبنا في سبيل تسفيه مذهبنا وإفراغه من كل قيمه العظيمة وهو كما نردد ونقول استمرار للنهج الأموي والعباسي في النصب لمذهب أهل البيت أئمتهم منذ ذلك الزمن وحتى الوقت الحاضر ولإتمام الحجة ننقل ما قاله نبينا الأكرم محمد(ص) للإمام علي(ع) وكدليل على كلامنا قوله (ص) لعلي (ع): ((أن الأمة ستغدر بك بعدي و أنت تعيش على ملتي و تقتل على سنتي من أحبك أحبني و من أبغضك أبغضني وأ ن هذه ستخضب من هذا يعني لحيته من رأسه)).(1)
ولنأتي إلى أئمتنا المعصومين وهل لهم الولاية التكوينية والتي استمدت من جدهم الرسول الأعظم (ص) ولنسال هذا السؤال هل لهم الولاية التكوينية أئمتنا المعصومين(سلام الله عليهم أجمعين) ؟ والجواب قطعاً نعم ، وربما أحد المتسائلين يقول كيف هذا؟
فنقول نستشهد بحديث لرسول الله(ص) (علي عيبه علمي ).(2)
ومن هنا فأن أمير المؤمنين هو علم أمير المؤمنين والذي أعطاه رسول الله(ص) له وهو فيض آلهي أكرمه الله تبارك وتعالى وحباه به ولهذا فعلم علي(ع) هو علم وفيض من الله سبحانه وتعالى لأنه وصي وخليفة الرسول بعده وهذا يتطلب من المقدرات والفيض الآلهي لقيادة هذه الأمة ووهو آلهي المنشأ ليكون قادراً على قيادة الأمة وعدم الحيود عن هذه الأحكام الآلهية وهو علم وحكمة ليسن تقاس بالمقدرات الحسية الموجودة بل هي أنوار وألطاف آلهية خارج عن منظورنا وحساباتنا المادية العادية ن فالله سبحانه هو الذي اختاره وليا للأمة بعد الرسول (ص) وارتضاه هاديا لها بدينه القويم ونبراسا له في البشرية ومبلغا لأمره، وان لم يبلغ درجة النبوة بل أخذ هذه المهمات والمواقع والأدوار من الرسول (ص ).
ومن الطبيعي أن تنقل هذه الولاية التكوينية إلى أهل بيت رسول الله والتي من ضمنها أبنته فاطمة الزهراء(ع) لأنها بنت الرسول الأعظم والذي قال عن أبنته في وصفها (فاطمة أم أبيها)) وزوجة الوصي وأم الأئمة والتي من سلالتها والتي استشهدنا بحديث الأمام حسن العسكري (ع) في قوله عن الزهراء((أنها حجة علينا)). وهي سيدة نساء العالمين التي قال لها أبيها(ص)في اللحظات الأخيرة لوفاته الشريفة والتي ذكرتها عائشة وهو حديث معترف به من قبل كتب الصحاح والجماعة.
فمريم هي سيدة نساء عصرها وعندما نقرأ في قرآننا في قوله سبحانه وتعالى {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.(3)
فكان نبي الله زكريا(ع) يدخل عليها المحراب وكان الله تبارك وتعالى يكرم مريم بأن يرزقها بالطعام والشراب وينزلها إليها وهو يمثل الولاية التكوينية لهذه المراة الصالحة الطاهرة فكيف بفاطمة الزهراء وهي سيدة نساء الجنة والعالمين أي سيدة مريم وآسيا بنت مزاحم وجميع نساء الجنة والعالمين إلا تكون لها الولاية التكوينية والتي يكرمها الله بها ويعطيها هذه السلطة والتي يقول عنها نبي الرحمة محمد(ص) ((من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد وهي بضعة مني وهي قلبي الذي بين جنبي فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله))(4)والتي أوردنا هذا الحديث في بداية بحثنا .
ولنكمل الحجة بحديث رسول الله (ص) المسند والصحيح الذي يقول ((عن رسول الله (ص): قال: انا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، وحسن وحسين ثمرها، وشيعتنا ورقها)).(5)
فمن المنطقي والواقعي ان تكون لها الولاية التكوينية ليكون بعدها الامتداد الطبيعي أئمتنا المعصومين(سلام الله عليهم أجمعين) لأنهم يورثون مواريث الأنبياء ولديهم مفاتيح العلم والحكمة.لأن الله تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}. (6)
والتي سوف نورد حادثة والتي سوف نعرج عليها في أجزائنا القادمة في حادثة فدك والتي تؤكد ماذهبنا اليه وهي :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام عن سلمان الفارسي : انه استخرج أمير المؤمنين من منزله ، خرجت فاطمة حتى انتهت إلى القبر ، فقالت : خلوا عن ابن عمي ، فوالذي بعث محمداً بالحق لئن تخلوا عنه لا نشرن شعري ولا ضعن قميص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على رأسي ولا صرخن إلى الله ، فما ناقة صالح بأكرم على الله من والدي . قال سليمان : فرأيت والله اساس حيطان المسجد تقلعت من اسفلها ، حتى لو أراد وتعالى بعث اباك رحمة فلا تكوني نقمة ، فرجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من اسفلها ، فدخلت في خياشيمنا )) (7) .
* وفي مشارق انوار اليقين ص 86 مثل هذا الحديث ولكن باختلاف وهو : « ثم رفعت جنب قناعها إلى السماء ، وهمت ان تدعو فارتفعت جدران المسجد عن الأرض وتدل العذاب ... وهناك بعض الأحاديث أنه أمير المؤمنين(ع) وهو يساق الى الخليفة أبو بكر قد أمر سلمان المحمدي برد فاطمة(ع) عن دعوتها لمعرفته بما يعني دعائها حيث قال الإمام علي(ع) أذهب إلى فاطمة فأنها لو دعت لخسفت الأرض بهؤلاء والتي في إحدى الكتاب يذكر ان أمير المؤمنين قد سمع إن جنود من الملائكة وبيدهم حراب من نور قد تهيئوا لإجابة دعوة الزهراء روحي لها الفداء.
ولنسمع ماذا يقول الخميني(قدس سره) في هذا الموضوع الذي يرى ثبوت الولاية التكوينية للصديقة الطاهرة فاطمة حيث يقول ما نصه :
« وثبوت الولاية والحاكمية للإمام عليه السلام لا تعني تجرده عن منزلته التي هي له عند الله ، ولا تجعله مثل من عداه من الحاكم فان للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية
وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون ، وان من ضروريات مذهبنا ان لائمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، وبموجب مالدينا من الروايات والأحاديث فان الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام كانوا قبل هذا العالم انواراً فجعلهم الله بعرشه محدقين ، وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلاّ الله وقد قال جبرئيل ، كما ورد في روايات المعراج لو دنوت انملة لا حترقت ، وقد ورد عنهم عليهم السلام : ان لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ومثل هذه المنزلة موجودة لفاطمة الزهراء عليها السلام لا بمعنى انها خليفة أو حاكمة أو قاضية ، فهذه المنزلة شي آخر وراء الولاية والخلافة والأمرة ، وحين نقول : ان فاطمة عليها السلام لم تكن قاضية أو حاكمة أو خليفة فليس يعني تجردها عن تلك المنزلة المقربة كما لا يعني ذلك انها امرأة عادية من المثال ما عندنا » (8) .
ووفي ختام مبحثنا عن الولاية التكوينية نسوق هذا التحليل والمنطقي للكاتب والباحث فاضل المسعودي وفيه يقول :
{كلنا يعرف كيف إن آصف بن برخيا الذي كان وزيرا لسليمان عنده علما من الكتاب وكان عنده أيضا اسم الله الأعظم على ما قيل واستطاع من خلال ذلك التصرف في التكوينات حتى بعرش ملكة سبأ في أقل من طرفة عين ، فإذا كان هذا ثابت لوزير نبي الله سليمان فما ظنك بأهل البيت عليهم السلام الذين هم أفضل من جميع الأنبياء ما خلا نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فأنهم أفضل وأعظم في هذه الولاية وتوجد عدة أدلة على ذلك ، فان آصف برخيا ، استخدم ولايته بما عنده من اسم الله الأعظم بينما عندنا أحاديث مأثورة وشواهد تدل على إن أهل البيت عليهم السلام كان عندهم اسم الله الأعظم وخصوصا ان الأحرف التي عندهم من اسم الله الأعظم أكثر من الأحرف التي كانت عند آصف بن برخيا ، فلقد ورد في الحديث الشريف عن أبي جعفر عليه السلام قال : « ان اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً ، وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ، ثم عادت الأرض كما كانت ، أسرع من طرفة عين ، ونحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف واحد عند الله استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم (9) (10) . وأيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « ان الله عز وجل جعل اسمه الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا فأعطى آدم منها خمسة وعشرين حرفاً وأعطى نوحاً منها خمسة عشر حرفاً وأعطى منها إبراهيم ثمانية أحرف وأعطى موسى منها أربعة أحرف وأعطى عيسى منها حرفين وكان يحي بهما الموتى وببريء بهما الأكمة والأبرص وأعطى محمد صلى الله عليه وآله وسلم اثنين وسبعين حرفا و احتجب حرفا لئلا يعلم مافي نفسه ويعلم ما نفس العباد » (11) .}(12)
زواج النور من النورة
نأتي الآن إلى باب مهم مهم وهو باب زواج أمير المؤمنين(ع) من فاطمة الزهراء والذي يجب أن نبحث هذا الأمر لعظمة هذا الزواج والذي كان من السماء وبأمر من الله تبارك وتعالى وبمباركة منه لأن من ذريتهما الأئمة المعصومين النسلة الطيبة لنبينا الأكرم محمد(ص) وهم حجج الله في الأرض إلى يوم الدين، حيث كان زواجه روحي له الفداء من الحوراء فاطمة (ع) بأمر السماء إذ قال رسول الله لعلي بينما كانوا في المسجد : هذا جبرائيل أخبرني أن الله قد زوجك فاطمة وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك، فأي مكانة لأمير المؤمنين(ع) في السماء وعند الله ورسوله الذي يأتي أمر الله في تزويجه من الحوراء فاطمة الزهراء(ع)بنت رسول الله (ص) وبضعته الذي يغضب لغضبها ويفرح لفرحها وأي سر الهي في تزويج هذين القمرين لكي ينجبا عترة رسول والأئمة المعصومين حجج في الله في الأرض.
ولنأتي الى الحاثة بالتفصيل لزواج النورين (ع) حيث :
ففي العيون عن الحسين بن خالد عن المولى الرضا ( عليه السلام ) مسندا إلى أمير المؤمنين ، قال : قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي ! لقد عاتبني رجال من قريش في أمر فاطمة وقالوا : خطبناها إليك فمنعتنا وزوجت عليا ؟ فقلت لهم : والله ما أنا منعتكم وزوجته ، بل الله منعكم وزوجه ، فهبط علي جبرئيل فقال : يا محمد ! إن الله جل جلاله يقول : (( لو لم أخلق عليا لما كان لفاطمة ابنتك كفء على وجه الأرض ، من آدم فمن دونه)).
وفد تقدم لخطبتها أشراف العرب بدءً من أبو بكر إلى عمر وعثمان وحتى عبد الرحمن بن عوف لأنه نسب وعظيم ما بعده نسب وفخر لكل العرب. ولكن كلهم تم رفضهم لماذا لأنه لايوجد كفء لفاطمة(ع) إلا علي وهذا مصداق لحديث سيدي ومولاي جعفر الصادق(ع)
وفي الأمالي قال الصادق ( عليه السلام ) في حديث : (( لولا أن أمير المؤمنين(عليه السلام ) تزوجها لما كان لها كفء إلى يوم القيامة على وجه الأرض آدم ومن دونه )) .
ولنثبت الحجة ونذكر ماقاله المحدثون في ذلك
وفي معاني الأخبار عن يونس بن ظبيان عن الصادق ( عليه السلام ) : « يا علي ! لولاك لما كان لها كفء على وجه الأرض » .
وجاء في حديث الأمالي عن يونس بن ظبيان بلفظ « إلى يوم القيامة على وجه الأرض آدم ومن دونه » .
وروي في كتب المخالفين : إنه « لولا علي لم يكن لها كفء » .
وقيل في معنى البتول : « إن فاطمة تبتلت عن النظير وعن الرجال » .
وروى محمد بن جرير الطبري الشيعي في كتاب « دلائل الإمامة » كلا المضمونين.(13)
ولنأتي لتحليل أسباب ها الزواج الكفء وماهي حيثياته فمن المعلوم أن الأمام علي(ع) هو نفس رسول الله كما في ذكر في آية المباهلة ولكن ليس على الحقيقة لأن التماثل بين الاثنين محال على أرض الواقع ولكن هو الأتحاد المجازي ومن خلال الطروحات فالنبي محمد(ص) اولى بالمؤمنيم كما قي قول الله تبارك وتعالى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}. (14)
وأمير المؤمنين هو ولي كل مؤمن كما نص في ولايته صراحة في غدير خم وحتى في الكثير من احاديث الرسول (ص) وحتى في آية التصدق بالخاتم التي تقول {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}.(15)
فهذا نص صريح على ولايته ولهذا كان علي(ع) هو نفس الرسول ويماثله في كمالاته النفسية والرسالية ولكن لم ترتقي إلى مستوى النبوة ومن هنا كان الاتحاد بين النبوة والإمامة لترتقي الدرجة المثالية في الرسالة المحمدية وكانت الأفاضات الآلهية هي من هذا النوع على الأثنين.
ولنأخذ هذا التحليل من موقع الميزان ماذا يقول
"فكما كان أمير المؤمنين مساويا للنبي في كل شئ إلا النبوة ، فكذلك كانت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) مساوية وكفوا لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) في كل شئ إلا الإمامة والإطاعة بلحاظ الزوجية ، قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) وقال تعالى : ( وللرجال عليهن درجة ) أما في غير هذين الموردين ، فقد قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) في حق فاطمة ما قاله في حق أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، من قبيل قوله ( صلى الله عليه وآله ) « إنها روحي ونفسي وقلبي وبضعتي وثمرة فؤادي ونور بصري وفلذة كبدي وشجنتي ، وإنها مني وأنا منها » وغيرها مما ورد في كتب الفريقين مما لا يعد ولا يحصى .
فالإتحاد المعنوي النبوي والعلوي جار في وجود سيدة العصمة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، ( ولا شك أن فاطمة خلقت لأجل علي ، وأن عليا خلق لأجلها ، وأنهما كفوان ومتحدان لا يفترقان في عالم الأبدية بلا شائبة وريبة ) ". (16)
فهذين النورين قد خلقا قبل آدم في عالم النوار والملكوت ومن هنا كان لايد من أن يكون كفوئين فيما بينهما .
وفي الحديث عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « يا علي أنت نفسي التي بين جنبي ، وفاطمة روحي التي بين جنبي » .
فأمير المؤمنين ( عليه السلام ) نفس النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وفاطمة روح النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد يقال : أن الروح أرفع وأعلى منزلة من منزلة النفس ، ولكن الروح والنفس متحدان في بعض الجهات ويحملان على معنى واحد ، أو أن هذه المقالات من الأمور الاعتبارية الإضافية ، فتطلق كما هي حسب الموارد إعظاما للمقام . لأن اروح والنفس واحدة تكمل الأخر.
{ويقول أحد العلماء المعاصرين : عيسى ( عليه السلام ) روح الله ، وفاطمة ( عليها السلام ) روح النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وهذه النسبة إلى الساحة الإلهية دليل الأفضلية ، فيكون عيسى ( عليه السلام ) أفضل من فاطمة ( عليها السلام ) ، ثم إن مقام الذكورة أفضل من مقام الأنوثة ، والرجال أفضل من النساء ! ! ولكن هذه المرأة أفضل من رجال العالمين ، تفوقهم جميعا شرفا وفضلا وأولوية ، وليس في عالم الأرواح والأنوار والعقول والنفوس عنوان الأنوثة ، وأشباح هذه الهياكل المقدسة تمتاز عن الأشباح الملكية الحسية الأخرى .
ويشهد لذلك الأحاديث المعتبرة المتواترة عن الأئمة البررة ( عليهم السلام ) ; منها ما روي في البحار : « كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يطيعها في جميع ما تأمره » وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يأمر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أحيانا فيقول : « يا علي أطع فاطمة ( عليها السلام ) » ويأمر فاطمة ( عليها السلام ) فيقول : « أطيعي عليا » .
وإنما يأمر عليا بطاعتها لعصمتها وصواب رأيها ولأنها لا تخطأ ، وكأن رأي فاطمة رأي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولذا قال ( عليه السلام ) : « عاشرت فاطمة تسع سنين ، فلم تسخطني ولم أسخطها ».
وهذه من الخصائص الفاطمية والمزايا النبوية ، وسيأتي شرح الحديث في باب العترة الزكية إن شاء الله تعالى . ولذا كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) - وهو أعظم الأولياء الكاملين والنفس المقدسة لحضرة خاتم المرسلين وسلطان العالمين - يباهي ويفتخر بزواجه بفاطمة الزكية ، وقد حرم الله عليه الزواج بغيرها ما دامت حية ، وجعلها كفوا لا كفو لها إلا علي ، فيكفي في جلالة قدر فاطمة أنها كفو أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وأن النساء حرمت عليه مع وجودها .
ويكفي في جلالة قدر علي أن تكون كفوه امرأة كفاطمة في فخامة النسب وعظمة الحسب ، كفو لا ند له ولا نظير ، فهي الكاملة من جهات الإنسانية ، والمنزهة من النواقص ، صلوات الله عليها وعلى أبيها وعلى بعلها وعلى ولديها }.(17)
وفي جزئنا القادم سوف نستكمل في بحث موضوعنا الممتع والذي يخص الحوراء الإنسية سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء(عليها السلام) أن شاء الله إن كان لنا في العمر بقية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ أخرجه الحاكم ص147 من الجزء الثالث من المستدرك وصححه، وأورده الذهبي في تلخيصه معترفاً بصحته.
2 ـ فضائل الخمسة من الصحاح السته ج 2 ص 233 عن عدة مصادر .
3 ـ [آل عمران : 37]
4 ـ كشف الغمة : 1 | 467 ، الفصول المهمة : 128 ، نور الأبصار : 52 ، ونزهة المجالس : 2 | 228.
5 ـ http://alkafeel.net/forums/showthread.php?1034
6 ـ [الأنبياء : 26، 27]
7 ـ المناقب : 3 | 118 .
8 ـ الحكومة الاسلامية : 52 .
9 ـ أي لا يقع من هذه الأمور أو غيرها إلا بإرادة الله وقدرته سبحانه .
10 ـ الكافي : 1 | 286 ، بصائر الدرجات 4 | 228 ح 1
11 ـ بصائر الدرجات : 4 | 229 .
12 ـ كتاب الأسرار الفاطمية محمد فاضل المسعودي ص 260 ـ 261
13 ـ موقع الميزان للدفاع عن فاطمة الزهراء(عليها السلام).
http://www.mezan.net/zahraa/khasaes/09.html
14 ـ [الأحزاب : 6]
15 ـ [المائدة : 55]
16 ـ موقع الميزان للدفاع عن فاطمة الزهراء(عليها السلام).
http://www.mezan.net/zahraa/khasaes/09.html
17 ـ نفس المصدر.
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول