حجم النص
كان يوما مليئا بالرمزية لعراق حازم جديد وتواق لتغيير سمعته، حيث كان منبوذا اقليميا، وبلدا في غاية الخطورة، ومختلا وظيفيا، ومتهما للغاية - لارتباطه بكل من ايران والولايات المتحدة - بعدم انجاز اي شيء طموح جدا بالنسبة لقمة يحضرها الزعماء العرب. هكذا وصفت صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية الواسعة الانتشار اجتماع الزعماء العرب وممثليهم في بغداد الخميس الماضي.
وانفجرت قذيفة هاون بمقر السفارة الايرانية على مقربة من المنطقة الخضراء المحصنة، حيث مكان التجمع.
ونقلت الصحيفة أن القادة العرب، الذين يرتدون الزي التقليدي الخاص بهم، مشوا فوق السجاد الاحمر عبر القصر الرئاسي الغني الذي تم تجديده بشكل رائع، والذي كان حتى قبل سنوات قليلة يأوي الجنود الاميركيين والدبلوماسيين.
ووصفت الصحيفة تنقل النوادل المنحنين ممن يحملون صواني الشاي والعصائر لكبار الشخصيات الذين ينزلون من سيارات الليموزين، وتقديم الوان الطعام وأبرزها التمر المغطى بالذهب من عيار 24، حيث سعى العراق لاظهار المعايير الباهضة التي عادة ما تقدم لحدث بهذه الاهمية.
وقال وزير الخارجية العراقي في مؤتمر صحفي له بعد انتهاء الحدث "هذا البلد الذي عزل وتم تجاهله ومقاطعته وفرضت عليه العقوبات، الآن قد عاد".
وما بدا في التجمع كان قليلا ازاء انفاق 500 مليون دولار. وأثار الأمر استياء الكثير من عامة العراقيين الذين يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم في البلاد ذات الاقتصاد البطيئ النمو. ورأى العراق الحدث فوق كل شيء فرصة لابراز هويته العربية، بعد عقود من العزلة التي تلت احتلال الكويت في 1990، وبعد ارتقاء الحكومة ذات النفوذ الشيعي التي تتجنبها حتى الان معظم دول المنطقة ذات الغالبية السنية.
وجاء البيان الختامي للقمة واضحا، ومع ذلك، فان الجامعة العربية تخفف الآن من لهجتها تجاه سوريا، بالنظر للخلافات بشأن كيفية تحقيق تقدم، وفشل الجهود العربية السابقة في تقديم حل. وأيدت القمة بعثة مبادرة السلام لمبعوث الامم المتحدة كوفي انان، ورفضت ضمنيا التدخل العسكري الاجنبي في سوريا.
وصرح نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية بأنه على الامين العام للامم المتحدة من الآن أن يتخذ قرارا بشأن سوريا، وهذا الأمر أيضا مسؤولية الشعب السوري ليقرر مستقبله، واشار، وعلى ما يبدو متراجعا عن الدعوة السابقة للرئيس السوري بشار الاسد للتنحي، إلا أن روسيا والصين صوتتا في مجلس الأمن على قرار تأييد مقترحات الجامعة العربية. وقال ان "مجلس الأمن هو الطرف الوحيد الذي يملك صلاحية اصدار قرارات ملزمة، والآن الملف السوري تم ارساله لمجلس الامن".
ولم يثر السؤال فيما اذا كان يجب ارسال أسلحة إلى المعارضة السورية. وحتى ممثل المملكة العربية السعودية، الذي كان من أكثر ممثلي الدول العربية المتشددة حول سوريا، لم يأت على ذكر سوريا في موجز كلمته. أما قطر فلم تتحدث على الاطلاق.
وكان مبعوثا السعودية وقطر سفراء، بين العديد من الممثلين من ذوي المناصب المتدنية نسبيا في القمة المخصصة للملوك والرؤساء. ولم يأت من الرؤساء الذين يبلغ عددهم 20 سوى 9، وكان معظمهم من البلدان التي ليس لها نفوذ في الجامعة العربية. وارسلت سلطنة عمان رئيس البرلمان ليمثلها. إلا أن المسؤولين العراقيين على الرغم من ذلك، قالوا إنهم فرحوا لرؤية جميع البلدان التي دعوها قد حضرت على الأقل. وقال زيباري "انهم يمثلون زعماءهم، ونحن موافقون على ذلك". ولم توجه الدعوة الى سوريا التي علقت عضويتها في الجامعة العربية.
واعتبرت الصحيفة أمير الكويت "النجم المفاجأة"، نازلا من طائرته الخاصة إلى مطار بغداد حيث كان في استقباله رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بقبل على الخد، في اشارة إلى ما يبدو إعلانا لنهاية العداء الذي تواصل منذ اجتياح الكويت قبل 22 عاما.
واعتبرت الصحيفة التجمع أيضا انتصارا للمالكي، الذي يعزز من سلطته بشكل ثابت على حساب شركائه من التحالف السني في الحكومة. والتقى بكل الضيوف في المطار مظهرا نفسه في كاميرات التلفزيون على أنه مهندس العراق الذي يستعيد علاقاته بشكل سريع بالدول العربية التي دعمت منافسيه السنة لوقت طويل. وأخبر المجتمعين أن "مصدر قوة العراق وثرائه هو وحدته العربية" في القمة التي رأسها الرئيس العراقي الكردي جلال طالباني.
ورأت الصحيفة أن الانفجار في السفارة الإيرانية قوض مفاخر الحكومة في اختتام أعمال القمة من دون حوادث، على الرغم من أن الانفجار مر من دون أن يسمع في قاعة المؤتمر داخل القصر الشاسع، وتفاجؤ كل من زيباري والعربي حين تم سؤالهما عن الحادث من قبل الصحفيين. وأشارت أخبار إلى انفجار قذيفة هاون أخرى قرب حي شيعي في بغداد، في تذكير بصعوبة تأمين المدينة. ولم ترد أخبار عن ضحايا.
وفي أعمال القمة، كان في الواجب نحو 100 ألف شرطي وجندي على الأقل حيث استدعي بعضهم من مناطق أخرى من البلاد، بينما فرض حظر على التجوال وعلقت خدمة الهاتف النقال.
أقرأ ايضاً
- العراق يعرض الوساطة بين واشنطن وطهران
- وزير الخارجية العراقي: وجود أسلحة خارج الدولة أمر غير مقبول
- بغداد تفاوض واشنطن لإعادة الأرشيف الوطني العراقي