وسط أجواء مشحونة بالتوتر بين بغداد وأربيل وفي خطوة تصعيدية جديدة، أكدت حكومة إقليم كردستان، اليوم الخميس، أن تسليم إيراداتها الداخلية مرهون بتسليم الحكومة الاتحادية كافة استحقاقات إقليم كردستان من الموازنة وليس الرواتب فقط.
ويبقى ملف النفط والإيرادات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان أحد أكثر الملفات تعقيداً، حيث تتقاطع فيه الجوانب القانونية والسياسية، وبينما تسعى الحكومة والبرلمان لتسوية الإشكالات عبر تعديلات قانونية وإجراءات رقابية، يبقى الالتزام من جانب الإقليم محوراً أساسياً لضمان حقوق الموظفين وتعزيز الاستقرار في العلاقة بين الطرفين.
وقال المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هوراماني في مؤتمر صحفي، إن “الوفد التفاوضي لحكومة إقليم كردستان التقى مع بغداد مع ممثلي وقناصل الدول في أربيل، وتألف وفد الاقليم من سفين دزيي رئيس دائرة العلاقات الخارجية، واوميد صباح رئيس ديوان مجلس الوزراء، واوات الشيخ جناب وزير المالية والاقتصاد، وكمال محمد وزير الكهرباء ووزير الموارد الطبيعة بالوكالة، وعدد من الوزراء ومدراء الدوائر في حكومة إقليم كردستان”.
واضاف ان “الاجتماع بحث العلاقات بين أربيل وبغداد، والمستحقات المالية لاقليم كردستان، وتصدير نفط كردستان، وكذلك تم بحث الاوضاع في العراق والمنطقة والعديد من القضايا الاخرى”، مشددا على ان “حكومة إقليم كردستان مستعدة لتسليم الايرادات الداخلية الى بغداد وقلنا ذلك مراراً، ولكن بشرط إرسال حصة إقليم كردستان من الموازنة بالكامل وليس الرواتب فقط”.
وحول توجه أي وفد من حكومة الاقليم الى بغداد لبحث موضوع رواتب الموظفين، قال بيشوا هوراماني “حتى هذه اللحظة لا يوجد قرار بإرسال وفد من وزارة المالية والاقتصاد او أي وفد حكومي الى بغداد”.
وبين اننا “على مستعدون لبيع النفط عبر شركة سومو، لكن من الذي أبطأ عملية استئناف تصدير النفط وتسبب في خسائر للعراق بأكثر من 25 مليار دولار؟، بالطبع لم تحدث أي انتهاكات من جانب حكومة إقليم كردستان ولكن حدثت من جانب الحكومة الاتحادية، وحتى لو كان رئيس الوزراء العراقي يريد حل هذه المسألة، ولكن هناك قوى وأطراف أخرى تمنع تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين أربيل وبغداد بشكل رسمي”، على حد تعبيره.
وأوضح هوراماني أنهم “أبلغوا ممثلي وقناصل الدول المشاركة في اجتماع اليوم، أن في جميع بلدان العالم وبلدانكم هناك العديد من المكونات والاديان المختلفة، لكننا لم نسمع قط عن قطع رواتبهم او تجويعهم، ولذلك يجب ان يكون هناك موقف مما يحدث بين حكومتي إقليم كردستان والحكومة الاتحادية”، وفق تعبيره.
وشدد على ان “التجويع والمعاملة التي تمارسها الحكومة العراقية ضد شعب كردستان ليس له أي مبرر”، مضيفا انهم “قدموا كافة البيانات والأرقام والإحصائيات اللازمة حول مخالفة الاتفاقيات التي جرت بين أربيل وبغداد لممثلي وقناصل الدول المشاركين في الاجتماع”.
ولفت الى أن “اقليم كردستان لطالما كان عامل استقرار في المنطقة والطرف الذي يتم من خلاله حل المشاكل، ومستمرون على هذا النهج ولا نريد تعطيل السلم المجتمعي والسياسي في العراق”.
وكانت لجنة المفاوضات في حكومة إقليم كردستان عقدت، صباح اليوم الخميس، اجتماعاً موسعاً لتستعرض من خلاله أمام ممثلي دول العالم من سفراء وقناصل، كافة الخلافات بين بغداد واربيل بشأن الموازنة والرواتب والنفط.
وشهدت الأجواء بين بغداد واربيل خلال الأيام الماضية، توترا و”حربا بالبيانات” بين إقليم كردستان ووزارة المالية الاتحادية، بشأن الخلافات على مبالغ الرواتب حيث لا تزال رواتب شهر كانون الأول 2024 لم يتم صرفه للموظفين في كردستان حتى الان، فبينما تؤكد وزارة المالية الاتحادية انها أرسلت أموال كردستان بالكامل فيما يخص الرواتب، تنفي مالية كردستان ذلك وتقول ان الأموال التي وصلتها من بغداد اقل من المبلغ المطلوب بحوالي 800 مليار دينار، ما يمنع توزيع رواتب الشهر الأخير من العام 2024.
وحثت خارجية الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، البرلمان العراقي على الإسراع في تمرير الموازنة الاتحادية للعراق.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في إيجاز صحفي بمقر الوزارة “لقد عملنا مع الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان، للتوصل إلى اتفاق موازنة دائم من شأنه أن يسهل إنتاج النفط المستدام في إقليم كردستان”.
وأضاف ميلر “شهدنا مراجعة تعديل الموازنة هذا الأسبوع ونحث على اعتماده بسرعة”.
وأضاف مجلس النواب، أمس الأربعاء، فقرة تعديل الموازنة على جدول أعمال جلسة يوم الأحد المقبل، في خطوة لتقليل الخلافات المتصاعدة بين الإقليم والمركز.
وجاءت أزمة الرواتب بالتزامن مع زيارة لرئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني إلى بغداد في 12 كانون الثاني الجاري، حيث التقى الأخير برئيس الوزراء محمد شياع السوداني وقيادات تحالف إدارة الدولة الذي يضم الإطار التنسيقي، والذي توجه له التهم بعرقلة تنفيذ القوانين والدستور لحل الخلافات مع الاقليم.
ويعتبر ملف رواتب موظفي الإقليم أحد أبرز المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، حيث تؤكد الحكومة العراقية ضرورة تسليم أربيل نفطها إلى بغداد وأن يتم التصدير من خلالها، بينما ترفض حكومة كردستان ذلك، ما أدى الى قطع بغداد رواتب جزء كبير من موظفي الإقليم ودفعها إلى آخرين على شكل متقطع وغير منتظم منذ عام 2014، إلى أن توقفت المرتبات نهائياً في تشرين الأول 2017 مع تداعيات استفتاء الانفصال.
وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة “التقشف”، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.
وأكدت المالية النيابية، في 11 كانون الثاني الجاري، غياب التوافق حول مقترح تعديل المادة 12 من قانون الموازنة المتعلقة بكلف إنتاج وتصدير نفط إقليم كردستان.
ونص تعديل المادة الثانية عشر باحتساب سعر برميل نفط الإقليم بستة عشر دولارا قابلا للزيادة والنقصان وهو ما يشكل نقطة الخلاف.
ورهنت اللجنة المالية التصويت على التعديل الجديد بحسم الأمر مع وزيرة المالية سيما مع وجود خلافات سياسية حادة حول طبيعة والية التعويضات التي ستدفعها الحكومة في هذا التعديل.
وكانت اللجنة المالية النيابية، استضافت، مؤخرا، وزيرة المالية طيف سامي لمناقشة جداول موازنة 2025 وتأمين رواتب الموظفين.
وأبدى رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني عدم رضى حكومة الإقليم بسياسة بغداد في التعامل معهم، قائلا “إننا على قناعة بأن سلوك بغداد الحالي تجاه إقليم كردستان هو سلوك ظالم وغير عادل وغير مقبول وعلينا جميعا أن نكون ممثلين حقيقيين لشعب كردستان، وندافع عن الحقوق الدستورية لإقليم كردستان”، مؤكدا أنه “يجب أن نكون متحدين حتى تدرك بغداد أننا جادون بشأن حقوقنا الدستورية والمالية، لأن شعب كردستان لا يستحق أن يُعامل بهذه الطريقة”.
الجدير بالذكر أن الموازنة للعام الحالي، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
يشار إلى أن الخلافات بشأن حصة الإقليم في الموازنة، تثار كل عام، وذلك بسبب التزامه بما يرد في الموازنة والقوانين الأخرى الخاصة بتصدير النفط، قبل أن يتوقف تصديره عبر خط ميناء جيهان التركي، وبدأت بغداد بدفع رواتب موظفيه على شكل سلف تسلم له، ومن ثم بدأ العمل بتوطين الرواتب حسب قرار المحكمة الاتحادية.
أقرأ ايضاً
- استقرار أسعار الدولار مقابل الدينار في أسواق العراق
- النائب علي شداد : اغلب الوزارات غير قادرة على تسديد ديونها لوزارة النفط وسياسة الحكومة المالية اضعفت القطاع النفطي
- البنك المركزي يجدد توجيهه لنشر وتوسيع الخدمات المالية وأجهزة الصرّاف الآلي