- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ماذا تمثل عاشوراء بالنسبة للشيعة؟..الجزء الأول
حجم النص
بقلم:عبود مزهر الكرخي
أثناء زيارتي سيدي ومولاي أبي عبد الله الحسين(ع) في ليلة عاشوراء وكنا بقرب أبي الثوار لكي نستزيد من هذا المعين الذي لا ينضب من العبر والدروس لعطشان وغريب كربلاء روحي له الفداء ولكي نطبق مقولة ((أن الحسين عِبرة وعَبرة)) والذي نتأمل ونرجو من الله أن نتشحط بدمه الطاهر الزكي والتي تحمل هذه الليلة كل الأحزان والمآسي لأهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الوحي ومهبط الملائكة وقد استأثرتني مقولة وعبارة كتبت بالقرب من قمر العشيرة وحامي الضعينة سيدي ومولاي أبي الفضل العباس(ع) والتي ذكرها الهندوسي والزعيم السابق لمؤتمر الحزب الهندوسي توملاس بوندين والذي يقول(أن التضحيات الكبرى من قبيل شهادة الأمام الحسين قد خدمت الفكر البشري، وخليق لهذه الذكرى العظيمة أن تبقى الى الأبد ،وتذكر على الدوام).
وهنا أتساءل لماذا الهندوس قد عرفوا عظمة الحسين وما قام به من ملحمة عظيمة في سبيل تصحيح دين جده محمد(ص) فما بال النواصب والسلفية يغمطون هذه الملحمة العظيمة والدروس العظيمة لواقعة الطف الممثلة بالثورة الحسينية ؟.
والذي كان أغلب الزوار مابين راكع ومصلي ومتعبد وكانت حشود مليونية كلها تتسابق للوصول إلى كعبة الأحرار ومسك الضريح الشريف والتبرك به.
والتي بهذه الثورة الحسينية الخالدة قد ركز أمامنا على ترسيخ قيم ومفاهيم الدين المحمدي ورسالة جده نبينا الأكرم محمد(ص) والتي قالها بمقولته الخالدة ((أني لم اخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسدا ولكن خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي)).
والتي يحاول المرجفون من النواصب ومن لف لفهم أن يصورون هذه المناسبة بأنها مناسبة طائفية وهي ترمز شعيرة من شعائر الشيعة لاستشهاد أمامهم الحسين والتي هي في هذه الأوقات يصورونها بأنها مبالغ فيها من حيث المراسيم لأحياء هذه الواقعة والتي في حقيقة تدمي كل مسلم وكل إنسان شريف والتي تناولها الكثير من الزعماء والمفكرين والمستشرقين والكتاب ومن مختلف الأديان والمذاهب بعبارات وكتب تشيد بواقعة الطف وماجرى بها من مآسي تلقي بظلال الحزن على كل قلب مؤمن وشريف وأصبحت الثورة الحسينية منار يهتدي به كل الثوار والأحرار في العالم وما نقلت لكم هذه العبارة للزعيم الهندوسي إلا خير دليل على ذلك والتي يوجد منها مايفوق الحصر في الإشادة بثورة الحسين (ع) والتي كتبت مقالتي هذه لنوضح بعض الأمور والتي في كل مرة نسمع الكثير من الأقلام والكتاب الذين يحاولون النيل منها من خلال كتابات تشيد بهذه الثورة ولكن تجد الكلام الذي بين طياته يحمل غايات ومرامي تريد التقليل والتصغير من هذه الملحمة الخالدة لواقعة الطف ويتم النيل من خلال الشعائر الحسينية ولماذا هذا التطرف والإسراف فيها بحجة أن الحسين لم يكن يطلب هذا أو ان هذا مخالف للدين وأنها في بعض منها تصل الى حد الغلو والشرك بالله والى أخر هذه العبارات.
ولنبدأ بإيضاح حقيقة مهمة وهي أن الثورة الحسينية وأسم الحسين(ع)هو أسم يقض ويزلزل كل عروش الطغاة والظالمين ومن هنا كان كل دكتاتور يحاول إخماد هذه الشعائر وإقامتها واكبر ما قام به الصنم صدام في شن حرب شعواء على من يقوم بها أو من يزور الحسين في سبيل إطفاء جذوة مقاومة الحكام الجائرين ورفض كل أنواع الظلم والاستعباد ورفع صرخة الحرية التي نادي بها الحسين وهذا ما لايقبلة كل الحكام مهما كانت أفكارهم وأيدلوجياتهم لأنه يعني بالتالي هز عروشهم الخاوية لأن كل قيم الثورة الحسينية هي قيم ترفض الباطل وتؤمن بالحق وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتضع الدين ومسيرته في الطريق الصحيح وهذا ما يخالف شريعة الطغاة والذي من خلال المنبر الحسيني وأحاديث الحسين وكل ماقام به من ملاحم خالدة هو وأخيه العباس(ع)وأهل بيته وأصحابه المنتجبين تدلل على الثبات على المبادئ والوقوف بوجه الظلم بالرغم من قلة العدد والناصر والدفاع عن الأمام الحسين(ع)وعن أهل بيته والتي تمثل قمة التضحية بالنفس والذي قدموه لوجه خالصاً لوجه الله سبحانه وتعالى والتي لم يعرف التاريخ لا في الأولين وفي الآخرين مثل تلك التضحيات الفريدة من نوعها والتي تمثل قمة العطاء والجود بالنفس وقد صدق قول الشاعر ((والجود بالنفس لأقصى غاية الجود)) فهل نجد مثل تلك الملاحم والتي كتبت بأحرف من نور والتي خطها أبي عبد الله الحسين(ع) بدمه الطاهر الزكي والدماء الطاهرة من أهل بيته وأصحابه والتي يأتي من يقول لماذا هذا الإسراف في إقامة مثل هذه الشعائر والتي باعتقادي المتواضع لو أن أي فرد قام بالقليل من هذه التضحيات لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها والأمثلة كثيرة واقلها أن اسم الثائر (تشي جيفارا) يذكر بكل قدسية واحترام لما قام به من ثورة ، وكذلك المناضل نيلسون مانديلا والذي ماقاموا لا يقارن باي شكل من الأشكال مع ملحمة الطف والتي هي منار لكل الثوار والأحرار ودليل تنير الطريق على طريق الحرية.
ويأتي من يقول أن الحسين كان طالب حكم وهو ثار ضد خليفة وقام الخليفة يزيد(اللعين والفاجر) بقتله مع العلم إنهم لم يقولوا أنه ثائر وضد نظام حكم فاسد وجائر ومتسلط حاله حال الثوار الذين ذكروا في التاريخ بثوراتهم وهذا هو القصور في النظرة وتحريف وتزوير الحقائق والتي قام بها وبإتقان الأمويين وبني العباس ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن وبمهنية عالية وبحرفية قل نظيرها من المحسوبين على خط الإسلام وحتى أنضم لهم ما يدعون العلمانيين لكي يزيد الطين بلة والذين بدعواتهم والتي هي دعوات قد تكون نابعة من حسن النية ومن ما يؤمنون به والتي تستغل من قبل كل الحاقدين لخط أهل من السلفية والنواصب لجعلهم في المواجهة مع تيارت أهل البيت والشيعة.
فكيف بأبي الثوار الذي ضحى بكل شيء وحتى بأهل بيته وأولاده في سبيل قضية عادلة وهي إحقاق الدين وتصحيح الدين المحمدي والذي تلاعب به الطلقاء من بني أمية والذي كانوا يريدون أن يصبح بالاسم فقط والدين أسم فقط وحتى يتم مسح أسم نبينا محمد(ص) من كل الوجوه وحتى في الآذان ، ونقول أين هؤلاء الثوار من الثورة الحسينية وأين الثرى من الثريا.
ولنأتي إلى الحكم الشرعي في البكاء على الحسين(ع)وهل هو بدعة كما يدعي الكثير أو أمر مستحدث كما يدعي الكثير من الكتاب مدعين العلمانية والحادثة نصاً ومن كتب السنة والجماعة :
جبرائيل يهنئ النبي ويعزيه يوم ولادة الحسين عليه السلام
حين نزول الملائكة تهنئ النبي صلى الله عليه وآله بولادة الحسين عليه السلام وحديث الملك فطرس لما ولد الحسين عليه السلام ابتهجت السماء ، وأشرقت الأرض بنور ربها ، فنزلت الآف الملائكة تزف البشرى والتهاني إلى الرسول المصطفى ، وأهل بيته الطاهرين ، بهذا المولود الجديد المبارك ، وفي نفس الوقت تقدم له العزاء ، وتخبره بشهادة هذا المولود الحبيب ، وتعطيه من ذلك التراب الذي يراق عليه دم هذا المولود .
فقد تواترت الروايات الصحيحة عن شهادته ، فقد جاء عن الإمام الصادق عليه السلام يقول : إن الحسين عليه السلام لما ولد ، أمرا لله (عز وجل ) جبرائيل عليه السلام أن نهبط في ألف من الملائكة ، فهنئ رسول الله (ص) ، ومن جبرائيل (ع) . قال : وكان مهبط جبريل على جزيرة في البحر ، فيها ملك يقال له : فطرس من حملة العرش ، فبعث في شي فأبطأ فيه ، فكسر جناحه ، وألقي في تلك الجزيرة يعبد الله فيها ستمائة عام ، حتى ولد الحسين عليه السلام ، فقال الملك لجبريل : أين تريد ؟ قال : إن الله تعالى أنعم على محمد صلى الله عليه آله بنعمة ، فبعثت أهنئه من الله ومني . فال : يا جبرئيل ! احملني معك لعل محمداً صلى الله عليه وآله يدعو الله لي .
قال : فحمله ،فلما دخل على جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله وهنأه من الله وهنأه منه ، وأخبره بحال فطرس . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا جبريل أدخله .
فما أدخله أخبر فطرس النبي صلى الله عليه وآله بحاله ، فدعا له النبي صلى الله عليه وآله وقال له : تمسح بهذا المولد ، وعد الى مكانك .
قال فتمسح فطرس بالحسين عليه السلام وأرتفع . وقال ـ يا رسول الله أما إن أمتك ستقتله ، وله عليّ مكافآت أن لا يزوره زائر إلا بلغته عنه ، ولا يسلم عليه مسلم إلأا بلغته سلامه، ولا يصلّي عليه مصلّ إلا بلغته صلاته . (1)
وفي روايات أخرى أن نبينا الأكرم محمد(ص) قد بكى ودخلت عليه السيدة ام سلمة(رض) فقالت له مايبكيك ياحبيب الله؟ فذكر لها مقتل الحسين.
ومن هنا ان إن أول من أقام العزاء للحسين(ع) جده ببكائه عليه كما إن رسول الله (ص) كان يقبل الحسين دائماً من نحره فتساءلت أبنته فاطمة الزهراء(ع) عن سبب ذلك فقال لها ((أنه يذبح من نحره وكالكبش وحيداً فريداً))فبكت أمه الزهراء روحي لها الفداء وسألته (( ومن يقيم له العزاء)) قال لها ((شيعتتناوعلى مدى الزمان)).
ونضيف من حديث آخر هذا المقطع من مصدر اخر
قالت: ثمّ وضعه في حجره، ثمّ قال: يا أبا عبد الله، عزيز عليَّ، ثمّ بكى، فقلتُ: بأبي أنت وأمي، فعلت في هذا اليوم وفي اليوم الأوّل، فما هو؟. فقال: أبكي على ابني هذا، تقتله فئة باغية كافرة من بني أمية، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة، يقتله رجل يثلم الدين ويكفر بالله العظيم، ثمّ قال: اللهم إنّي أسألك فيهما ما سألك إبراهيم في ذريّته، اللهم أحبهما، وأحب من يُحبهما، والعن من يبغضهما ملء السماء والأرض.(2)
ومن هنا أن من كناه جده محمد(ص) بأبي عبد الله وقال عن التي تقتله الفئة الباغية وبكى عليه ونبينا الأكرم لاينطق عن الهوى بل هو كل كلامه مستوحى من الله سبحانه وتعالى ومأمور به وأن كان غير ذلك فأنه يقول عبث (أستغفر الله) ليتبع ذلك الى ذلك رب العزة في عمل العبث(حاش لله) وهذا غير صحيح لأن الكمال والصفات لرب العزة والجلالة وهذا مصداق لقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى(16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى(17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) }(3)
وفي مقال قادم سوف نبحث ماقامت به المنابر الحسينية من دور تربوي وثوري في مقارعة الطاغوت والتنشئة على التربية الإسلامية ونأخذ الأحاديث النبوية ومن صحاح السنة والجماعة في صحتها وإثباتها ونبحث ذلك أن كان لنا في العمر بقية إن شاء الله.
والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
والسلام على ساقي عطاشى كربلاء أبي الفضل العباس.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصادر :
1 ـ رواه الصدوق في الأمالي ص 200 ، وابن قولويه في كامل لزيارات ص 140 ، والطبري في دلائل الإمامة ص 190 ، وابن حمزة الطوسي في النجم الثاقب ص 338
وشيخ الطائفة في معرفة الرجال ج 2 ص 850،وقطب الدين الراوندي في الخرائج ج1ص 252 ، وابن شهرأشوب في المناقب ج 3 ص 229 ، وهناك مصادر عديدة ذكرت هذا الخبر .
2 ـ المصدر: (الأمالي للطوسي ص367 ـ غاية المرام ج2 ص85 ـ بحار الأنوار ج44 ص250 ـ العوالم ص141).
3 ـ [النجم : 1 - 18]