حجم النص
مع اقتراب موعد زيارة الأربعين المليونية وجه ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي بعض التوصيات لأصحاب الشأن نوردها كما يلي:
أ- إن ممارسة الشعائر الحسينية أمر مهم أكد عليه أهل البيت ( عليهم السلام) ولكن في نفس الوقت قد أكدّ أهل بيت العصمة ( عليهم السلام) على أمور أخرى لا تقل أهمية عن هذا الأمر، بل المستفاد من أحاديث أهل البيت ( عليهم السلام) إنها أكثر أهمية، ألا وهو أن تلامس مسيرتنا وسلوكنا أهداف ومبادئ الإمام الحسين (عليه السلام) وان نرفع الشعار الذي رفعه الإمام لثورته ألا وهو الإصلاح في جميع ميادين حياتنا اليومية ابتداءً من المسؤول والطبيب والأستاذ والمهندس والموظف والعامل والفلاح والطالب والمرأة وان نراجع أنفسنا في مدى التزامنا بمبادئ الدين الحنيف ومناهجه الشاملة للحياة.
ب- نأمل من أصحاب المواكب والهيئات الحسينية – جزاهم الله تعالى خيراً – وكذلك المشاركون في مواكب العزاء مراعاة الأحكام الشرعية والحرص على أداء الواجبات الدينية وعدم مزاحمة أداء الشعائر للفرائض الدينية من أداء الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتآلف والتوادد وعدم التنافس والتزاحم في أمور دنيوية والحفاظ على المال العام وعدم مزاحمة الناس في حقوقهم العامة ومن جملة ذلك عدم نصب سرادق الخدمة في الطرق العامة خاصة الخارجية والسماح للسيارات العامة والخدمية بالمرور بسهولة.
ت- نأمل من مؤسسات الدولة المعنية توفير عدد كاف من وسائط النقل لنقل الزائرين في رحلة الإياب واستنفار كل الطاقات لتسهيل عودة الزائرين.
ث- نأمل من الجهات الأمنية – جزاهم الله تعالى خيراً – بذلك كل الجهود واتخاذ إجراءات الحيطة والحذر تجاه نوايا الإرهابيين للإضرار بالزائرين، وكذلك توصية كبار القادة الأمنيين لمنتسبيهم بتحمّل الزائرين والمعاملة الحسنى معهم، كما نوصي الزائرين بضرورة التعاون مع القوات الأمنية لإنجاح الزيارة.
جاء ذلك في الخطبة الثانية التي ألقاها سماحته في العتبة الحسينية المقدسة في 5/ صفر/1433هـ الموافق 30-12-2011 م، وأضاف خطيب الجمعة في كربلاء المقدسة إنه ومع انتهاء العام الميلادي 2011م حيث شهدت بعض الشعوب العربية انتفاضات شعبية أدت إلى تخلص هذه الشعوب من أنظمة الحكم الدكتاتورية والمستبدة التي كانت تحكمها بعد أن قدّمت الكثير من التضحيات.
وفي الوقت الذي نبارك لهذه الشعوب خلاصها من هذه الحكومات المستبدة فان طالب سماحته من أصحاب الرأي والعقلاء من هذه الشعوب وتأمل من هذه الشعوب نفسها عدم الانجرار إلى الفوضى والبدء بحياة حرة كريمة وتجربة ديمقراطية صحيحة تأخذ الدروس والعبر من بقية الشعوب التي خاضت هذه التجربة، ومن جملة التجارب التي عاشت حلاوة الحرية والديمقراطية وانطبعت أيضا بمرارة عدم النضج السياسي والوطني لبعض المتصدين للعملية الديمقراطية تجربة العراق، فلعل دراسة هذه التجربة وبعض ما تمر به من إخفاقات ينفع لهذه الشعوب في عدم الوقوع في مثل هذه الأخطاء.
كما طالب حكومات الشعوب التي تشهد انتفاضات شعبية سلمية بعيدة عن العنف أن تتفهم مطالب شعوبها وتتجاوب معها وتبتعد عن العنف لان استعمال العنف لا يؤدي إلى الحل بل إلى مزيد من التعقيد للوضع.
وفي ظل الظروف الراهنة التي يمر بها العراق حيث يشهد أزمة سياسية طرحت بعض الجهات عدة مقترحات منها عقد مؤتمر وطني ومنها عقد جلسات حوار بين قادة الكتل السياسية، وقال سماحته بإزاء ذلك إن مجرد عقد المؤتمر أو جلسات الحوار – بحد ذاته – أمر لا بأس به ولكن هذا الأمر لا يكفي لوحده لحل الأزمة بل الأزمات التي يمر بها العراق، لأنه سبق وان حصلت عدة اجتماعات وبقي الأمر على حاله من تجدّد الأزمات كل فترة بل طالب بمجموعة من الأمور وهي:
1- لابد من توفر النية الصادقة والإرادة الجادة للخروج من الأزمة وإدراك آثار بقاء هذه الأزمات ومدى خطورتها على مستقبل العملية السياسية.
2- مدّ جسور الثقة بين الكتل السياسية وتجنّب سوء الظن والشكوك بالآخرين إن لم يكن هناك دليل وبرهان يوجب هذا الظن والشك وتجنّب الاتهامات والطعن والتسقيط للآخرين.
3- إدراك جميع الكتل السياسية إن بناء البلد وتقدمه واستقراره لا يتم إلا من خلال اعتماد بعضهم على البعض الآخر وتكاتفهم وتآزرهم وان تتضافر الجهود من الجميع ويشعر الجميع انه لا يمكن أن يتم البناء والاستقرار إلا من خلال العمل كالعائلة الواحدة وبروح واحدة.
فالوضع في العراق يحتّم أن تكون عملية إدارة شؤون البلاد تضامنية وتكافلية .. إذ لا يمكن لجهة أو جهتين أن تتحمّلا عبء إدارة البلاد وفي ظل هذه الظروف، بل لابد من نهوض الجميع وبروح واحدة .. لتحمّل عبء الإدارة لشؤون البلاد.
وانتقد سماحته تمتّع أعضاء مجلس النواب بعطلة لأكثر من أسبوعين وبقاء الكثير من التشريعات والقوانين التي تحتاجها مؤسسات الدولة ويحتاج إليها المواطنون على رفوف مجلس النواب من دون إقرار لها وكذلك تأخر إقرار الموازنة، وقال إن ذلك سيضر كثيراً بمصالح البلد والشعب وهما المتضرران الوحيدان دون هذه الكتل السياسية التي انشغلت بمشاكلها أكثر من انشغالها بما يحقق مصالح هذا البلد والشعب.
وفي ختام الخطبة بين سماحة الشيخ الكربلائي إنه وسبق أن صدر قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث ولكن بعد أن نُشر في الجريدة الرسمية وأصبح ملزم التنفيذ من قبل السلطة التنفيذية وإذا به يعطّل من مجلس الوزراء بحجة انه بحاجة إلى تعديل وتغيير وهذا أمر مستغرب جداً خصوصاً في ظل الظروف التي وُلِد فيها هذا التشريع إذ بعد الضغوط الشعبية الكبيرة ومطالبات المرجعية الدينية المتعددة والمتكررة وبعد اللتيّا والتي حتى بلغت القلوب الحناجر .. صدر هذا القانون ليطبّق ويشعر المواطنون إن هناك شيء ما من الاستجابة لمطالبهم، وإذا به يعطّل من مجلس الوزراء وهذا أمر لم يعهد أبدا من أي بلد يعيش تجربة ديمقراطية، إذ المعروف في تلك البلدان انه حينما يصدر قانون من السلطة التشريعية تقوم السلطة التنفيذية بتطبيقه وإذا كان لها رأي في تعديله أو تغييره فان ذلك يجري من خلال مجلس النواب وبعد أن تقوم السلطة التنفيذية بتطبيقه ثم يعدّل ولكن – في العراق – الأمر على العكس – وحينئذ نقول كيف نستطيع أن نبني دولة ذات مؤسسات، ودولة يحترم فيها القانون إذا كان الأمر كذلك؟!.
وكالة نون خاص
أقرأ ايضاً
- بالأرقام.. إحصائية رسمية دولية حول اعداد النازحين في العراق
- واشنطن تؤكد سعيها لتجنب عملية عسكرية تركية ضد "كرد سوريا"
- الرئيس الإيراني: لدينا مع العراق هواجس مشتركة حول التطورات السورية