نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريرا جاء فيه انه بعد أن كانت تركيا من أقرب حلفاء سورية، تستضيف الآن جماعة سورية معارضة مسلحة تشن هجمات ضد حكومة الرئيس بشار الأسد، وتوفر ملجأ لقائدها وعشرات من أعضاء المجموعة، التي تسمى نفسها "الجيش السوري الحر"، وتسمح لهم بتنظيم هجمات عبر الحدود من داخل مخيم يحرسه الجيش التركي. في وقت طالب فيه قائد المجموعة العقيد المنشق رياض الأسعد المجتمع الدولي إلى تزويدهم بالسلاح.
وافادت "نيويورك تايمز" في عددها الصادر يوم الجمعة 28 اكتوبر/تشرين الاول بأن "المسؤولين الأتراك وصفوا علاقتهم بالعقيد المنشق رياض الأسعد وبمجموعته، المقيمة في "معسكر الضباط"، بأنها إنسانية بحتة".
ونقلت عن مسؤول في وزارة الخارجية التركية، رفض الكشف عن اسمه، قوله إن سبب تأمين الحماية لهؤلاء المسلحين هو "قلق تركيا على سلامتهم الجسدية، وما يهم الأتراك هو تأمين حماية انسانية لهؤلاء"، مضيفاً "لا يمكننا منع هؤلاء من التعبير عن آرائهم".
وكانت احدى هذه المجموعات المسلحة قد أعلنت يوم الأربعاء عن تبنيها مقتل تسعة من الجنود السوريين بينهم ضابط، حسبما جاء في الصحيفة نفسها.
وتابع المسؤول التركي قوله: "حين هرب كل هؤلاء الناس من سورية، لم نكن نعلم من كانوا، لم يكتب على جبين كل واحد منهم أنا جندي أو أنا عضو في المعارضة".
وأشارت الصحيفة الامريكية الى أن هذه المجموعة المسلحة لا تشكل أي تحد حقيقي لنظام الأسد، منوهة في نفس الوقت بأن "تركيا مصممة على دعم هذه المجموعة التي أثبتت جدواها".
وعلى الرغم من محاولة مسؤولين أتراك رفع مسؤوليتهم عن "ميليشيا" الأسعد بحجة ان بلادهم تقدم لهم مساعدات "إنسانية"، إلا أن الصحيفة قالت انها التقت "رياض الأسعد" في مبنى تابع لوزارة الخارجية التركية، وبحضور مسؤول تركي رفيع.
ووصفت الصحيفة رياض الأسعد بأنه عقيد منشق عن الجيش السوري، وقالت "وصل الأسعد إلى مكان المقابلة محاطا بحماية مؤلفة من 10 جنود أتراك مدججين بالسلاح وبينهم قناص"، لافتة إلى أن المقابلة رتبت من خلال وزارة الخارجية، وبحضور مسؤول عن الوزارة.
واكد الاسعد خلال اللقاء مع الصحيفة: "سنقاتل النظام إلى أن يسقط ونبني حقبة جديدة من الإستقرار والأمان في سورية"، مضيفا: "نحن قادة الشعب السوري ونحن من يقف إلى جانبه".
كما أشارت الصحيفة الى أن المسؤولين الأتراك يتوقعون انهيار نظام الأسد خلال العامين المقبلين، وأن حكومتهم لم تقدم أي أسلحة أو دعم عسكري لهذه المجموعة، وان المجموعة لم تطلب هذا صراحة من تركيا.
غير ان الأسعد، وفي حديثه للصحيفة، اعرب عن شكره للحكومة التركية على ما تؤمنه من حماية للمسلحين، داعيا المجتمع الدولي إلى تزويد جماعته بالسلاح، وقال: "نطلب من المجتمع الدولي أن يوفر لنا السلاح كي نتمكن كجيش سوري حر من حماية الشعب السوري"، مضيفا: "إن وفر لنا المجتمع الدولي السلاح، سنتمكن من الإطاحة بالنظام في وقت قصير جدا".
وتابع أن المسلحين سيعملون في المستقبل على مهاجمة نقاط الضعف عند الجيش السوري.
وعلقت الصحيفة على قوله هذا بأن "هذه الكلمات تبدو تفاخرا اكثر منها تهديدا، اذ يظهر ان الحكومة اضحت، مع قيام تظاهرات جماهيرية مؤيدة لها والاجراءات التعسفية التي تمكنت حتى الان من ايقاف تعاظم المظاهرات المناوئة لها، في موقف اقوى مما كانت عليه هذا الصيف. ورغم ان الحكومة السورية معزولة الى حد كبير، فانها شعرت بأن الفيتو الروسي والصيني عزز من موقفها. ورغم التكهنات بخلاف ذلك، فان الجيش وقوات الامن، بصفة خاصة، لم تتصدع بعد على مدى الشهور الثمانية".
واكد العقيد السوري المنشق ان أفراد مجموعته منظمون جيدا على الرغم من أن الأسلحة التي يملكونها هي فقط تلك التي حصلوا عليها حين انشقوا أو التي أخذوها من جنود سوريين قتلوا، مشيرا إلى أن عدد القوات في المجموعة يتجاوز الـ10 آلاف، كما انه لم يرغب في الكشف عن عدد الكتائب، قائلا ان المجموعة تضم 18 كتيبة "معلنة"، وعددا غير محدد من الكتائب السرية. دون أن تتمكن الصحيفة من تأكيد ذلك من مصادر مستقلة.
وقال ان جميع المقيمين في المخيم الذي يعيش فيه في تركيا اعضاء في "الجيش السوري الحر". ويضم المخيم مساعدا خاصا ومكتب اعلام يعمل فيه حوالي خمسة اشخاص.
وبرر الاسعد انشقاقه عن الجيش وهروبه الى تركيا بنشوب الاحتجاجات في قريته في محافظة ادلب الشمالية "مما دفع الحكومة الى اتخاذ اجراءات تعسفية ادت الى مقتل عدد من اقاربه والى قصف منزل شقيقته"، وكذلك لأنه "ادرك ان هناك احتمالات كبيرة في قيادة العمليات في مكان اكون فيه من دون قيود".
واوردت "نيويورك تايمز" في عددها رأي العديد من المحللين الذين يعتبرون ان هجمات المنشقين في سورية تبدو غير منسقة ومحلية، الا ان العقيد الأسعد يؤكد سيطرته تماما على العمليات، اذ قال انه مسؤول عن تخطيط "عمليات عسكرية شاملة" بينما يترك الاشتباكات الاصغر نطاقا والقرارات المتعلقة بالعمل اليومي للقادة الميدانيين.
ومع ذلك، فانه على اتصال يومي مع قادة كل كتيبة، حسب قوله، ويمضي ساعات كل يوم في تدقيق الرسائل الالكترونية على الكومبيوتر المحمول المتصل باحد الهواتف الاربعة، ومن بينها هاتف يعمل بواسطة الاقمار الاصطناعية، والتي زوده بها مغتربون سوريون يعيشون في الولايات المتحدة واوروبا والخليج العربي.
المصدر: وكالات
أقرأ ايضاً
- "التايمز": تنظيم "داعش" في سوريا قريب من اقتناص فرصة عودته
- مكتب السيد السيستاني في بيروت يوزع لليوم الثالث مساعدات انسانية على العوائل السورية في أكبر مراكز النزوح في لبنان
- اليمن: القوات المسلحة تنفذ عملية مشتركة مع العراق وأخرى نوعية ضد الاحتلال