بقلم: هادي جلو مرعي
ينتهي عصر الثنائية القطبية والتوازن بين الخير والشر, وهانحن نتحول الى سيطرة القطب الواحد، وهو الشر الذي أصبح غالبا..
عبر تاريخ البشرية، وفي مراحل مختلفة كانت سلوكيات المنظومة الإنسانية تتفاوت بين الخير والشر، فإذا سيطر الأشرار في مكان من الأرض، كان هناك من يشير الى مكامن خير في جغرافيا هنا، أوهناك، لكن لايمكن الجزم بوجود شر مسيطر، أو خير كامل على مساحة الكوكب، وظل الصراع مستمرا، والنصر لهذا الطرف مرة، وللطرف الآخر في مرة أخرى والمواجهة لاتنتهي.
نبدو اليوم وكأننا وصلنا الى مايشبه عصر الديناصورات التي تحكمت بالأرض، ولكن لابد من التمهيد للحياة التي نعرفها، والتي لايمكن أن تتوفر شروطها إلا بالقضاء على مصدر الشرور الأول المتمثل بالديناصورات التي واجهت إبادة جماعية أدت إلى إنقراضها بالكامل، وتوفرت عناصر الحياة الأولى التي لم تعد في معرض مواجهة خطر كالذي تسببه الديناصورات التي تحتاج الى بيئة لاتسمح بوجود البشر، ولاالحيوانات التي نعرفها، ولاحتى النباتات والمياه العذبة التي جعل الله منها كل شيء حي.
نقترب اليوم من عصر الإنسان الشرير في كل مكان من العالم حيث تتحكم المادية، والنزعة الى الهيمنة والنفوذ والعدائية، وتدمير الآخر، والرغبة في إمتلاك مصادر القوة المادية والعسكرية على مستوى الحكومات، ولكن ماذا عن الإنسان نفسه؟ هذا الإنسان الوحش المتفرد، المنزوع الرحمة، الباحث عن المكاسب، الساعي الى إقصاء الآخر بكل الوسائل الممكنة، والذي يحاول إكتشاف الوسائل المدمرة لحياته، وليس فقط في إطار الصراع الفردي والجماعي من أجل المال والإقتصاد والإستئثار، بل وزاد في تدمير بنية الكوكب من خلال الزراعة الجائرة، وتجريف الغابات، وشن الحروب، وإستخدام مفرط للموارد الطبيعية، ونشر التكنولوجيا المدمرة للنزعات الإنسانية نحو الخير، وترك الحبل على الغارب لكل من يحاول التصنيع من أفراد وجماعات وشركات ومعامل تتسبب بالتسخين والإنبعاث الحاد للغازات الدفيئة، وصناعة بؤر التوتر، وإفتعال الأزمات، وشن الحروب العدوانية، وتخريب ثقافات الشعوب، ونشر مفاهيم أخلاقية تتنافى والطبيعة التي وجد عليها الإنسان السوي، وتكريس مفاهيم التباعد الإنساني، والقطيعة مع الآخر، والتطرف في الفكر والسلوك.
إنه زمن الإنسان الشرير المتطلع للرغائب غير السوية، والذي لايكتفي بمالديه، بل يضع عينه على مالغيره، ويريد الإستحواذ على كل شيء، ويلغي حق الشعوب في الحياة الكريمة، ويساند شرور المحتل لأملاك غيره، ولايعترف بكرامة تلك الشعوب، وحقها في الحياة الحرة الكريمة، وأخشى ماأخشاه أن نواجه ذات المصير الذي آلت إليه الديناصورات على هذا الكوكب وحينها لاينفع الندم.