على بعد ٣ كم من مرقدي سيّد الشهداء وأخيه حامل اللواء العباس (عليهما السلام) أجساد توارت تحت الثرى بعضها قبل 100 عام وأكثر، في مقبرة كربلاء القديمة أو كما يسميها الأهالي باللهجة الشعبة (الوادي القديم) التي تتوسط اليوم الأحياء السكنية، ويقصدها الكثير من الزائرين خلال الزيارات المليونية لقراءة سورة الفاتحة على أرواح ذويهم ومحبيهم.
تعد المقبرة القديمة معلم تراثي لمدينة كربلاء المقدسة، وتحتوي على قبور لشخصيات عديدة منها هندية وباكستانية وأمراء وملوك، لماذا هذا الإهمال وعدم الاهتمام بالمقبرة من الجانب الحكومي؟، يسأل الإعلامي محمد الفتلاوي (43 سنة) وهو يتحدث لوكالة نون الخبرية عن الحل النموذجي الذي يجب أن يكون "من المفترض هناك إدامة واهتمام لهذه المقبرة، كي تشكل حركة سياحية عالمية كونها تضم شخصيات ورموز وأمراء، وتصبح مقصد لطوائف عديدة من الهند وباكستان وغيرها من الدول".
ودعا الفتلاوي الجهات الحكومية المعنية أن "تولي اهتمام أكبر ورعاية لهذه المقبرة، وإعادة تأهيلها وترميمها مع وضع إنارة وإنشاء ممرات وحدائق، ورفدها بمرشدين سياحيين، وإزالة التجاوزات المتمثلة بمهبط للطائرات المروحية ومرآب المحافظات خلال الزيارات المليونية".
يصعب تحديد تأريخ هذه المقبرة، إلا أن عضو جمعية المؤرخين العراقيين عزيز جفات الطرفي، رجح خلال حديثه لوكالة نون الخبرية ثلاث مراحل تاريخية لإنشاء المقبرة في هذه المنطقة، مضيفاً أنه "بحدود عام 1882 للميلاد أيام ناصر الدين شاه أسست المقبرة في الجهة المقابلة، ولضيق المساحة أخذت بالتوسع حتى أصبحت المقبرة القديمة الملاصقة لمرقد (سيد جودة) وبدأ الدفن فيها قبل ثورة العشرين، وبعد 1920 توسعت وأصبح الدفن في المقبرة الملاصقة حالياً، إلى الحرب العراقية الإيرانية 1980 عندما خصصت مقبرة لضحايا الحرب في مقبرة كربلاء الجديدة على طريق النجف الأشرف، وتنوعت طريقة الدفن فيها على ثلاثة أشكال قبور عالية ومتوسطة وسراديب، ويوجد في منتصفها مقبرة خاصة للهنود وشخصياتهم".
من جهته، يقول الدفان سعد الخفاجي إن "الآلاف من الزائرين العراقيين والأجانب يتوافدون إلى المقبرة، لزيارة ذويهم ومحبيهم، وبالخصوص أيّام زيارة الأربعين المليونية، حيث يقصدون قبور علماء دين والسادة والمشايخ ومن أبرزهم قارئ المقتل الحسيني الشيخ عبد الزهرة الكعبي، والرادود الحسيني ملا حمزة الصغير، والسيد هاشم الحداد، والسيد كرم المعرف لدى أهالي محافظة كركوك، بالإضافة إلى الشخصيات الكربلائية القديمة المعروفة".
وأشار إلى أن "الدفن مستمر لغاية الآن لكنه بنسبة بسيطة للغاية، ويختصر فقط على مالكي الأراضي وهم قلة قلية جداً".
وعن صوت تلاوة القرآن الكريم المنتشر داخل المقبرة، يوضح الخفاجي، أن "هناك جهاز عند قبر الرادود الحسيني حمزة الصغير يبث على مدار الساعة دون انقطاع، سور من القران الكريم وقصائد المرحوم حمزة، تم وضعه من قبل ذويه".
أهالي بعض المتوفين، متألمين على واقع المقبرة وقبور ذويهم التي اندثرت، ويذكر المواطن غسان حميد لوكالة نون الخبرية، أن "قبر جدي الثاني مخفي تماماً وأصبح شارع تمر فوقه السيارات، وكانت هناك تبليغات بنقله والشرع حرم نبش القبور الامر الذي جعلنا في حيرة".
ووفقاً لأبناء كربلاء المعمرين فإن المدينة كانت تحتوي على مقابر عديدة في الروضة الحسينية المطهرة، والمخيم الحسيني المشرف ومرقدي الحر الرياحي وابن الحمزة، ثم انتقلت فيما بعد إلى منطقة سيد جودة وقبلها أيضا كانت هناك مقبرة قرب قلعة الهندي والمغتسل، ولم يكن الدفن محصور في منطقة محددة.
ويرجح عدد من المعمرين ممن تحدثوا لوكالة نون الخبرية، أن "المقبرة القديمة نشأت أواخر الدولة العثمانية، معللين بذلك وجود قبر لقائد تركي قتل في معركة الكوت التي دارت رحاها بين البريطانيين والعثمانيين أبان الحرب العالمية الأولى".
ابراهيم الحبيب – كربلاء المقدسة
أقرأ ايضاً
- توجيه للسوداني قد يجد لها حلا :مناطق البستنة في كربلاء يعجز الجميع عن بناء مدارس لابنائها الطلبة فيها
- جاء من ديترويت الى كربلاء المقدسة.. طبيب اميركي تطوع لعلاج زوار الامام الحسين في الاربعينية
- تعرضوا للقتل والتشريد :عائلات موصلية تقيم موكبا حسينيا لخدمة زاور الاربعينية في كربلاء