لم يكتفوا بتقديم الخدمات للزائرين في محافظة واسط، وارادوا ان تكون لهم بصمة على طريق الحسين (عليه السلام) وتحديدا في مدينة كربلاء المقدسة، فوقفت مسألة الحصول على قطعة ارض عائقا امامهم، لكن تدبير الله ارسلهم الى رجل من اهالي منطقة "بدعة اسود" في محافظة كربلاء وصار الاتفاق على منحهم ارضا بجوار مدينة سيد الاوصياء للزائرين فنصبوا خياما ثم بنوا موكبا كبيرا بطبقتين، لينطلقوا بخدمة حسينية تطعم وتسقي وتأوي عشرات الالاف من الزائرين، بل احتضنوا عائلات النازحين من محافظة كركوك لسنوات عدة، حتى باتت خدمتهم تقدم في واسط وكربلاء المقدسة بمناسبات دينية على مدار السنة.
ابناء الخدام
يقول كفيل موكب وحسينية سيد الشهداء "ثائر محسن علوان" مواليد (1976) من منطقة مزرعة الصويرة في محافظة واسط لوكالة نون الخبرية ان" طفولتنا ملئت بشعائر الحسين رغم التقييد الامني، حيث كنا نرى اهلنا منذ عقود من الزمن يقيمون مجالس العزاء من اول محرم الى ليلة "المحيه" في التاسع من محرم في المواكب والحسينيات وكان من بين الخطباء الذين يلقون المحاضرات السيد "جاسم الطوريجاوي"، ثم التشابيه في العاشر منه، ونلبس السواد، ونعيش في منطقة ريفية تسمى مزرعة الصويرة التي لم تترك الشعائر الحسينية في احلك الظروف، اما بعد زوال الطاغية فتصدى وجهاء المنطقة وكبار السن الى تنظيم تقديم الخدمة للزائرين الذين انطلقوا بمئات الالاف من واسط نحو كربلاء المقدسة كونهم اصحاب خبرة في عمل المواكب واسسوا الاساس لنا لنسير عليه، وكان الموسم الاول لمسير الزائرين في العام (2003) فيه معاناة ونقص في تقديم الخدمات للزائرين، فصارت فزعه عشائرية واجتماعية لتقديم الطعام والشراب والمنام وقدمت كل الارزاق الموجودة في البيوت للزائرين، وكان ما يقدم من طعام وشراب من البيوت فقط".
ثقافة المواكب
ويستطرد علوان في خطوات الخدمة بالقول " بدانا بالتوزيع في مناطقنا دون نصب مواكب، ثم انتقل الناس الى تطبيق ثقافة اقامة مواكب الخدمة وجئنا الى كربلاء المقدسة لنصب موكب وتقديم الخدمة لاكبر عدد من الزائرين كونها المصب النهائي لنهر امواج البشر من المشاية، وخلال بحثنا استرحنا في هذه المنطقة تعرفنا على العم "ابو بشير" من اهالي "بدعة اسود" واراد ان ينهي حيرتنا فقدم لنا قطعة الارض التي اقيم عليها الموكب، وشيدت بالفعل حسينية سيد الشهداء لتقدم خدماتها للزائرين بافضل صورة ومنذ (17) عاما، ونصبنا في بداية الامر اربع خيم "جوادر" وقدمنا حينها خدمات بسيطة بثلاث وجبات، وكان الوقت شتاءً والمعاناة كبيرة من الامطار والبرد، والحسينية بنيت بتبرعات من اهالي "مزرعة الصويرة" و"بدعة اسود" بتكافل مميز وانفاق لوجه الله، ثم طورنا خدمتنا بعد مقترحات من الخدام الشباب من خلال نصب الاكشاك في الخارج بعد ان قسم عمل الموكب والحسينية الى مجموعة لجان للخدمة، واضيفت خدمة تقديم الوجبات السريعة، فنصبنا وتقدم الشاورمة والسندويجات والشاي والعصائر من قبل الشباب، والكبة والدولمة والخبز الحار تصنع من قبل نساء الموكب بمكان خاص بهن خلف الحسينية، ونقدم الطعام والشراب على مدى حوالي (20) ساعة يوميا ولمدة عشرة ايام، نخدم خلالها حوالي (30) الف زائر من النساء والرجال بالطعام والشراب والمبيت، ونقدم (9) وجبات يوميا ثلاث رئيسية هي الفطور الصباحي والغداء والعشاء، وبينها ستة وجبات خفيفة وسريعة يعمل عليها مئة خادم من النساء والرجال، بانفاق يصل الى (26) مليون دينار عراقي".
بناء بطبقتين
الحسينية التي شيدها اهالي الصويرة تتكون من طبقتين ومساحة كبيرة يقول عنها "زاهي خلف" احد مؤسسي الموكب لوكالة نون الخبرية ان" اعضاء الموكب من زوار الامام الحسين (عليه السلام) الدائمين خلال حقبة النظام المقبور، وسرنا في العام (2003) من النجف الاشرف الى كربلاء المقدسة وشاهدنا مواكب الخدمة فأصرينا على نصب كوكب قرب ضريح سيد الشهداء، وبعد اتفاقنا مع الحاج "ابو بشير" وتخصيص الارض لنا قمنا بدفن الارض التي كانت عبارة عن بزل بمادة بالسبيس وحدل بمبلغ (3) ملايين، وشيدنا الموكب والحسينية وكان البناء الاول هو رفع الجدران بالطابوق في يوم واحد باستخدام (9) اسطوات بناء، وتمتين الاسس بقواعد خرسانية دون التسقيف وحسب ما متوفر لدينا من الاموال فاضطررنا الى تغطية السقف ب"جادر" في العام (2005) والمباشرة بتقديم الخدمة للزوار، واصبحت الحسينية بطبقتين احدهما للرجال واخرى للنساء، مساحتها الكلية البنائية (1192) متر مربع، ومن خدمات الموكب ايضا ايواء النازحين، حيث تصدى الموكب لايواء (15) عائلة من النازحين يتجاوز عددهم المئة شخص من كركوك خلال سيطرة عصابات "داعش" الارهابية على عدد من المحافظات، واويناهم لمدة سبع سنوات وقدمنا لهم مختلف انواع الخدمات، بل وصل الامر الى تأجير بيوت لهم اثناء نصب الموكب في الزيارة الاربعينية لتقديم الخدمة للزاور وتأمين السكن لهم، وحصل حادث توفى خلاله احد النازحين فقمنا بتكفينه وتغسيله وتشيعه ودفنه واقامة مجلس العزاء على روحه".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- نذر نفسه لمساعدة الناس: ام " الشهيد احمد" ..ولدي توسل بالحسين لنيل الشهادة ممزقا فكان له ما اراد
- لرعاية النازحين :العتبة الحسينية تفتتح مركز رعاية صحية في مستوصف الرسول الاكرم في لبنان(فيديو)
- اسكنوا اعداد اضافية وقدموا خدمات :اصحاب فناق سوريون يثمنون مبادرات العتبة الحسينية ويتعاونون معها