يقف العراق أمام كارثة حقيقية، قد تتسبب بنزوح نحو سبعة ملايين شخص من الريف إلى المدينة، نتيجة لجفاف نهر الفرات، الذي أثر مباشرة على سكان محافظة الأنبار، فضلا عن تسببه بجفاف بحيرة الحبانية التي خرجت عن الاستخدام البشري، وفقا لمسؤولين وخبراء بالمياه، وفيما تتجه المحافظة الغربية إلى حفر الآبار، سرت تأكيدات بأن أزمة الفرات ستمتد لكافة المحافظات الوسطى التي يمر بها النهر.
ويقول مدير الموارد المائية في محافظة الأنبار جمال عودة سمير، إن “مناطق جنوب الرمادي كالعنكور التي تقع على حافة بحيرة الحبانية، تعاني من نقص في تجهيز مياه الشرب، كون بحيرة الحبانية انخفض منسوب الماء الخزني فيها إلى منسوب الخزن الميت”.
ويبين سمير، أن “مديرية الموارد المائية في الأنبار قامت بتوجيه كتاب رسمي إلى محافظة الأنبار ودائرة بيئة المحافظة، مفاده أن المياه في بحيرة الحبانية قد خرجت عن الاستخدام البشري نتيجة ضحولتها هناك، ومن الضروري قيام دائرة ماء الأنبار بمد أنبوب ماء صالح من نهر الفرات من منطقة الفلاحات وبطول 20 كم تقريبا”.
ويضيف: “حصلت موافقة رسمية من وزارتنا بحفر عدة آبار هناك، وسوف تباشر كوادرنا في دائرة المياه الجوفية والموارد المائية بحفر آبار ارتوازية، علما أن هذه الأزمة ناتجة عن قلة الإيرادات المائية في عمود نهر الفرات وسنين الجفاف للموسم الرابع على التوالي”.
وكان مرصد العراق الأخضر، كشف عن وجود أزمة بمياه الشرب في مناطق العنكور والمجر بمحافظة الأنبار، أثرت على سكان هذه المناطق البالغ عددهم 13 ألف نسمة من الفلاحين والكسبة، وذلك نتيجة انخفاض مناسيب بحيرة الحبانية القريبة منها، ما دفع الأهالي إلى شراء مياه الشرب، فيما لجأوا إلى استخدام المياه الآسنة للغسيل.
وانتشرت خلال الساعات الماضية، العديد من الصور لجفاف بحيرة الحبانية، وخاصة في مناطق العنكور والمجر، فيما توجهت مباشرة بعض المنظمات الإنسانية، إلى توفير مياه الشرب لسكان تلك المناطق.
وبرزت خلال السنوات الأخيرة، أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تمّ تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.
وشهدت بغداد، عقد مؤتمر المياه الثالث في 6 من الشهر الحالي، بحضور تركيا وإيران، وخلال المؤتمر أكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني: اتخذنا الكثير من المعالجات لتقليل آثار ومخاطر شحِّ المياه، وشخّصنا المشكلة المائية مع دول المنبع وأسبابها.. ولقاءاتنا مع المسؤولين بالدول التي نتشارك معها في المياه، تركزت في ضرورة حصولنا على حصتنا الكاملة من المياه، وتكثيف الجهود الفنية لحل الإشكالات دبلوماسيا بعيداً عن لغة التصعيد.
إلى ذلك، يبين المختص في شأن المياه والزراعة عادل المختار، أن “نهر الفرات يعاني أزمة جفاف كبيرة وخطيرة، والإيرادات فيه ضعيفة جدا، خصوصاً ونحن مقبلون على فصل الصيف والوضع المائي في العراق خطر، ووفق التقارير الرسمية أن الخزين المائي في العراق لا يكفي لنهاية السنة”.
ويبين المختار، أن “أزمة الجفاف الحالية في مناطق جنوب مدينة الرمادي، سوف تمتد لكافة المدن العراقية في وسط العراق، التي يمر فيها نهر الفرات، والفرات حالياً لا يصل إلى شط العرب ولا يلتقي في القرنة، فالفرات وضعه شائك ويختلف عن نهر دجلة، ففي دجلة هناك إيرادات وممكن من خلال ترشيد الاستهلاك توفير وتغطية بعض الاحتياجات، لكن الفرات وضعه يختلف، خصوصاً أن تركيا تقول ليس لديها مياه، وهذا كارثة كبيرة وخطيرة”.
ويضيف، أن “أزمة الجفاف ستدفع أكثر من 7 ملايين شخص للنزوح من الريف إلى المدينة، وهي الأزمة الأسوأ التي مر بها العراق في العصر الحديث، وستكون لها تبعات اقتصادية خطيرة على عموم الوضع في العراق”.
وكانت وزارة الموارد المائية، أكدت سابقا أن السنوات الثلاث الجافة التي مرت على العراق دفعت وزارة الموارد المائية للذهاب والاستعانة بالخزين الاستراتيجي، ما أدى إلى انخفاضه من 60 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى اقل من 10 مليارات متر مكعب حاليا وقد وصل تقريبا إلى 8 مليارات متر مكعب.
جدير بالذكر، أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، منها سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.
كما غيرت إيران مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر بالأراضي الزراعية في محافظة البصرة، كما قطعت إيران كافة الأنهر الواصلة لمحافظة ديالى، ما ادى إلى فقدانها الزراعة بشكل شبه تام.
وكانت وزارة الموارد المائية، أعلنت سابقا أن العراق فقد 70 بالمئة من حصصه المائية بسبب سياسة دول الجوار، وأن الانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية عائد إلى قلة الإيرادات المائية الواردة إلى سد الموصل على دجلة وسد حديثة على الفرات من تركيا.
يذكر أنه لا توجد أي اتفاقية بين العراق وتركيا بشأن ملف المياه، فقد وقع العراق وتركيا وسوريا بروتوكولا أول في العام 1920 وقد فرض هذا البروتوكول قيودا على إقامة السدود بما لا يلحق ضررا بالأطراف الأخرى الموقعة، وفي العام 1946، ادخل العراق وتركيا قضية المياه في “معاهدة الصداقة وحسن الجوار” التي وقعها البلدان.
وفي العام 1978، وقعت بغداد وأنقرة بروتوكول تعاون اقتصادي وتقني، بعدما استكملت تركيا سد كيبان على مجرى نهر الفرات، ما الحق ضررا بمصالح بحصة العراق المائية.
وكان مؤشر الإجهاد المائي توقع أن يكون العراق أرضاً بلا أنهار مع حلول 2040، وأنه في العام 2025، ستظهر ملامح الجفاف الشديد واضحة جداً في عموم العراق مع جفاف كُلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول دجلة إلى مجرد مجرى مائي صغير محدود الموارد.
أقرأ ايضاً
- اسكنوا اعداد اضافية وقدموا خدمات :اصحاب فناق سوريون يثمنون مبادرات العتبة الحسينية ويتعاونون معها
- توجيه للسوداني قد يجد لها حلا :مناطق البستنة في كربلاء يعجز الجميع عن بناء مدارس لابنائها الطلبة فيها
- جمع خدام من محافظات مختلفة ..موكب "شباب القاسم" قدم الشهداء والجرحى وافضل الخدمات للزائرين