شارع النواب واحد من الشوارع الصناعية والتجارية المهمة في مدينة الكاظمية ويعد المدخل الرئيس للقادمين من جانب الكرخ الى المدينة يبدأ بتقاطع ساحة عدن وينتهي بتقاطع الزهراء بمسافة تمتد الى ستة كيلومترات تقريبا، تكثر في هذا الشارع محال تنجيد وتغليف مقاعد وابواب السيارات وارضياتها، وفيه محال تجارية كبيرة واسواق وعيادات أطباء وغيرها من المهن ويصل عدد المحال فيه الى حوالي الف محل تضمها مئات العمارات التجارية والسكنية، وفي كل عام يقوم اصحاب المحال التجارية ومالكي العمارات بإيقاف عملهم لمدة اسبوع تقريبا وتتحول تلك المحال وواجهاتها الى مواكب حسينية لعدد كبير من اهالي بغداد والمحافظات المختلفة وتصبح الشقق الموجودة في العمارات امكنة لمبيت الزائرين من المحافظات ومنام للعناصر النسوية المكلفة بالتفتيش في الزيارة.
اهالي الكاظمية
وقف رافد جاسم (48 عام) واخوته وابنائهم الذين نصبوا موكب "بطلة كربلاء" امام عدد من المحال الصناعية في شارع النواب بمدينة الكاظمية المقدسة خلف القدور الكبيرة لإعداد وجبة طعام الغذاء في ثالث ايام الزيارة الرجبية لذكرى استشهاد الامام موسى الكاظم (عليه السلام) بعد ان انهوا توزيع وجبة الافطار، وتحدث لوكالة نون الخبرية عن عملية تحول كل المحال التجارية في ذكرى استشهاد الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) الى مواكب بالقول ان "الفكرة تولدت بعد سقوط النظام المباد لأننا من أهالي الكاظمية المقدسة ومن منطقة النواب تحديدا وتربينا على الشعائر الحسينية ومجالس العزاء وتوزيع الطعام، وخلال منع الشعائر كنا نشاهد عائلاتنا التي تحرص على ادامة الشعائر بصنع الطعام وتوزيعه سرا وبإقامة مجالس عزاء مصغرة يحضرها عدد قليل من الجيران وكنا نذهب لزيارة المراقد المقدسة في كربلاء وسامراء المقدستين والنجف الاشرف، وبعد انجلاء الغمة في العام 2003 ولكون شارع النواب هو بوابة المدينة للوافدين من مناطق الكرخ والمحافظات التي تليها قررنا ان نترك عملنا في المحال ونترك ارزاقنا وننصب مواكب خدمة حسينية، لان الاعداد كبيرة ولم تكن العادة ان تنصب المواكب الحسينية".
واضاف ان "كل اصحاب المحال الحرفية والتجارية قرروا التوقف عن العمل ونصب مواكب الخدمة لزائري الامامين الكاظمين (عليهم السلام) ويصل عدد المحال الى (1000) محل والممتدة على طول الشارع، واعطينا الفرصة لاصحاب مواكب حسينية جاؤوا من عدد من مناطق بغداد يبحثون عن امكنة ينصبون بها مواكبهم، وكانت الخدمة في البداية بسيطة مثل الشاي والماء والمعجنات ولم تكن لدينا خبرات في الطبخ واعداد الطعام وكنا نوزع (سندويجات) الفلافل والبطاطا، ثم تطورت خبراتنا واصبحنا نقدم ثلاث وجبات طعام منها الفطور الذي نقدم فيه البيض والاجبان مع الشاي صباحا والغداء الذي نقدم التمن وأنواع من المرق مثل القيمة والفاصولية ثم نقدم وجبة العشاء بـ(سندويجات) الشاورمة والكباب".
افراغ العمارات
في الجهة المقابلة وقف علي الصافي يحاور أصحاب الموكب الذي ترك لهم محاله الثلاثة ليستخدموها في نصب موكبهم وتقديم الخدمات، وتبين ان الامر والعطاء والبذل لم يتوقف عند هذا الحد بل يوضحه في حديثه لوكالة نون الخبرية قائلا ان " ان صاحب الموكب جاء هذا العام قبل أسبوع من بدأ الزيارة لينصب موكبه بينما مدة الزيارة هي خمسة أيام فأخبرته على الفور بالموافقة واغلاق المحال الثلاثة اكراما للإمام الكاظم (عليه السلام)"، لاسيما ان "الزيارة أصبحت مليونيه وضخمة يبحث فيها الزائرون على جدا الطعام والشراب والمبيت، ومنذ العام 2003 بدأنا بنصب المواكب وتقديم الخدمات وفي السنين التي تلتها جاءنا الكثير من أصحاب المواكب من بغداد والمحافظات يريدون الاجر والثواب في الخدمة ففضلناهم على انفسنا ومنحناهم مساحة واجهة العمارة بالكامل والتي تحتوي على (13) محل حرفي ونصبت فيها ثلاث مواكب، وفتحنا لهم (13) شقة في العمارة للمبيت والمنام لأصحاب الموكب والزائرين من المحافظات، وخصصنا (50) غرفة منعزلة للمفتشات المكلفات بواجب تفتيش النساء ولكون النساء يحتجن الى أمور خاصة جعلنا جزء من العمارة يأوي مئات المفتشات ".
وصية صاحب عمارة
تصدر موكب "ام البنين" من منطقة الوشاش واجهة عمارة في شارع النواب وقد فتحت ابواب محال العمارة وشققها للموكب وزواره، ووقف صاحب الموكب حازم حميد اسماعيل يشرف على توزيع الشاي واعداد وجبة الغداء للزائرين وتحدث عن علاقته بصاحب العمارة المتوفي منذ سنوات بحسرة على فراقه بقوله" منذ عشرين عام وبعد سقوط النظام المباد قررنا نصب موكب خدمة في الكاظمية لكن واجهتنا مشكلة ايجاد مكان فيها وكان التنافس شديد جدا بين اصحاب المواكب من بغداد والمحافظات ولم نتمكن من ايجاد مكان الا في العام 2005 بعد أن يأسنا من الحصول على مكان، وجئنا لصاحب هذه العمارة واستقبلنا بترحاب وخولنا بنصب الموكب واستخدام المحال البالغ عددهن (12) محل والشقق الستة ومخزن كبير في العمارة وسلمنا جميع مفاتيح المحال والشقق، بل وصل الامر الى ان يتصل بنا اصحاب المحال قبل ايام من الزيارة ليخبرونا بايقاف اعمالهم وجميعهم يعملون في تغليف السيارات ويصل عددهم الى حوالي (45) صاحب محل وعامل لفسح المجال لنا ويتركون المحال بمحتوياتها، وبدأنا بمكان صغير امام محلين فقط وبعد ان شاهد صاحب العمارة حجم الخدمات التي نقدمها أراد مشاركتنا الاجر والثواب وخصص لنا كل واجهة العمارة، وعلى مدى السنين زادت الخدمة الى وجبات كثيرة تتضمن الطعام والشراب والحلويات والعصائر و (السندويجات) وعلى مدار اليوم واصبح عدد الخدام في الموكب اكثر من ثلاثين خادم عدا من يخدم لساعات لنيل الثواب، وتوفى صاحب البناية وأوصى أبنائه بمنح البناية لنا في ذكرى استشهاد الامام الكاظم (عليه السلام) واخذ العهد منهم على ذلك، حتى وصل الامر ان احد ابناء صاحب العمارة أراد نصب موكب خدمة فمنعه اخوته من اخذ واجهة العمارة ونصبه في مكان آخر تنفيذا لوصية والدهم".
قاسم الحلفي ــ بغداد
أقرأ ايضاً
- لرعاية النازحين :العتبة الحسينية تفتتح مركز رعاية صحية في مستوصف الرسول الاكرم في لبنان(فيديو)
- اسكنوا اعداد اضافية وقدموا خدمات :اصحاب فناق سوريون يثمنون مبادرات العتبة الحسينية ويتعاونون معها
- الام خادمة حسينية تعيش بكلى واحدة :عائلة كربلائية من تسعة افراد تدير موكبا حسينيا لخدمة الزائرين