بقلم: الشيخ محمود الحلي الخفاجي

الشعيرة: لغة هي العلامة.
والشعيرة في المفهوم الديني تعني الرمزية والمعنى: اي انها تحمل معنى المشيرية الى معاني معينة من خلال التعبير عنها بسلوك خاص يجسد تلك المعاني التي تضمنها هذا الشي في الواقع العملي واظهار مضامينها على المستوى الفكري والسلوك الاجتماعي عند الممارسين لها٠

وما اكثر المظاهر السلوكية في المنظومة الدينية في الإسلام وخصوصا الفقهية منها وقد اراد الاسلام من خلال تشريعاته ومنها الأحكام الشرعية الالزامية التي الزم المكلفين بامتثالها كمناسك الحج (الاحرام، الطواف، السعي، الوقوف في عرفة، المبيت في منى ،الرمي....)،ومنها قوله تعالى: (ان الصفا والمروة من شعائر الله). ومنها قوله تعالى: (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله). وقد اكد فقهاء الامامية (قدس الله اسرارهم) بأن العبادات هي من الشعائر. فذكر الشهيد الثاني (قدس الله نفسه) في كتابه مسالك الافهام (ان الشعيرة هي العبادات التي يعبد الله تعالى بها).

كما ذكر المقدس الاردبيلي (قدس الله نفسه) في كتابه زبدة البيان بقوله: (شعائر الله هي اعلام الشريعة التي شرعها الله، واضافتها إلى اسم الله تعظيم لها).

اذن ان العبادات هي أبرز مصاديق تعظيم الشعائر وانها مظاهر تختزن آثار كثيرة ولها انعكاسات على القائمين بها، فهي ممارسات تعبيرية لتشير الى معاني خاصة مختزنة في نفس الفعل. اي يحمله ذلك الفعل، والممارسة تكشف عنه لتخلق نوعا من المشاكلة والمجانسة بين الاثر المخزون في الفعل وبين المتأثر بها، وهو الانسان المكلف، وهنا تتمازج مع فكر الانسان واستعداده الذهني و النفسي لهذا التأثر والانفعال لينتج سلوكا ولو متقاربا مع ذلك المعنى المختزن في العمل.

لذا نجد أن القرآن الكريم أمر بتعظيمها (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، وهذا التعظيم سببه هو لعظمة المقصد, ولعظمة الغرض والثمار التي يكتسبها من يمارس هذه الشعائر على سلوكه الاجتماعي والأخلاقي, وعلى المستوى التربوي وعلى مستوى صناعة وعي جاد ينير بصائر هؤلاء القائمين بهذه الشعائر ويشحذ اذهانهم، هذا وعي جديد تقوم به الشعائر الدينية لأصحابها من خلال تأثيرها الفكري والثقافي على مجتمعها.