- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الازمة الأوكرانية وتأثيرها على هبوط قيمة اليورو
بقلم: د. بلال الخليفة
ان الازمة الاقتصادية التي شهدها العالم بعد اندلاع المواجهة في أوكرانيا لم تسر الأمور على النحو الذي خطط له الغرب وبالذات اوربا، اعتقدوا انهم يتعاملون مع دوله من دول الشرق الأوسط كالعراق او أفغانستان، استخدموا الأسلوب الشائع وهو العقوبات الاقتصادية وراهنوا على انهيار الروبل وبالتالي انهيار روسيا كما انهارت الاتحاد السوفييتي.
لكن الدب الروسي كان قد سبق الغرب بخطوة، وحتى في توقيت الحرب، واستخدام الطاقة في الضغط عليهم، منذ البداية والكل اجمع ان الخاسر الأكبر من تلك الحرب هو الاتحاد الأوربي وبالذات المانيا، لكنهم كانوا تبع للقرار الأمريكي ولم يكونوا مختارين في هذا الامر.
المواجهة بين الشرق والغرب هي محتومة ومنذ سنوات لكنها مؤجلة نوعا ما، فإنها ان لم تكن قد حدثت، فإنها حتما ستحدث بعد حين وليس ببعيد، ان الامر لا يتعدى الصراع على الزعامة وعلى الاقتصاد وعلى الطاقة.
ان خطوة استخدام الغاز كورقة ضغط على اوربا خطوة ذكية والاذكى من ذلك هو استخدام عملة الروبل والذهب في شراء الغاز وهذا ما سبب عدة أمور منها:
1 – رفع قيمة الروبل الروسي ووصل الامر الى ارتفاعة بنسبة 7 % عن سعرة في السابق ووصل الى حدود 52 روبل مقابل الدولار.
2 – ازداد خزين روسيا من الذهب
3 – قلل من قيمة الدولار عالميا، بل هدد وجودة كعملة عالمية وحيدة.
4 – تعجل بظهور عملة عالمية أخرى غير الدولار وقد تكون اليوان او الروبل او عملة أخرى كما قال الرئيس الروسي (باعتماد عمله عالمية جديدة لدول البريكس) مع العلم ان دول جديدة قد انضمت اليه دول جديدة ومنها ايران وغيرها
5 – الأثر الذي نركز عليه الان هو انخفاض قيمة اليورو الأوروبي ووصل سعره الى الدولار بعدما كان اكثر من دولار ونصف.
كانت العملة الأوروبية بالمرتبة الثانية عالميا بعد الدولار، وان انهياره او انخفاض سعرة يؤكد ما كتبناه في اول أيام الازمة الأوكرانية في سلسلة تتكون من اربع مقالات وقلنا فيها ان عصر افول الدولار قد بدا وان العالم مقبل على عملة او عمل جديدة منافسة للدولار وان النظام العالمي في تغير نحو نظامين غربي ونظام شرقي للبريكس او شانغهاي.
من يقرا المشهد والاحداث بصورة جيدة من صناع القرار، يجب عليهم ان يراهنوا على الحصان الفائز في هذا السباق المحموم او على اقل التقادير ان يوازنوا كفة اقتصادهم بين النظامين الجديدين وبالخصوص مع النظام الشرقي او الاسيوي الجديد بزعامة روسيا والصين.
بعض الدول العربية منها مصر والسعودية وقبلها الكويت، اتخذت خطوات جيدة ومنها انها جعلت جزء من عملتها الصعبة باليوان الصيني وكما ان السعودية اتفقت مع الصين بالتعامل حسب بورصة شانغهاي بالبترويوان.
العراق اخر دولة تتخذ إجراءات بهذا الشأن، لا بل اتخذ خطوات تبين للمتابع بان العراق قد حسم امرة بالوقوف مع المعسكر الغربي أي بالتحديد مع أمريكا ضد المعسكر الشرقي باتخاذ عدة خطوات اقتصادية منها:
1 – رفع احتياطات العراق من العملة الصعبة من الدولار ووصل المبلغ الى 72 مليار دولار.
2 – الزيادة في شراء السندات الامريكية، حيث ان حيازة العراق من سندات الخزانة الامريكية لشهر اذار من عام 2022 ارتفعت بمقدار مليارين و117 مليون دولار بنسبة 8.79% لتصل الى 26.203 مليار دولار بعد ان كانت 24.086 مليار دولار في شهر شباط الماضي
3 – العراق اشترى ذهب وأصبح مجموع ما يمتلكه العراق (130.39) طنًّا في المرتبة الثلاثين عالمياً والمرتبة الرابعة عربياً.
ومناقشة النقاط أعلاه هي كالاتي:
1 – كان المفروض رفع احتياط العراق من العمل الأجنبية الأخرى كالروبل واليوان الصيني بدل الدولار الأمريكي وذلك للأسباب التالية:
أ – ان قيمة الدولار في انخفاض
ب – ان العالم متجه نحو اليوان والقطب العالمي الثاني وعلى اقل تقدير في مجال الاقتصاد حاليا.
لذلك ان استغلال فائض الأموال نتجة ارتفاع سعر برميل النفط بهذا الأسلوب هو خاطئ.
2 – ان شراء السندات الامريكية من فائض الأموال العراقية ليس له تفسير الا واحد وهو (مساعدة الاقتصاد الأمريكي على حساب الاقتصاد العراقي) فمن الممكن ان تترجم تلك الأموال الى قروض داخلية ميسرة وبالتالي نكون قد اكتسبنا فائدتين وهما:
أ – حركنا عجلة الاقتصاد الداخلي عن طريق القروض الاستثمارية
ب – اكتسبنا فوائد مالية من نسب فوائد تلك القروض.
ج – نكون قد دعمنا حركة القطاع الخاص وهو شريك مهم جدا في الصناعة والاقتصاد بصورة عامة.
3 – النقطة الأخيرة، نستطيع تصنيفها بانها جيدة، رغم حاجة اقتصادنا الى استغلال تلك الأموال الفائضة بمجالات أخرى لا تجميدها بسبائك ذهبية.
التوصيات
1 – انشاء صندوق سيادي يودع فيه الأموال الفائضة ويكون بصيغة بنك بحيث يتم فرض او شرط ان الاقتراض من قبل الشركات الاستثمارية النفطية وغير النفطية، من هذا البنك او الصندوق وبالتالي حصدنا نقطتين وهما:
أ – تخلصنا من شروط تلك البنوك التي قد لا تناسب العراق.
ب – ضمنا ان الصندوق السيادي او البنك قد حصل على إيرادات مالية مهمه وهو في تنامي ويكون ضمانة للأجيال القادمة.
ج – ممكن ومن خلال هذا الصندوق توجيه الاقتصاد والاستثمار من خلال شروط الصندوق.
2 – ان العالم متجه نحو نظام جديد يكون فيه قطبين وبالتالي على العراق وكل دولة تريد مصلحتها ان تذهب الى التعامل بجدية في هذا الامر ومسك العصى من المنتصف في اقل التقادير وان تجعل جزء من خزين العملة الصعبة باليوان الصيني.
3 – ان أراد الدب الروسي من تخفيض عملة الاتحاد الأوروبي فانه قادر وببساطة، لانه وبمجرد الإعلان عن صيانة أنبوب نورد ستريم لمدة عشر أيام، انخفض قيمة اليورو، فكيف ان تم قطعه لاشهر او قطعه نهائيا.
4 – أوروبا غير قادرة ولن تكون قادرة على مواجهة روسيا والشرق لا عسكريا ولا اقتصادية وهي في خسارة مستمرة والرابح منهم من يلتحق بالمعسكر الشرقي.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد