بقلم: رعد العراقي
خطوة بالاتجاه الصائب، وفي توقيت مثالي تلك التي أقدمَ عليها اتحاد الكرة بإعلانه التمسّك بإقامة دوري المحترفين للموسم الكروي 2022- 2023 وفقاً لضوابط وشروط الاتحاد الآسيوي المعمول بها في أغلب الاتحادات المنضوية تحت قيادته ليحقّق بذلك - إن مضت العملية بما خطّط لها دون أي مطبّات - أولى متطلّبات العمل الاحترافي الصحيح في تطوير الكرة العراقية.
الجُرأة في اتخاذ القرار بحدّ ذاتها هي نقطة الفصل بين نيّات المكتب التنفيذي تحت قيادة الكابتن عدنان درجال والثبات عند تنفيذ خُطط التطوير والاصلاح أمام سيل الوعود والفشل لمن سبقهم في القيادة طيلة السنوات الماضية، وعجزوا عن تهيئة الأرضية المناسبة أو تحديد موعد اطلاق دوري المحترفين أسوة ببقية دول القارة الصفراء، واكتفوا باستعطاف الاتحاد الآسيوي في الحصول على استثناء بتأجيل تطبيق ضوابط الحصول على تراخيص الأندية ولأسباب كانت تميل نحو التذرّع بالظروف العامة التي يمرّ بها البلد مع تلميح بغياب الاستقرار الأمني.
الحقيقة إن التأخير في التحوّل نحو دوري المحترفين طيلة الأعوام المنصرمة كان أحد أسباب الأزمات التي ضربت بالكرة العراقية بدءاً من حالة الضياع والتراجع وانحسار الانجازات، ومروراً باختفاء المواهب التي لم تجد الحاضنة الصحية المُتمثّلة بتوفر أندية رياضية نموذجية تمتلك المنشآت الصالحة والشخصية الإدارية والمالية المستقلّة تُدار بعقلية احترافية، وانتهاءً بخسارة ملفٍّ على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية والتأثير في اثبات حقّ العراق في رفع الحظر الدولي عن ملاعبه بدلاً من أن يكون غياب دوري منظّم يستقطب اللاعبين المحترفين من دول العالم هو ذريعة لاستمرار ذلك الحظر الظالم.
لابد أن يمضي الجميع نحو التخلّي عن المصلحة الخاصة أو محاولة وضع المطبّات والعراقيل لمحاولة افشال تلك الخطوة التي تصبُّ في صالح النهوض بالكرة العراقية عبر دعم اتحاد الكرة لانجاز مشروع دوري المحترفين بالوقت المحدّد له وخاصة الأندية التي لازالت غير قادرة على تحقيق ضوابط وشروط الحصول على الرخصة الآسيوية والبقاء ضمن تصنيف الأندية المحترفة للموسم القادم بدلاً من اطلاق بعض التلميحات والتهديدات برفض إقامة الدوري تحت هذا المسمّى أو الهبوط لدوري الدرجة الأدنى وايجاد الذرائع لمحاولة سحب الثقة من الاتحاد برغم أنها تتحمّل المسؤولية في تجاهل انجاز كل متطلّبات الحصول على تلك الرخصة، ولابد أن تعترف بذلك وتسعى لتصحيح الأخطاء والذهاب بالتحوّل إلى عالم الاحتراف.
أما اتحاد الكرة، فهو أمام تحدٍّ قد يكون حاسماً في اثبات قوّة وسلامة نهجه الجديد، ليس فقط في التمسّك بتحوّل الدوري الى النظام الاحترافي، بل بتدقيق وتنظيم كل متطلّبات النجاح وفقاً لخريطة عمل متكاملة لا تترك أي مساحة للتلكّؤ أو الفشل، والتفكير باستحداث مؤسّسة مختصّة تتولّى تنظيم الدوري والارتقاء به وتطوير الأداء وانجاز كل معايير ومتطلّبات الاحتراف لتكون متطابقة مع معايير الاحتراف المقرّرة من قبل الاتحاد الآسيوي إضافة الى جوانب مهمّة تتعلّق في التسويق وتحسين الجانب المالي بالتعاون مع الأندية المعنية، اضافة لاستقطاب الجهات الراعية أو أي اعمال أخرى تُسهم في انجاح الدوري.
الأمر الأكثر أهمية هو ما يتعلّق باسلوب تنظيم الدوريات الأدنى، وكيفية الإقرار على عملية الصعود والهبوط من والى دوري المحترفين، والتي تتطلّب هي الأخرى وضع ضوابط مُلزمة ومُعلنة قبل انطلاق الدوري، تُفرض على أندية الدرجة الممتازة انجاز متطلّبات الاشتراك بدوري المحترفين باستغلال الوقت في الفترة القادمة لتفادي الاحراج في حالة تمكّنها من الحصول على بطاقة التأهل في الموسم المقبل، وبخلافه يسقُط حقها بالمشاركة لعدم الأهلية.
باختصار.. دعونا نرمي بكل مخلّفات العمل الروتيني، ونصدق الأقوال بالأفعال ونمنح اتحاد الكرة فرصة إلتقاط الانفاس والتركيز بعد سلسلة الأزمات وفورة الغضب التي اجتاحت مشاعر الجماهير الكروية عقب فشل التأهل لنهائيات كأس العالم 2022 وقد نتفق جميعاً أن استحداث دوري مُنظّم وقوي وأندية تدار بعقلية محترفة هو بداية صحيحة وعلمية في انتاج منتخبات متطوّرة وقادرة على المنافسة خارجياً، ونُنبّه هنا أن أي محاولة لنسف تلك الجهود بحُجج مختلفة ستكون بمثابة رصاصة الرحمة في كيان الكرة العراقية لتبقى تنزف من رصيد سُمعتها تحت وطأة المصالح الشخصية الضيّقة!