- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أزمة خلايا الأزمة في مواجهة الأزمات
بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم
حكوماتنا المتعاقبة تعملُ وفق مبدأ عاجز، وقاصر، وغير كفوء، هو مبدأ ردّ الفعل، وتتغاضى (بل وتعجز) عن معالجة الأسباب.
نتعرَضُّ لتهديدٍ إرهابيّ، فنعلنُ منع التجوّل. نتعرّضُ لتهديدٍ أمنيّ، فنقطعُ الشوارعَ بـ "الصبّات" و "الهمرات". نتعرضُ لتهديدٍ صحيّ، فنعلنُ الإغلاق الكامل، أو الحظر الجزئيّ أو الشامل.
ولذات الغرض، تُشكّلُ الحكومةُ "خليّةً" للأزمة، ليس من بين أعضاءها مُمثّل عن وزارة واحدة معنيّة بالشأن الإقتصادي والإجتماعي (لا المالية، ولا التجارة، ولا التخطيط، ولا العمل والشؤون الإجتماعية)، بل ويشكّل البرلمان هو الآخر خليّة أزمة نيابيّة من 24 نائباً، ليس من بينهم عضو واحد من لجنة الإقتصاد والإستثمار ( وهي لجنة منسية، وضعيفة الصيت، ومحدودة الأثر، مقارنةً باللجنة الماليّة التي تأمر وتنهي، وتقرّر، وتنقض، وتُصادق، والتي طبقت شهرتها الآفاق).
هل تمتلكُ "خليّات" الأزمة بشأن "كورونا" هذه ما يكفي من البيانات والمؤشرّات، عن ركود الإقتصاد، وتدني نوعيّة التعليم، وعدد العاملين في القطاع غير المنظّم (أو غير الرسمي) ؟
هل لديها "قياسات" دقيقة حول أثر قراراتها على الفئات الهشّة، والأكثر فقراً من السكّان ؟
هل تعرفُ درجة ثقة الناس بالإجراءات الحكومية، وعن مدى استعدادهم لفهمها واحترامها، وعن حدود معرفة المواطنين لواجباتهم، وحقوقهم (التي كفلها الدستور و"غير الدستور"، وأباحها الدستور و"غير الدستور").
هل تعرفُ هذه "اللجان" الحكوميّة والنيابيّة حدودَ قدرتها، ونطاق صلاحيّاتها، ومدى فاعليتها في صيانة حقوق المواطنين، والدفاع عنها في كلّ أزمةٍ، وليس في أزمة "كورونا" فقط، لا غير؟
هل تتابع خليّات الأزمة هذه مدى التزام الحكومة بتعهدّاتها (الماليّة، والصحيّة، والإنسانية) للمتضررّين من إجراءاتها التي قد تكون أكثر ضرراً من "كورونا"، وفي جميع المجالات ؟
هل اقترحتْ هذه الخلايا "حُزَماً" كفوءةً للإعانات، وسياسات وإجراءات قادرة على تقليل الضرر في الصحة والتعليم والإقتصاد، أم إكتفتْ بالحظر الشامل، والحظر الجزئي، والغلق الكامل، والغلق"المفتوح"، وبفرض الغرامات على المخالفين "المكَاريد"، وغضّ النظرعن غيرهم من المُقتدرين، الواصلين، "المُخيفين".
هل تعرفُ هذه الخلايا، وتتدارس، وتبحث في ظواهر إجتماعية معيّنة، تتجسدُ من خلالها إزدواجية المعايير، ونطاق الشمول، والكيل بمكيالين، بين مكانٍ وآخر، ومنطقة وأخرى، ومحافظةِ وأخرى، وناسٍ وناس .. وأشياء أخرى حساسّة، ومهمّة، وخطيرة، و ذات صلة ؟
أم أنّ الأمرَ يقتصرُ على نتائج شبيهة بالنتائج المترتبّة على نمط إدارة "مناطقنا" بإسلوب "كِلمَنْ إيدو إلو" كما يقول السوريّون .. و "كلشي بنُصْ حَقّو"، كما يقول اللبنانيون في مواسم "التنزيلات".. وإنّا لله، وإنّا اليه راجعون.