- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المرجعية وخط المواجهة مع المخدرات
بقلم: سلام مكي
بعد أن تعاظم خطر المخدرات، واتسع نطاق التعامل بها وتعاطيها، وجدت المرجعية الدينية متمثلة بالسيد علي السيستاني، ضرورة إصدار بيان بخصوصها، شدد على تحريم تعاطي المخدرات وتحريم الأموال التي يحصل عليها التجار والموزعون نتيجة المخدرات. كما شدد البيان على عدم التهاون مع مقترفي جرائم المخدرات بأنواعها وعدّ المسؤولين المتخلفين عن أداء واجبهم، من مقترفي الآثام الكبيرة، نظرا لما تحمله المخدرات من تداعيات وآثار خطيرة على المجتمع والدولة بصورة عامة.
وهنا تتبادر الى الذهن أسئلة: كيف يمكن مواجهة المخدرات وردع المتاجرين بها ومنع الشباب من تعاطيها؟ هل القضاء على المخدرات يكون عبر سجن وإعدام التجار، وحبس المتعاطين؟ هل يكفي زجهم في السجون حتى ننتهي من هذه الآفة الخطيرة؟ كيف يتم التهاون مع مرتكبي جرائم المخدرات؟
إن قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، نص في المادة السابعة على استحداث مراكز لتأهيل المدمنين على تعاطي المخدرات من قبل وزارة العدل، كما أشارت الى قيام المركز على وضع خطط لتعليم المتعافين منهم على مهن تساعدهم على الاندماج في المجتمع بعد تعافيهم.
المادة 39 أولا، أجازت للمحكمة أن تحكم بإيداع المدمن على المخدرات في إحدى المؤسسات الصحية بدلا من السجن، أو تلزمه بمراجعة المراكز الصحية المختصة، للعلاج. لذلك، فإن مكافحة المخدرات، لا يكون عبر السعي لزج أكبر عدد من الناس في السجون بتهم تتعلق بالتجارة أو التعاطي، فهذا الاجراء وإن كان القانون ينص عليه، لكن ثبت أنه لا يحل المشكلة، بل هنالك دلائل تشير الى أن اكتظاظ السجون ودمج المتاجرين مع المتعاطين ومع مرتكبي باقي الجرائم، ساهم بشكل أو بآخر في تفشي ظاهرة التعاطي والمتاجرة داخل السجون، بل ساهم في تجنيد عدد أكبر وتوريط أبرياء لا يعرفون شيئا عن المخدرات، في هذا الطريق المليء بالألغام ونهايته أما الإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت.
لذلك، لابد من عدم الاكتفاء بالسجن، كحل وحيد لمحاربة المخدرات، لابد من تفعيل الجانب الآخر الذي نص عليه القانون، وهو الإيداع في المراكز المخصصة لمعالجة مدمني تلك السموم، والسعي لإعادة دمجهم مع المجتمع، عبر وضع خطط وبرامج طويلة الأمد، تضمن لهم التعافي النهائي، والابتعاد كليا عن المخدرات.
إن قصد المرجعية التهاون في أداء الواجب من قبل المسؤولين المختصين، لا تعني به رجال الأمن فقط، ولا تعني عدم التحقيق بشكل كامل وصحيح، والسعي للوصول الى المجرمين الحقيقيين، بل تقصد فعل كل ما نص عليه القانون، من وسائل فاعلة لمكافحة المخدرات، ومن تلك الوسائل هو إنشاء مراكز تخصصية من قبل وزارة العدل، حسب نص المادة 7 والسعي لإيجاد وسائل توعوية وتثقيفية تساعد على الوقاية من المخدرات، ومنع ارتكاب الجرائم التي لها علاقة بالتعاطي والمتاجرة. فالاكتفاء بالسجن والحبس، يعني التهاون مع مكافحة المخدرات، يعني عدم الجدية في إيجاد حلول جذرية لهذا الخطر الذي بات يمثل تهديدا فعليا لوجود وكيان المجتمع.
أقرأ ايضاً
- وقفه مع التعداد السكاني
- التأهيل اللاحق لمدمني المخدرات
- إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر