- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الموازنة العامة الاتحادية لعام 2021 وارتفاع قيمة سعر صرف الدولار
بقلم: د. بلال الخليفة
تعدّ آلية سعر الصرف (Exchange Rate) العنصر المحوري في اقتصاد المالية الدولية، كما تعدّ عنصر القطب في الفكر المالي الحديث، ولها أهمية بالغة في تعديل وتسوية ميزان المدفوعات للدولة وخصوصا تلك البلدان النامية.
ان القرار المتخذ من قبل الحكومة العراقية بزيادة سعر صرف الدولار مقابل القيمة المحلية له عدة مزايا منها إيجابية وأخرى سلبية. من اليوم ان الحالة الاقتصادية للمواطن العراقي تختلف عن يوم أمس، الدينار ينهار أمام الدولار وينعكس على التضخم ارتفاعاً، ويزيد الفقر اتساعاً، في بلد يعوم على النفط ولدية موارد أخرى من الممكن استغلالها ولكن سكانه يغوصون في المعاناة.
النقاط الإيجابية في رفع سعر الصرف:
1- يصرح وزير المالية او الخبراء إن الارتفاع الجديد سببه سعي الحكومة لرفع سعر صرف الدولار حتى يتسنى لها تقليص الفجوة بين الواردات بالعملة الصعبة من بيع النفط وما تنفقه على الموازنة التشغيلية للبلاد أي تقليل عجز الموازنة، إذ يبيع العراق نفطاً بقيمة بحجم 3.250 مليون برميل يوميا (حسب مسودة الموازنة الاتحادية العامة الاتحادية)، بما يوازي (3.25 x 42 دولار = 136 مليون دولار يوميا) (49,822.5 مليار دولار) (59,787,000,000 دينار عراقي أي بحدود 60 تريليون سنويا)، وهو رقم لا يكفي لدفع مرتبات الموظفين البالغة نحو 70 تريليونات دينار شهرياً، ومع خفض قيمة الدينار تتراجع نسبة العجز ويتعزز حجم الإيرادات العامة. حجم الواردات النفطية على سعر الصرف الجديد هو (49,822.5 مليون دولار x 1450 دينار = 72,224,262,500 دينار أي 72 تريليون) وبالتالي انتفت الحاجة للاقتراض الداخلي والخارجي.
2- ان خفض سعر صرف الدولار سيؤدي الى خفض عملية تهريب وتحويل الدولار خارج العراق وقد تكون الأمور عكسية أي سيجلب الدولار من الخارج، وهذا واضح في الفترة التي سبقت عام 2003 عندما كان الدولار يأتي من الخارج الى العراق.
سلبيات رفع سعر الصرف:
1- أن "سعر الدولار سيواصل الارتفاع في الأيام المقبلة، ما سيؤثر بشكل كبير على المواطنين". لان العراق لا يصنع شيء او يزرع شيء وبالتالي كل احتياجاته هي مستوردة وبالدولار، النتيجة ارتفاع لكل شيء في الأسواق.
2- كان المفروض يوجد للدولة جهاز رقابي على الاقتصاد (وهو موجود فعلا) لكن التساؤل هنا، هل تستطيع الحكومة من السيطرة على جنون رفع الأسعار وجشع التجار.
3- المتضرر هم الفقراء، الذين يشكلون النسبة الكبرى من المجتمع العراقي". وكذلك الموظفين تضرروا أيضا لان قيمة رواتبهم قلت بنسبة الربع فمن كان يستلم رات بمقدار مليون فأصبح الآن بما مقداره 750 ألف.
في الأيام التي سبقت تاريخ 20/12/2020 كان البيع للعملة الأجنبية (الدولار) بسعر (1190) دينار، والبنك المركزي يبيع ما مقداره 250 مليون دولار (حسب تصريح احد السياسيين)، لكن في السوق سعرة 1330 دينار وبالتالي ان الخسارة للبنك بحدود (1330 – 1190 = 140) دينار (140 دينار x 250,000,000 = 35,000,000,000 أي 35 تريليون دينار).
لنفرض ان البنك المركزي يبيع نصف القيمة التي صرح بها أحد النواب أي 125 مليون دولار، ستكون الخسائر بحدود 17.5 تريليون دينار يوميا.
النتيجة
إن الذي يحدد سعر العملة في الأسواق هو العرض والطلب على هذه العملة، كأي سلعة في الأسواق. والمسؤول عن العملة هو البنك المركزي، لكن العراق وفي ظل التخبط السياسي والإداري، نرى أن البنك خاضع لسيطرة وزارة المالية وهذا واضح وجلي من تصريح وزير المالية يوم امس، وفي تسريبات وتصريحات لنواب ومسؤولين في الدولة إن سعر الصرف تم الاتفاق علية سياسيا (أي إجماع الكتل) وكأن الأمر يخص منصب وزاري أو شغل منصب معين.
في الدول ذات الأنظمة المستقرة، يعتمد سعر الصرف على الصادرات والواردات، فكلما كانت الصادرات أقوى من الواردات كلما شهدت العملة المحلية طلبا أكبر، والعكس صحيح كلما اختل الميزان التجاري لصالح الشركاء التجاريين كلما تراجع الطلب على العملة ودفع سعرها إلى الهبوط أمام العملات الأجنبية الأخرى.
1- للأسف وكعادة الحكومة في عدم إيجاد حلول ناجعه للخروج من الأزمات المالية والحصول على موارد مستدامة خارج القطاع النفطي، نجدها تتجه الى الحلول الآنية والتي تحتوي في جنباتها سلبيات على المواطن بصورة مباشرة، وما زيادة سعر الدولار الا مثال للحلول الآنية والترقيعية.
2- لنفرض جدلا ان الأمر ملح ويجب إيجاد علاج اني للوصول إلى الحلول الاستراتيجية (طبعا غير موجودة) فكان الأمثل لها أن ترفع قيمة الصرف تدريجيا ولفترات طويلة ودراسة تأثير هذا الحل وهل هو ناجح امر ذو تأثير سلبي، وكذلك يكون لدى أصحاب القرار الفترة الكافية لإيجاد حلول مستدامة.
3- كان الأجدر بالحكومة الذهاب الى الموارد المعطلة كالجباية والضرائب والمنافذ الغير مسيطر عليها والغير رسمية (مثل المنافذ الموجودة في الإقليم).
4- كحل وعلاج للطبقات الفقيرة هو السيطرة على سعر المواد الغذائية الأساسية والمواد الطبية وذلك عن طريق بيع الدولار بالسعر القديم للتجار الذين يستوردون المواد المذكورة انفا وبالتالي نضمن ان هذه التسعير الجديدة هي لن تضر المواطن البسيط.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ارتفاع سعر صرف الدولار .. استمرار الغلاء الفاحش
- الجريمة المصرفية