- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
اصلاح النظام السياسي في العراق
عباس الصباغ
الاصلاح الحقيقي في العراق يبدأ من اصلاح النظام السياسي وينتهي به، ولا يختلف اثنان من العراقيين على ان النظام السياسي (البرلماني / التوافقي / التحاصصي) الخاطئ والذي اعتمد كبرنامج عمل سياسي لمجمل العملية السياسية بعد التغيير النيساني المزلزل ولحد الان، والذي تواشجت عليه جميع الكتل والفرقاء السياسيون، كان هو السبب الرئيس في انعدام ثقة الشارع العراقي بالعملية السياسية) ولم يكن يوما ما في مستوى طموح الفرد العراقي او في مستوى اماله كونه لم يقدّم ما كان يصبو اليه من مستوى معيشي يليق بالمواطن العراقي المتخم بالمعاناة المتوارثة التي سببتها الانظمة الديكتاتورية السابقة، اضيفت اليها المعاناة التي سببتها اخطاء الحكومات المتعاقبة بعد التغيير النيساني بسبب الفساد الإداري والمالي والذي كان ومايزال يجعل العراق في ذيل القوائم التي تصدرها منظمات الشفافية الدولية .
النظام السياسي الخاطئ هو جوهر المشكلة بين الشارع العراقي وقيادته المنتخبة وسبب احتقان الشارع العراقي، وصحيح ان هنالك اسبابا اخرى لاحتدام التظاهرات المليونية كتردي مستوى المعيشة والبطالة وضعف الخدمات الا ان اسلوب النظام السياسي الخاطئ يبقى لب المشكلة واهتزاز ثقة الشارع بالعملية السياسية او انعدام ثقته بها تماما ، وهو مايفسر الاحتقان المتكرر للشارع العراقي المحروم من فرص الحياة الكريمة واللائقة بدولة هي ليست فقيرة، اذ يعيش الكثير من سكانها تحت هامش الفقر ولايجدون قوت يومهم مقارنة بأبسط دولة من دول الجوار المشابهة للعراق من حيثُ امكاناته المادية ومرتكزاته الاقتصادية.
وقد اخطأ بعض المحللين والمراقبين بالاعتقاد ان حُزم الاصلاح (رغم اهميتها الاستراتيجية الفائقة) والتي اطلقتها الحكومة في مسعاها الاصلاحي انها ستكون كافية لذلك، والتي جاءت متزامنة مع الفورة الشعبية المطالبة بالإصلاح السياسي وتحسين مستوى المعيشة، تلك الحزم هي ليست كافة لاصلاح نظام سياسي خاطئ ورث جملة من الاخطاء والخطايا عن الحكومات السابقة لاكثر من عقد ونصف من الزمان كانت مليئة بالأخطاء السياسية والاقتصادية والقرارات الارتجالية غير المدروسة او التي كانت تمليها بعض الاحزاب حسب الاهواء او المناكفات السياسية الدائرة بينها.
الواقع العراقي المتردي ـ والذي مازال يئنّ من سطوة الفساد الذي اهدر المال العام وفرص العيش الكريم والتنعم بالخدمات بسبب النظام التوافقي/ التحاصصي/ التشاركي، بحاجة الى اصلاحات اكبر واعمق واشمل وفي جميع المجالات لاعادة الثقة الى الشارع العراقي بعمليته السياسية، ولوجود نسبة كبيرة من الشعب العراقي يعيشون في العشوائيات المحرومة من الخدمات اصلا والكثير منهم لايجد قوت يومه او فرصة لتعيينه لاسيما الخريجين وحملة الشهادات العليا منهم، والكثير من الحُزم الاصلاحية او الاجراءات التي كانت تطلق سابقا عقيب اندلاع تظاهرات غاضبة وحاشدة لم تكن لتفي بالغرض المنشود منها او انها كانت في وادٍ والشارع في واد ٍاخر او انها بقيت حبرا على ورق وخضعت هي الاخرى للفساد.
المطلوب حزمة اصلاحية حقيقية تتمثل بتعديل الدستور ليس لمطالب شعبية آنية او تنفيذا لها بل من اجل مستقبل العملية السياسية ذاتها وتصحيح مسارها المعوّج وبالتاكيد لن يتم ذلك بين ليلة وضحاها، وذلك 1. بالتحول المدروس من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي مع التأكيد على ان العيب لم يكن في هذا النظام بل في تطبيقه 2. التوزيع العادل للثروات الوطنية التي هي ملك لجميع الشعب ولرفع الاجحاف عن الطبقات الاكثر فقرا من المجتمع و لا بدّ من تبني سياسات اقتصادية كلية تهدف الى تخفيض التفاوت في توزيع الدخل من خلال المواءمة بين السياستين النقدية والمالية لغرض اعادة توزيع الدخول لصالح الفئات الفقيرة ومحدودي الدخل.. 3. استيعاب البطالة بكافة انواعها والاستعانة بالخبراء الدوليين في هذا المجال 4. تقليل الفوارق المجتمعية والمادية بين العراقيين ورفع المستوى المعيشي في اوساط الشرائح الاكثر فقرا في المجتمع . 5. متابعة ملفات الفساد والضرب بيد من حديد على ايدي الفاسدين ومن اية جهة كانوا واسترجاع الاموال التي نهبوها، 6 تنشيط القطاعات الاقتصادية الاخرى كالزراعة والصناعة والسياحة لتخفيف حدة احتكار النفط ولتنويع مصادر التمويل المالي واستقطاب الايدي العاملة العاطلة 7. اجراء انتخابات برلمانية جديدة وباشراف اممي لعدم تكرار الاخطاء التي تماسست عليها العملية السياسية الحالية والتي ادت الى هذا الاحتقان الجماهيري الغاضب.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي