- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الوجبة المجانية في المالية العامة للعراق
بقلم: د. مظهر محمد صالح
بنيت موازنة ٢٠١٩ على ايرادات نفطية شديدة الواقعية اي ٥٦دولار للبرميل وهو سعر ظل يحمل هامش ريعي موجب لمصلحة الموازنة يتذبذب بالزيادة منذ بداية السنة المالية وحتى اليوم بين ٥٨ دولار اعلى من سعر الموازنة،ما ساعد على تغطية نسبة مهمة من العجز المخطط.
وبالرغم من ذلك تجد ان هناك فجوتان: الاولى، ان الموازنة التشغيلية ذات الطابع الاستهلاكي الحكومي ظلت بالغالب تمتص ايرادات النفط كافة حتى مع هامش الريع الموجب.
وان الموازنة الاستثمارية التي هي اساس النمو المباشر ظلت هي الاخرى تعتاش على الايرادات غير النفطية. اذ تشكل الموازنة الاستثمارية حوالي ٣٠٪من اجمالي الانفاق الكلي السنوي في حين تشكل الايرادات غير النفطية المقابلة سوى ١٠٪ في افضل الاحوال.
ما يعني ان مشاريع الاعمار (بالذات غير النفطية) ستنفذ عن طريق الاقتراض الخارجي المتاح في الموازنة وهي مشاريع خدمية مهمةً تشكل نسبة ٤٥٪ من اجمالي المشاريع الحكومية الاستثمارية وان التمويل الخارجي او القروض الخارجية المتاحة لا تلبي سوى ١٠١٢٪ من التمويل المتاح للاعمار.
لذا خلاصة العجز السنوي تمتصه مشاريع الدولة غير المنفذة. وهنا يتحول او يرحل عجز الموازنة من عجز مالي الى العجز حقيقي.
حقاً انها مشكلة مستعصية في السلوك الريعي السائد في بلداننا اليوم و القائم على تجردات مايسمى بالفهم السلبي للتصرف بالايرادات العامة النفطية وعدها غنيمة ابتداءً وليس توظيف منتج لبناء الانسان والقدرات المادية الاخرى اللازمة لاستدامة الحياة.
فمن اخطر المباديء السائدة في مجتمعاتنا اليوم هي المناداة بتوسيع وعاء المجانية free lunches في كل مفاصل الحياة اليومية وهذا يفسر الاصرار على ضياع الاوعية الايرادية المهمة (او ما اسميها بالاوعية الهاربة) وهذا الاتساع المجاني للتصرف الاستهلاكي بالايرادات العامة يتعالى صوته مع تزايد ريوع النفط التي يرافقها تعطل برامج التنمية والتوزيع غير العادل للثروات وظهور استدامة للبطالة.
انها معادلة صعبة اذا ما استمرت بهذا الشكل الخاطيء ستعطل حاضر التنمية البشرية وتصادر مستقبلها لا محال.
أقرأ ايضاً
- أهمية التحقيق المالي الموازي في الجرائم المالية
- جرائم الإضرار بالطرق العامة
- بماذا للعراق ان يستفيد من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ التجربة البريطانية