بقلم: أياد السماوي
لأننا لم نحسن التفكير.. ولأننا لم نحسن التخطيط.. ولأننا قادة غير جديرين بإدارة هذا البلد.. تفاقم الوضع في بلدنا من سيء إلى أسوء.. وتضاعفت معاناة شعبنا وتراكمت همومه.. وكلّما مضت سنة من عمر هذا الشعب ازداد بؤسه أضعافا مضاعفة حتى لم نعد نرى أي ضوء في نهاية النفق.. فما حدث للمعتصمين من حملة الشهادات العليا من تصرّف مناف للدستور ومناف للقيم والشهامة والأخلاق , يجب أن نقف عنده وقفة جادة بعيدة عن بيانات الشجب والاستنكار.. فما حدث يوم أمس يجب أن لا يمرّ مرور الكرام ويتطلّب منّا دراسة هذه المشكلة التي تتفاقم سنة بعد أخرى بسبب الأعداد المتزايدة من المتخرجين من الجامعات العراقية كلّ عام , دراسة علمية تضع الحلول الناجعة لهذه المشكلة العصيّة , فمن المؤكد أنّ الجهاز الإداري للدولة غير قادر على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة من المتخرجين وأصحاب الشهادات العليا , ولهذا تصبح المطالبة بتعينهم في دوائر الدولة غير صحيحة , خصوصا أنّ جهاز الدولة الإداري يعاني من تضخم كبير في أعداد الموظفين الفائضين عن الحاجة.. كما وأنّه من غير المنطق أن تبقى هذه الشريحة المهمة في المجتمع عاطلة عن العمل ويحرم البلد من تخصصاتها الضرورية في تحقيق النهضة التنموية الشاملة.. وتضيع جهودهم التي بذلوها في الدراسة لسنين طويلة حتى حصولهم على هذه الشهادات العليا.. فإذا كان الأمر كذلك فما هو الحل الناجع والصحيح لهذه المشكلة التي أصبحت تتفاقم وتزداد يوم بعد يوم.
والمطالبة بإيجاد فرص عمل لهذه الشريحة الهامة من المجتمع لا يعني توظيفهم في دوائر الدولة من دون الحاجة الفعلية لتخصصاتهم , بل تعني دعوة الحكومة لإيجاد فرص عمل لهم من خلال النهضة التنموية الشاملة في كافة القطاعات الاقتصادية (صناعة , زراعة , بناء , نقل , اتصالات , نفظ , صحة , تعليم) , نهضة تستوعب هذه الطاقات وتضعها في المجال الصحيح.. وبدون هذه النهضة التنموية الصناعية الزراعية التكنولوجية , ستبقى مشكلة خريجي الجامعات وأصحاب الشهادات العليا قائمة , وسيبقى شبح البطالة يهدد أمن المجتمع واستقراره وتطوره , كما وسيدفع بهجرة العقول العراقية إلى الخارج بحثا عن العمل , وبالتالي يكون البلد قد فقد أهم ركن من أركان التقدّم والبناء والتطوّر.. وهذا الحل ليس حلا سريع للمشكلة ويحتاج إلى وقت قد يطول بسبب ضعف اهتمام الحكومات بالبناء والإعمار وانشغال الطبقة السياسية بالفساد ونهب ثروات البلد.. وبما أنّ الدستور العراقي في المادة 22 أولا قد جعل العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة , فهذا النص الدستوري يوجب على الحكومة توفير العيش الكريم لكل عراقي سواء كان من حملة الشهادات أو من غيرهم.. فكيف يحصل العراقي على الحياة الكريمة التي كفلها له الدستور من غير مصدر للدخل ؟ , فعلى الحكومة ومجلس النوّاب تشريع قانون حق العيش الكريم للعراقيين.. وهذا ليس منّة من الحكومة.
أقرأ ايضاً
- التأهيل اللاحق لمدمني المخدرات
- دور الذكاء الاصطناعي في إجراءات التحقيق الجزائي
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!