يلاحظ خلال الأعوام الأخيرة انتشار ظاهرة تغليف واجهات المباني الحكومية والفنادق والمحال التجارية وحتى الدور السكنية بمادة ( الكوبونت ) وهي قطعة معدنية تتكون من جزءين من الألمنيوم ويفصلهما مادة عازلة للحرارة، يتم تركيبها بواسطة هيكل حديدي مخصص لها وفقا لتصميم البناية بدقة ومهارة ويقول أحمد الموسوي أحد أصحاب شركات التغليف هذه، إن مادة الكوبونت هي ارخص مادة موجودة الآن لاستخدامات الديكور اذا ما قارناها بالحجر والقرميد والمرمر والصبغ والنثر، وهذه المادة تصلنا من منشأين هما تركيا والصين وبتدرجيات لونية تتراوح بين (20 - 25) لونا، أما أسعارها فيحددها اللون والطلب عليه، فجميع الألوان المتداولة الفاتحة والغامقة يصل سعر المتر الواحد أو ما يسمى بالقطعة الواحدة (70 دولارا) مع تكاليف العمل (كرسته وعمل) بما فيها أجور العمال والسكلات المستخدمة في تركيب القطع، أما الألوان الأخرى التي يتزايد الطلب عليها هي الذهبي والفضي والعاجي و(الفأرة والمرايا) فسعر المتر يصل إلى (108 دولارات) مع تكاليف العمل، ويتفاوت الوقت المستغرق بتنفيذ كل بناية عن الأخرى وفقا لتصميمها ومساحتها لأن طبيعة العمل تحتاج الى دقة عالية ومهارة وخبرة في التنفيذ، كما أن القطع المتبقية من مادة الكوبونت بعد انتهاء التنفيذ يتم الاستفادة منها في أثاث المطابخ.
[img]pictures/2010/09_10/more1285246763_1.jpg[/img][br]
مواكبة التطور والبحث عن الجمال..
إن أعمال التغليف جارية للعديد من المحال التجارية، والحاج هاشم سعد (صاحب محل) أوضح لموقع نون سبب اختياره لمادة الكوبونت في تغليف محله لكونها مسايرة للعصر والاهم هو مقاومتها حيث تتراوح بين (20 _ 25) عاما.
بينما علل رعد يحي، صاحب مطعم وقاعة للأعراس سبب إقدامه على تغليف المطعم، هو لسهولة تركيب مادة الكوبونت في السقوف الثانوية وإمكانية تغيير الديكور بين الحين والآخر بالنسبة لقاعة الأعراس التي تتطلب التغيير، خصوصا ونحن نعاني من كثرة العواصف الترابية، والأهم بنظره هو سهولة تبديل احدى القطع اذا ما تعرضت الى التلف .
التغليف بالكوبونت: هروب ثقافي واختفاء لبصمة التراث
أستاذ التشكيل في كلية الفنون الجميلة الدكتور جبار خماط يرى أن الكوبونت موضة تضفي رونقا يخفي عيوبا ربما كانت تحيط بالواجهات الأمامية والجانبية للبنايات وتعطي لسطح الواجهة تنويعا بصريا يريح الناظر من خلال فكرة التناغم ما بين المواد المختلفة، ولكن هل تكون ظاهرة تغليف البنايات بالكوبونت فاعلة في إيجاد مدينة عصرية تمتاز بالأبنية الملونة التي قد تعيد للناظر العراقي شيئا من إعادة التناغم المفقود بين ذاته والبيئة المحيطة ؟ وهل يكون التغليف حلا ناجحا لعيوب السطح الخارجي الذي تغطيه من دون علاجه بالكامل؟ ثم أين الخصوصية الثقافية للبعد العمراني للمدن العراقية وهي تعاني ظاهرة الترقيع الالمنيومي؟
فيما بيّن المهندس جبار الخفاجي: لموقع نون ان الواقع العراقي يشهد ثقافة الهروب من المشكلة وليس العمل على حلها وهذا ما يتلمسه المواطن سياسيا واقتصاديا وخدماتيا، وكأننا نركض وراء الترقيع وإخفاء العيوب مؤقتا على طريقة النعامة! وخذ ما يحصل للأسف في بنية البيئة العمرانية المحيطة بنا والتي تعاني تشويشا جماليا يعطي إحساسا بالانطواء الشعوري لأن ما تعمله أو تتركه ظاهرة التغليف هو تهميش دور المتلقي في إكمال البعد الجمالي للبناية من خلال ما يعرف بمبدأ المشاركة العاطفية ما بين المتلقي والعمل الفني، ولأن التغليف يجعل من البناية صندوقا رتيب الملامح والخطوط، وهو ما يفسر كلام كثير من الناس بجملة مباشرة \" صحيح البناية حلوة بس أدوِخ \" وهي جملة تحمل تشخيصا سلبيا لعملية تغليف البنايات لأنها تمثل توزيعا عشوائيا يربك النسق الجمالي للبنايات مجتمعة وما ينعكس أثره – بالنتيجة - على التكوين الثقافي والحضاري للمدن العراقية بشكل عام..
تقرير / حسين النعمة
تصوير / رسول العوادي
أقرأ ايضاً
- بركات الامام الحسين وصلت الى غزة ولبنان :العتبة الحسينية مثلت العراق انسانيا(تقرير مصور)
- عمرها يتجاوز (500) عام :مهنة "رواف الملابس" اندثر سوقها في بغداد وتسير نحو الانقراض (مصور)
- بدأ براية ورجُلين :موكب رايات البصرة الحسيني يسير (22) يوما رافعا (30) راية (مصور)