هم من كسبة الكاظمية العاملين في سوق وعلوة المخضر اتفقوا على تأسيس موكب حسيني ليحيوا شعائر استشهاد الائمة الاطهار ويبرزوا الظلم الذي وقع عليهم، كانوا يجمعون الدراهم والفلسان ليطعموا الزائرين واستمروا على اقامة العزاء منذ (86) عاما تنقل الموكب عبرها من الاجداد الى الآباء ثم الابناء ومن بعدهم الاحفاد ورغم قسوة الحكم الفاشي في العراق، واغتيال وقتل عدد من اعضاء الموكب الا انهم لم ينقطعوا عن نصرة محمـد وآل محمـد.
اسم البياعة
ويسرد خادم موكب "البياعة سابقا" والذي تحول اسمه الى موكب الامام الجواد (عليه السلام) الحاج" علي الكاظمي" تاريخ موكبهم لوكالة نون الخبرية بقوله ان" الموكب وبالرغم من تحديد تاريخ تأسيسه بعام (1939) بعد ان حددت له هيكلية وتنظيم، الا انه يعمل من مدة اقدم من ذلك، ومسمى "البياعة" ارتبط بتاريخ الموكب لان مدينة الكاظمية كانت مساحتها صغيرة وقرر حينها مجموعة من باعة الفواكه والخضر الذين يعملون في علوة المخضر تأسيس موكب عزاء وخدمة وسموه موكب "البياعة"، وحسب ما نقل لي جدي وابي ان الباعة وقبل مدة من حلول شهر محرم الحرام او صفر او رجب يفرشون "منديل" في مكان الموكب ويفتح باب التبرع والمساهمة والمشاركة بجمع مبالغ نفقات الموكب، وكانت العملة المعدنية (الدراهم والعشرة والخمسة فلوس والفلس والعانة) هي المتداولة بشكل اكبر من الورقية، فيجمع مبلغ المال ويوضع امانة لدى احد اعضاء الموكب من الباعة لينفق على الموكب عند اقامة العزاء والخدمة، ويجمع مرة اخرى اذا زادت النفقات عن ما جمع سابقا، واول ما اقيم الموكب على مكان قرب ضريح الشريف المرتضى، وبعد ان ضاق المكان غيرنا مكان الموكب الا ان من الله علينا وحصلنا على هذه البناية في شارع المراد، ومن ابرز ما حصل معنا في الموكب خلال الاعتداءات التي كانت تمارسها عصابات القاعدة الارهابية كنا نقدم الخدمة وشارع باب المراد يغص بالزائرين، فسقطت على الكاظمية قذائف هاون وتفرقت الناس الى سماطين واستترت بالمحال والبيوت واصبح الشارع خاليا، فصاح بنا احد اعضاء الموكب ليحفزنا على الثبات وفعلا نزلنا الى الشارع وقرعنا الطبول كما تفعلها المواكب وصحنا بصوت واحد " حيدر، حيدر" فعادت الناس الى المسير والتوجه الى المرقدين الشريفين".
الخدمة قديما
يدخل "ابو حسين" في تفاصيل الخدمة القديمة وما درجت عليه سابقا بقوله" ان المواكب تعتمد في اعداد الطعام على قدور النحاس" الصفر" وتتباهى بها لانها قدور غالية الثمن، وتعلمنا من اجدادنا وآبائنا التحضير لشهر محرم من مدة وكذلك ذكرى استشهاد الامامين الكاظم والجواد(عليهما السلام)، فيما نقدم الخدمة للزائرين ونقيم العزاء في مدينة كربلاء خلال الزيارة الاربعينية، وكانوا ينصبون خيمة "جادر" ذو الحبال القوية القديمة "الجنب" والاوتاد الخشبية، ويقدم الطعام في مواعين "فافون" نحتفظ ببعض منها الى الآن مع الملاعق، والوجبة تقتصر على التمن والقيمة، والماء يوفر في الاواني الفخارية (حِب الماء) من النهر لان المدينة لم يكن فيها انابيب اسالة الماء، ويوزع بـ"الطاسة"، ويقوم السقا بجلب الماء من النهر وملئ "الحبوبة" وتوزيع المياه، ويقيم الموكب العزاء بمحاضرات ولطميات ويستقطب الخطباء والرواديد"، مؤكدا ان" من ابرز مؤسسي الموكب هم المرحوم "حسن زلخة" وابنه المرحوم "حجي جاسم" وهو والد حجي محمـد "ابو سجاد" صاحب الموكب الحالي، وبيت مجيد البياع، وقارئ الموكب حسن ليلو، والشهيد قاسم، وشاعر الكاظمية الشهيد علي الموسوي الذي اغتالته الطغمة الحاكمة، واستهدفوا بسبب الشعائر الحسينية".
منع وعزاء قائم
فرضت الطغمة البعثية الغاشمة تدابير امنية مشددة على من يقيم العزاء واعتقلت واعدمت الكثيرين ولكن العزاء قائم يصفه "الكاظمي" بقوله ان" كانت تدابيرنا سرية لان لدينا ميسورين ماديا عمدوا لبناء بيوت كبيرة على اطراف الكاظمية الذي كانت تمتد من ساحة عبد المحسن الكاظمي وساحة عدن ومستشفى الكاظمية التي لم تكن موجودة اصلا، ويتم التبليغ سرا بأمكنة اقامة المجالس العزائية، ويقف رجال على الطريق يرشدونا الى البيت، وبعد دخولنا نكتشف ان هناك باب ينفذ على البيت الثاني وفيه غرفة تتوسط الدار الثاني مهيأة كموكب او حسينية وموشحة بالسواد والرايات "الزنكية"، وبعد انتهاء العزاء نخرج فرادى من مكان غير الذي دخلنا منه، حتى لا نلتف انظار زبانية الامن، اما عزاء النساء فكان داخل اغلب بيوت الكاظمية ولم ينقطع نهائيا كما لم ينقطع لبس الملابس السوداء او رفع الرايات، وبعد زوال حكم الطاغية في الايام القريبة على ذكرى زيارة الاربعين فبذلنا جهود كبيرة لتوسيع الخدمات لان الناس اندفعت بالملايين للزيارة بعد ان كانت محرومة ومكبوتة، وقمنا بجمع معدات ومستلزمات الموكب التي كنا نخفيها في عدد من البيوت والمحال التجارية، وبالفعل نزلنا بمواكب زنجيل ولطم وقدمنا الطعام والشراب للزائرين، ويعمل في الموكب ابناء واحفاد الاجداد الذي شكلوا الرعيل الاول المؤسس للموكب"، مبينا ان" الموكب يجمعه الان "كروب" على الواتساب يتم التبليغ فيه قبل مدة من حلول المناسبة فتتم عملات نصب الموكب وتغليف جدرانه بالسواد، والتسوق له واعداده لتقديم الخدمة التي تتضمن الاف من وجبات طعام وشاي وكعك وماء ونخرج بموكب عزاء ونعش تشييع رمزي".
قاسم الحلفي ــ الكاظمية المقدسة
أقرأ ايضاً
- فيديو:حجر عمره 80 عاما على قبر الامام الحسين يزين خاتم العتبة الحسينية
- ساروا الى كربلاء في زمن البطش... "مضيف الجوادين" موكب يقدم (35) الف وجبة في استشهاد الامام الكاظم
- شارك خدامه في المعارك ضد "داعش".. موكب من الديوانية يقدم خدماته لزوار الكاظمين ولزائري المراقد المقدسة منذ (90) عاما