في ظل أزمة طاقة يمر بها العراق بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني، يكتنف الغموض عقد استيراد الغاز من تركمانستان عبر الأنانبيب الإيرانية، والذي أكدت وزارة الكهرباء عدم دخوله حيز التنفيذ حتى الآن بالرغم من مرور أكثر من شهرين على توقيعه، لأسباب تتعلق بإجراءات المصرف العراقي للتجارة TBI، لافتة إلى أن إيران سوف تستفيد من 30 بالمئة من الكميات المصدرة بدل أجور "ترانزيت" مرور على أراضيها.
ويقول المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، إن "تركمانستان لم تباشر بتصدير الغاز للعراق حتى الآن رغم توقيع الاتفاق بين البلدين".
ويضيف موسى، أن "الجانب التركمانستاني من المفترض أن يباشر بالتصدير في يوم استلام الدفعة الأولى من الأموال"، موضحا أن "سبب التأخير، مرتبط بإجراءات المصرف العراقي للتجارة، فهو من المفترض أن يقوم بفتح اعتماد للحكومة التركمانستانية، لتوضع فيه المبالغ المطلوبة، وإشعار الأخيرة بذلك، لتقوم بضخ الغاز عبر الآلية المتفق عليها، ولكن حتى اللحظة لم يتم حل هذا الأمر، ولم يصلنا إشعار بالانتهاء من فتح الاعتماد، دون معرفة تفاصيل التأخير".
وينفي فكرة أن يكون للعقوبات المالية على إيران دخل في تأخير فتح الاعتماد، مؤكدا أن "إيران بموجب الاتفاق سوف تتقاضى 30 بالمئة من واردات الغاز التركمانستاني مقابل مروره على أراضيها، ولن تتقاضى أموالا مقابل ذلك"، لافتا إلى "عدم صحة ما يشاع حول استحواذ الجانب الإيراني على كميات الغاز المرسلة من تركمانستان للعراق لأنه لم يدخل حيز التنفيذ من الأصل للأسباب التي ذكرناها".
ومؤخرا، تداول العديد من الناشطين ووسائل الإعلام، أنباء حول استحواذ الجانب الإيراني على غاز تركمانستان المصدر نحو العراق عبر أنابيبها، وأن الأخير ملزم بدفع أموال الغاز.
ووقعت وزارة الكهرباء، في 19 تشرين الأول الماضي، اتفاقية مع تركمانستان لتوريد الغاز إلى العراق بكميات تصل إلى 20 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، لافتة إلى أن شركة لوكستون إنرجي السويسرية ستورد الغاز من تركمانستان للعراق عبر شبكة خطوط الأنابيب الإيرانية باستخدام آلية المبادلة لتيسير النقل.
وجاء التوقيع، بعد أن رعى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، في 6 تشرين الأول من العام الماضي، توقيع مذكرة تفاهم لاستيراد الغاز من تركمانستان.
وبحسب وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، فإن هذه الخطوة ستسهم بشكل ملموس في ضمان تزويد المحطات الغازية بالوقود اللازم، وتساهم حاليا بنحو 60 بالمئة من إجمالي إنتاج الكهرباء في العراق.
ويعاني العراق من نقص الكهرباء بسبب عدم كفاية إمدادات الوقود لمحطات توليد الكهرباء، مما دفع الحكومة لبذل جهود من أجل تنويع مصادر الطاقة وزيادة واردات الغاز والاستثمار في مشروعات إنتاج الغاز المحلية لتقليل الاعتماد على موردين من الخارج منهم إيران.
وخلال شهر كانون الأول الحالي، توقفت إمدادات الغاز من إيران، ما أثر سلبا على تجهيز الطاقة في العراق، وبحسب تصريحات رسمية صادرة من وزارة الكهرباء، فإن عودة الطاقة لوضعها الطبيعي مرتبطة بعودة إطلاقات الغاز الإيراني.
من جانبه، يبين عضو لجنة الكهرباء والطاقة النيابية، كامل عنيد، أن "العراق لم يرسل لغاية الآن أي مبلغ مالية إلى تركمانستان للمباشرة بتطبيق الاتفاق".
ويتابع عنيد، أن "الغاز التركمانستاني في حال بدء تصديره سيكون للعراق اطلاع على كمياته وأوقات وصوله وتفاصيل الشحنات، لكن لم يدخل الاتفاق حيز التنفيذ حتى الآن، بسبب معرقلات في إرسال المبالغ المتفق عليها من الجانب العراقي".
ويؤكد أن "إيران لديها مشاكل وصيانة في منظومة الغاز، لذلك يعاني العراق منذ أيام من أزمة في تجهيز الكهرباء، وبانتظار انتهاء فترة الصيانة الإيرانية التي تم إعلام العراق بها".
وكانت وزارة الكهرباء، وقعت عقدا مع إيران في شهر آذار الماضي، وذلك بالتزامن مع الاستثناء الأمريكي الذي منح للعراق، لكي يسدد ديونه المتراكمة لإيران، ونص العقد على توريد الغاز من إيران لمدة 5 سنوات.
وبحسب بيان الوزارة في حينها، فإن معدلات ضخ الغاز حسب العقد، تصل إلى 50 مليون متر مكعب يوميا، وتتفاوت كمياته حسب حاجة المنظومة لصالح إدامة زخم عمل محطات الإنتاج، ومواكبة ذروة الأحمال والطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية.
إلى ذلك، يعلق الأكاديمي والخبير النفطي، كوفند شيرواني، على هذا العقد بالقول، إن "الاتفاق يتضمن تصدير 20 مليون متر مكعب من الغاز التركمانستاني للعراق يوميا، بينما تصدر إيران للعراق 50 مليونا ولكن الأخيرة غير ملتزمة بتلك الكميات".
ويردف شيرواني، أن "الغاز التركمانستاني في حال وصوله للتنفيذ، فإنه سيحل ثلث المشكلة الحاصلة بتجهيز الكهرباء لدى العراق وليس كلها"، مبينا أن "مصرف التجارة العراقي لم يقم بإرسال الأموال اللازمة للاتفاق لغاية الآن، إلى تركمانستان".
ويلفت إلى أن "انابيب النفط التي سيمر بها الغاز التركمانستاني ستقوم بتشغيلها شركة دولية مختصة، وليس الجانب الإيراني، وهذه نقطة مهمة، لكن تبقى الأنابيب إيرانية وعليه فإن على العراق دفع أجرة ترانزيت"، مؤكدا أن "تركمانستان في حال باشرت بالتصدير فالأمر سيكون معلنا بوضوح للجميع".
يشار إلى أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ذكرت أن العراق أشعل 629 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بسبب عدم كفاية خطوط الأنابيب والبنية التحتية لغاية الآن، مبينة أن هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن افتقار حقول النفط العراقية لمعدات جمع الغاز، يؤدي سنويا إلى حرق 18 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب للنفط، وبحسب تقديرات دولية، فإن هذا الحرق يكلف العراق 2.5 مليار دولار سنويا، أو ما يعادل 1.55 مليار متر مكعب من الغاز يوميا، وهو ما يعادل 10 أضعاف ما يستورده العراق من إيران.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- في منطقة شهداء البياع.. تجاوزات خطرة على الطرق ونقص في الخدمات ومشاريع حضارية متروكة(مصور)
- بالتعاون بين مكتب السيد السيستاني والعتبة الحسينية:سكن وتجهيزات ومساعدات مالية للعائلات السورية المنكوبة في لبنان
- أزمة الكهرباء تتفاقم في العراق.. خسائر مالية وإجراءات ترقيعيه