
وسط مشهد سياسي متشابك، تتصاعد التكهنات حول ما ستؤول إليه الأمور في شمال العراق، وذلك بعد تشكيك الرئيس التركي رجب أردوغان، بتوقف عملية نزع سلاح حزب العمال الكردستاني و الإيفاء بوعوده تجاه دعوة زعيمه عبد الله أوجلان المسجون في تركيا، إلى حل نفسه وإلقاء سلاح.
إذ يرى العضو السابق في برلمان كردستان عبد السلام برواري، أن تنوع أسماء حزب العمال الكردستاني خارج تركيا، قد يبقي التواجد التركي في شمال العراق، مما يعطي مبررا لتوسيع أنقرة هجماتها، مؤكدا أن الأمر يعتمد على موقف إيران، لعلاقتها الجيدة مع تلك التنظيمات.
وتأسس حزب العمال الكردستاني عام 1978، وتعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “إرهابيا”. وأطلق تمردا مسلحا صد أنقرة عام 1984 لإقامة دولة كردية. وخلف هذا الصراع أكثر من 40 ألف قتيل منذ 1984.
وأطلق أوجلان دعوتين سابقتين إلى الهدنة في بداية القرن الحالي ثمّ في العام 2013 باءتا بالفشل، ما أفسح المجال أمام تجدد أعمال العنف.
وقال برواري، إن “صدور نداء أوجلان هو أمر إيجابي بحد ذاته، وتم استقبال البيان بإيجابية من تركيا وقيادة حزب العمال وكذلك دولياً، لكن هذا يشترط تحقيقه أن يتحول نداء أوجلان إلى واقع حقيقي”.
وأضاف: “أي أن كل تنظيمات حزب العمال والقوى المسلحة التي لها عناوين مختلفة لكنها في الحقيقة تابعة لحزب العمال، إذا التزمت وحل الحزب نفسه، وقدمت تركيا خطوات إيجابية عبر برنامج لاستيعاب عناصر الحزب وكيفية التعامل مع القيادات المسلحة والكوادر والأعضاء المعتقلين لديها، حينها ستكون هناك آثاراً إيجابية على إقليم كردستان”.
وتابع: “وكذلك انسحاب القوات التركية لانتفاء المبرر لتواجدها في إقليم كردستان، ما سيصب في مصلحة أمن واستقرار الإقليم، ويفتح المجال لتقديم الخدمات لتلك المناطق التي احتلها حزب العمال منذ عام 1992 ومنعه وصول البناء والإعمار إليها، وكذلك سيؤدي إلى زوال التهديدات سواء من تركيا أو إيران”.
واستطرد قائلا: “إلا ما نخشاه هو التوصل مع الحكومة التركية إلى صيغة معينة تظهر أن حزب العمال حل نفسه داخل تركيا وتخلى عن الكفاح المسلح، وسيستند في العمل مستقبلاً على المؤسسات الديمقراطية كما دعا لذلك أوجلان”.
وأكد “وربما يبقى حزب العمال خارج تركيا المتمثل بقوات سوريا الديمقراطية في سوريا والوحدات المسلحة في سنجار والوحدات المستقلة في الإقليم وعلى الحدود في زاخو، بحجة أنهم ليسوا حزب العمال، كون لديهم تسميات أخرى، ففي سنجار وحدات حماية الإيزيدية، وفي السليمانية وكلار حزب الحرية وغير ذلك”.
وأوضح: “في حال بقيت هذه الجماعات المسلحة داخل الأراضي العراقية فهي ستعطي مبرراً للتواجد التركي ولهجماته، ما سيؤدي إلى عدم تغير العلاقة بين تركيا والعراق في ما يخص هذا الموضوع، ويبقى الأمر يعتمد على موقف إيران، لأن التنظيمات خارج تركيا لديها علاقة جيدة مع إيران أو مع الجهات المتعاطفة معها”.
وتوقع برواري، أن “السيناريو الثاني (الأسوأ) هو الأرجح للمرحلة المقبلة”.
وهذا ما حذر منه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس السبت، من أن بلاده ستستأنف العمليات ضد حزب العمال الكردستاني، إذا توقفت عملية نزع سلاحه أو لم يتم الوفاء بالوعود.
ويأتي تحذير أردوغان، رغم إعلان حزب العمال الكردستاني، في اليوم نفسه، وقف إطلاق النار، استجابةً لدعوة زعيمه أوجلان، فيما أكدت اللجنة التنفيذية للحزب، أن “تحقيق قضايا مثل نزع السلاح ممكن فقط من خلال القيادة العملية للقائد آبو”.
وأصدر عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، في 27 شباط الماضي، بيانًا يدعو فيه إلى إلقاء السلاح وإنهاء الصراع المسلح الذي استمر لأكثر من أربعة عقود مع الدولة التركية.
ولقيت هذه الدعوة ترحيباً دولياً، حيث وصفها البيت الأبيض بأنها “تطور كبير” من شأنه تعزيز السلام في المنطقة المضطربة، معرباً عن أمله في أن تسهم في تهدئة حلفاء الولايات المتحدة في تركيا بشأن شركائها في مكافحة داعش بشمال شرق سوريا.
فيما أبدى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا توقعه امتثال حزب العمال الكردستاني لدعوة أوجلان، معتبراً أن ذلك سيسهم في تحرير تركيا من قيودها.
ورحبت وزارة الخارجية، الخميس الماضي، بإعلان أوجلان ودعوته لحزبه إلى إلقاء السلاح، معتبرة أن هذه الخطوة إيجابية ومهمة في تحقيق الاستقرار في المنطقة.
وفي إقليم كردستان، رحب رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، بدعوة أوجلان، للحزب بحل نفسه وإلقاء سلاحه، ودعا العماليين للالتزام بهذه الدعوة، وأكد أن الوقت حان لـ”نضال سلمي وديمقراطي”.
كما رحب رئيس حكومة كردستان، مسرور بارزاني بالدعوة، مؤكداً استعداد الإقليم لدعم عملية السلام في تركيا، كما دعا رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني، بافل طالباني، جميع الأطراف إلى الالتزام بدعوة أوجلان، واصفاً إياها بأنها بداية “مرحلة مهمة” نحو السلام والتعايش الأخوي بين الكورد والترك.
وتأتي هذه التطورات بعد أشهر من عرض أنقرة السلام على أوجلان، في خطوة تهدف إلى إنهاء نزاع مستمر منذ عام 1984، أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص.
أقرأ ايضاً
- بعد تصفيته بغارة أمريكية.. تداول صور نادرة لـ"أبو خديجة" وزوجته "أم حسين الشيشانية"
- مجلس الأمن الدولي يطالب بحماية "جميع السوريين بدون تمييز"
- رئيس الوزراء العراقي يعلن قتل ما يسمى "والي العراق وسوريا" في داعش