القرآن والمسيح في وجدان الإمام الحسين كلمة للكاتب المسيحي السوري (د. أواديس استانبوليان)
ضمن الكلمات التي بعثت إلى مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي السادس هذه الكلمة التي جاءت بعنوان (القرآن والمسيح في وجدان الإمام الحسين –عليه السلام-) وهي للكاتب المسيحي (د. أواديس استانبوليان) من الأرمن ومقيم في العاصمة السورية دمشق.
الحسين.. مسؤولية
بسم الله المبدئ المعيد
الوقوف على منبر الحسين (ع) مسؤولية.. مسؤولية أمام الله.. وأمام الإنسانية.. وماذا يمكن أن نضيف إلى ما قيل منذ 1400 عاماً وإلى اليوم.. والموسوعة الحسينية خير دليل على غنى فكر الحسين (ع) وتأثير هذا الفكر على الإنسانية.. وكيف تفاعلت العقول والقلوب من حول العالم.. لفهم إرادة الله في الحسين.. ورسالته للإنسانية جمعاء.. ولقد حاولت أن أفهم هذه الإرادة المقدسة من خلال وجدان الحسين (ع).. وما يقابلها من الآيات في القرآن الكريم والكتاب المقدس.
قد يسأل سائل ما علاقة الكتاب المقدس بثورة الحسين (ع)؟
هنا يتجلى لنا سرّ.. عالمية.. وعظمة.. رسالة الحسين (ع)..
لذا سميت عنواني لهذه الحضرة المقدسة (القرآن والمسيح في وجدان الحسين –عليه السلام-)
الوجدان.. وجد كل آن، والوجد هو حبل الحبِّ... الذي يعشّق قلب الإنسان بربه.. تربى الحسين في بيت النبوة.. وتشرّب حقيقة القرآن.. فامتلأ بالحقّ.. حمل.. أمانة القرآن في صدره وحق الله في قلبه.. نذر نفسه لإنقاذ أبناء آدم.. أراد أن يرفعهم إلى السماء ووجودنا في هذا المهرجان خير دليل على أن النذور لم تذهب سدى وبالتالي فإن محور ثورة الحسين لم يكن من أجل خلافة على سلطة دنيوية كما يشار أحيانا وإنما كان من أجل الحفاظ على القرآن الكريم حقيقة وحقاً، ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في الآية (62) من سورة المؤمنين: ((ولدينا كتاب ينطق بالحق))، وإذا أمعنّا في خطب الإمام الحسين (عليه السلام) نجد إن همّه كان الدافع عن حق الله في القرآن الكريم، إذ يقول في إحدى خطبه: ألا ترون أن الحق لا يعمل به، وان الباطل لا يتناهى عنه؟! ومن خطبته في مِنى يقول: وأسألكم بحق الله عليكم وحق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقرابتي من نبيكم، إذن كان محور قضيته هو الحق.. حق الله، وهذا يأخذنا إلى قول الله سبحانه وتعالى.. في سورة مريم الآية (34) ((ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون))، حتى نفهم قضية الحسين ورسالته في إصلاح قومه علينا أن نستمع وبانتباه إلى حوار السيد المسيح (ع) مع اليهود في الإنجيل يوحنا من الكتاب المقدّس في الإصحاح الثامن وكأنه يتنبأ بقضية الحسين قبل مئات السنين.. حيث يقول: ((وتعرفون الحق.. والحق يحرركم)) وسأل اليهود السيد المسيح (ع).. كيف تقول أنت أنكم تصيرون أحراراً ولم نستعبد لأحد قط؟، فأجابهم يسوع: الحق الحق أقول لكم.. إن كل من يعمل الخطيئة هو عبدٌ للخطيئة والعبد لا يبقى في البيت إلى البيت.. أما الابن فيبقى إلى الأبد فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً...
وفي الآية (40) من نفس الإصحاح يقول السيد المسيح (ع): ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني.. وأنا الإنسان قد كلّمكم بالحق الذي سمعه من الله هذا لم يعمله إبراهيم... أنتم تعملون أعمال أبيكم.. أنتم من أبٍ هو ابليس ذاك كان قتّالاً للناس من البدء.. ولم يثبت في الحق.. لأنه ليس فيه الحق وأما أنا فلاني أقول الحق لستم تؤمنون بي..الذي من الله يسمع كلام الله.. لذا أنتم لستم تسمعون.. لأنكم لستم نم الله..
والآن لنستمع إلى الحسين حين يخاطب القوم بقوله:
- ألا وأن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غير نفسي ع أنفسكم وأهلي مع أهليكم؛ فلكم فيَّ أسوةٌ وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم، وخلعتم بيعتي من أعناقكم، فلعمري ما هي لكم بنكرٍ، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم.
كذلك في إحدى خطبه يقول عن.. السبيل إلى الحق المحرر:
اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان ولا التماساً من فضول الحطام، ولكن لنرى المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك، ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك، فإن لم تنصرونا وتنصفونا قويَ الظلمة عليكم، وعملوا في إطفاء نور نبيكم، وحسبنا الله، وعليه توكلنا، وإليه أنبنا، وإليه المصير.
وفي صبيحة العاشوراء محاولة منه لإنقاذ القوم من مهالك إبليس، كلّمهم بهدوءٍ أبويّ:
أيها الناس، اسمعوا قولي.. ولا تعجلوا حتى أعظكم بما يحق علي لكم؛ أو لم يبلغكم ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ فإن صدقتموني بما أقول.. وهو الحق.
وبعد كل محاولات الإنقاذ وصفهم الإمام قائلاً.. كما فعل من قبل مع اليهود:
فسحقاً لكم يا عبيد الأمة! وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ومحرفي الكلم وعصبة الآثام ونفثة الشيطان ومطفئي السنن هؤلاء تعضدون وعنا تتخاذلون؟!
ومن مقارنة كلام السيد المسيح والإمام الحسين (عليهما السلام) نجد إن كليهما كان يحاول أن يحرر الإنسان من براثن الشيطان وأكدا إن هذا التحرر لا يمكن أن يحصل إلا بمعرفة الحق.
ولكن المخالفون.. فكروا أنه بإمكانهم إسكات صوت الحق بالقتل والتصفية الجسدية، وهنا تتدخل المعجزة الإلهية بأروع بلاغتها في القرآن الكريم حين يقول سبحانه وتعالى في الآية.... من سورة... ((وما قتلوه وما صلبوه.. ولكن شبّه لهم)) وكذلك لسان حالي يقول في استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) ((ما قتلوه وما ذبحوه.. ولكن شبّه لهم))، ولا يسعنا إلا أن نقول معاً مع أهل الحسين الذين استشهدوا معه ((لوددنا.. لو كان لدينا عدة أرواح.. لنفديك بها جميعاً)).
والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله.
خادم بيت آدم
د. أواديس استنانبوليان
أقرأ ايضاً
- العتبة الحسينية توزع ادوية ومساعدات على النازحين في برج ابي حيدر في لبنان (فيديو)
- أدلى بمعلوماته الشخصية.. ممثل المرجعية العليا يؤكد على اهمية التعداد السكاني للعراقيين جميعاً(صور)
- ممثل المرجعية العليا يؤكد على اهمية التعداد السكاني للعراقيين جميعاً