سامي جواد كاظم
ابتدع رجل ما دين ما لكي يغتني، كان ذلك في زمن الامام الصادق عليه السلام، وبالفعل اصبح له اتباع وتهدى له الاموال ولكنه تنبه الى ما قام به من انحراف فجاء الى الامام الصادق عليه السلام يطلب منه قبول توبته او كيف يتوب ؟ فقال له الامام: لو استطعت اقناع كل من اتبعك انك كنت مخطئ سيقبل الله توبتك، فدعا اتباعه وخطب بهم قائلا انه كان مخطئ، فقالوا له بل انت الان اخطات وقد انحرفت فان لم تكف نقتلك وكادوا بالفعل الا انه استطاع الهرب.....
قالوا ان الدكتور علي شريعتي ندم على ماكتب، وقالوا كذلك ان د. علي الوردي تراجع عن ما كتب، ولكن بعد ماذا ؟ الان لافكارهم مروجون وهناك من يتبعهم حذو النعل بالنعل في النقد
ليس كل ما جاء به الوردي مرفوض بل البعض منه من صميم الثقافة السليمة التي تطالب بها الشريعة الاسلامية وان كان يجهل ذلك الوردي الا انني استغرب من يتبع كل افكاره ويتبعها بل ويدافع عنها جميعا.
مهزلة العقل البشري كتاب مشهور وله مريدوه، ودائما المقدمة التي يكتبها المؤلف فيها ما يغني عن الكاتب والكتاب، وظهرت فلتات لسانه لتعبر عن شطحاته، والكلام لا يحتاج الى تفسير حتى نكون مخطئين في التفسير.
اسلوب سرد الامثلة الفرضية الهشة وسهلة الرد وتنسيبها الى من يخالفه امر يتبعه المراوغون حتى يخلقون اجواء من الاقناع لمن يقرا افكارهم، وهاهو الوردي سرد فرضية في ص/18، قائلا ان هنالك رجل منع اولاده من الدراسة بسبب فتوى واعظ له بان الدراسة حرام ومن ثم تبين ان الواعظ قد ارسل اولاده الى المدرسة، ولما علم الرجل،... طبعا بدا يجيب الوردي بدلا عن الرجل في نقد الواعظ، ومثل اخر يقول الواعظ نفسه: ان الحضارة الغربية يجب ان ناخذ منها ما ينفعنا ونترك ما يضرنا، يقول الوردي كأن المسالة اصبحت انتقاء طوع الارادة كمن يشتري البطيخ ص/19
المثل المسرود اولا من السهولة ان اضرب مثلا بخلافه على من يؤمن بافكار الوردي ولكن الذي يمنعني هو الصدق، ولنفرض جدلا صحة ما قال، فهذا في اي سنة ؟ فان كانت قبل ولادتك فاغلب كتاباتك قالت لي عجوز او سمعت جماعة تقول، وهذا ينفعك لتسخيرها في منفعتك ولكن علميا وعقليا لا احد ياخذ بهذا المثل، واما انك تعيب على العراقيين انهم كانوا يمنعون ابنائهم من الدراسة فهذا بخلاف الواقع، فالدكتور نفسه سنة 1920 كان طالب مدرسة وهو ترك المدرسة بارادته، ومن ثم سجل في مدرسة ليلي، فالمدارس الليلية موجودة يعني هنالك طلاب، اضف الى ذلك انه اكمل دراسته في لبنان وامريكا، ولما راى من حياة في امريكا جاء بافكاره، ففي الوقت الذي جاء به الى العراق في الخمسينات او الستينات انا رايت بعيني اباء يتوسلون بمدير مدرسة لكي يسجلوا اولادهم في المدرسة فيقول (المدرسة مقبطة ماكو رحلة فارغة)، هل تعلم ماذا يعني لا توجد رحلة فارغة ؟!!! ابي كان طالبا واصبح معلما بنفس الفترة التي كان فيها الوردي، لربما صادف الوردي دجال متلبس بلباس الدين يحرم الدراسة فوجد الوردي ضالته عنده.
نعود للمثل الثاني بخصوص الحضارة واخذ ما ينفعنا وترك ما يضرنا يقول الوردي هذا راي باطل، وهنا يبدا بالتصنيف والتسقيط للواعظ فيقول:" ان الحضارة جهاز مترابط لايمكن تجزئته او فصل اعضائه بعضها عن بعض فالحضارة حين ترد يجب ان تقبل بحسناتها وسيئاتها"..ص/20.
لا اعلم ماهو تعريف الحضارة من وجهة نظر الواعظ والوردي، فالواعظ يرى الحضارة التطور العلمي الذي عليه الغرب فيجب اخذ ما ينفعنا وترك مايضرنا وهذا عين العقل، اما الوردي فيرى الحضارة عادات وتقاليد وتصرفات وقوانين وضعية، وهذه الامور يريدها الوردي جميعها ورحم الله الحاج محمد الجبوري في كتابه اضغاث احلام في مزالق الوردي عندما ضرب مثلا بامكانية الجلوس مع زوجته في غيابه وفي داره حسب رايه فرد عليه الوردي شتائم اليست هذه هي الحضارة التي يطالب بها الوردي؟.
الان بالنسبة لمن يؤيد هذه الافكار هل يرضى بزواج المثل القبيح الرائج قانونا في الغرب المتحضر ؟ بل اصبحت الدول العلمانية تتباهى به وتعتبره دليل على الحرية واحترام الراي الاخر.
ان شاء الله للحديث بقية