- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عودة العبادي الى دائرة الحيرة والتردد
بقلم: سليم الحسني
ظهرت البوادر واضحة على أن العبادي يعتزم العودة الى دائرة الحيرة والتردد التي يألفها ويشعر فيها بالراحة. فالحملة التي أطلقها ضد الفساد، خفت صوتها قبل أن تنطلق عملياً، وقد صدقها الناس معتمدين على انجازه في تحرير الموصل وصلاح الدين والأنبار من تنظيم داعش.
لكن قوة العبادي في قرارات التحرير والتي جاءته بعد أكثر من سنتين من الضعف والتردد، يبدو أنها كانت طارئة على شخصيته، وها هو يعود الى سابق عهده مكتفياً بتصريحات إعلامية عن محاربة الفساد والمفسدين.
ملفات الفساد وأسماء الفاسدين موجودة عند العبادي، وقد تسلم من السفارة الأميركية في بداية ولايته ملفاً حساساً يتضمن أخطر المعلومات عن كبار الفاسدين في الدولة، وكان ذلك من أجل تقويته، لكنه جعل هذا الملف سور حماية له في السلطة من تهديدات خصومه، يلوح به لهم عند الحاجة.
كما أن الفريق القضائي الذي استعان به في متابعة صفقات الفساد، لا يبدو أنه يريده من أجل كشف الفاسدين ومحاسبتهم، إنما من أجل تعزيز موقعه في السلطة، وربما استغلاله لولاية ثانية يبذل جهده الأكبر من أجل الحصول عليها.
مع إعلانه بمحاربة الفساد يصبح الأمر متداخلاُ بين عاملين:
الأول: تركيبته الشخصية في صعوبة المواجهة، ودخوله في متاهات التردد والحيرة، وهذه كفيلة بأن تجعله يفكر ويناقش، ثم يقرر وينقض، ويستحدث ثم يتراجع، وهكذا في حركة نشطة من التقلبات الذاتية التي يجيدها ويأنس بها.
والثاني: حساباته مع الأطراف السياسية وهو يستعد لعقد تحالفات الانتخابات وما بعدها للفوز بولاية ثانية، فهذه ستجعله يبتعد عن خطوة جادة في محاربة كبار الفاسدين، لأن ذلك يعني التصادم مع قادة الكتل السياسية من كل الاتجاهات والاشكال والأصناف، لكونها تشترك جميعاً وبلا استثناء في الفساد.
العبادي الآن هو نفسه العبادي الأول الذي عرفناه في بداية توليه رئاسة الوزراء، هو نفسه الذي أعلن عن إصلاحات وزارية وحكومية، ثم ظل يدور حول نفسه حتى انتهى الأمر الى لا شيء.
ولعله سيكون في نهاية ولايته أكثر تردداً من بدايتها، لأنه حصل على وعد أميركي بدعمه لولاية ثانية، وعليه فانه سيفهم هذا الوعد على ضرورة أن لا يزعج الأطراف السياسية بمحاربة الفساد.
حين تنتهي ولايته من دون خطوات جادة في محاربة كبار الفاسدين، فانه سيفقد ما حصل عليه من شعبية، والأهم من ذلك سيكون مرفوضاً من قبل المرجعية التي دعت كثيراً الى محاربة الفساد.
أقرأ ايضاً
- المثقف وعودة الخطاب الطائفي
- الصياح.. بين الرأي الشرعي ودائرة التحليل النفسي
- عودة في الذاكرة.. ماذا فعلنا بعد الديكتاتورية؟