بقلم:عباس الصباغ
ومنها طريق الحوار الذي يبدو من الوهلة الاولى انه سيكون شائكا لحساسية الملفات التي سيتم فتح باب الحوار على مصراعيه بشأنها بين بغداد واربيل وذلك بالاحتكام إلى الدستور في حل المشاكل العالقة بينهما، وهو حوار تأخر لأكثر من عقد ونيف من الزمان وكان يجب على اصحاب القرار وضع خارطة طريق للتفاهم المشترك ووضع اسس دولتية تكون واضحة المعالم ومقبولة للجميع، ولكن العلاقة بينهما (المركز والاقليم) لم تكن واضحة ومبنية على ارضية حكوماتية تنطلق من الدستور نفسه وذلك بسبب سياسة بعض الساسة الكرد الخاطئة، وكانت الثقة معدومة بينهما والعلاقة هلامية لاتشبه اية علاقة متعارف عليها ضمن الدول الفيدرالية في العالم والتي يربو عددها على ثمانين دولة اتحادية تتوافق بين مكوناتها بصيغة فيدرالية تنظّمها آليات دستورية متفق عليها من قبل الجميع، ولكن الامر في العراق اختلف تماما والذي نصّ دستوره على ان العراق دولة فيدرالية " اتحادية" فبقيت هذه المواد الدستورية حبرا على ورق وبدا شمال العراق كأنه شمال لدولة اخرى ولم يتخلّص القائمون على ادارته من "فوبيا" الحكومة المركزية وكانوا يفسرون اي قرار يصدر من بغداد حيال الاقليم تفسيرا على انه جزء من قرارات "مركزية" تعتبر امتدادا لهيمنة الديكتاتوريات المتوحشة.
جميع دول العالم رحّبت بالحوار بين بغداد واربيل، ولكن تحت مظلة الدستور وضمن اطار العراق الفيدرالي الاتحادي والموحّد، وليس بتدويل او اقلمة هذا الملف بل يكون حوارا وطنيا بين ابناء الوطن الواحد لقطع الطريق على الاجندات الخارجية في دسّ انفها في الشأن العراقي من بوابة كردستان، ولوضع خارطة طريق لبدء صفحة جديدة في العلاقات مابين شمال العراق والمركز قوامها الثقة والاحترام المتبادلان،ولـتصحيح الاوضاع الشاذة التي تكتنف الشأن الداخلي الكردستاني انطلاقا من الوضع المريب والمعقّد الذي تأسس بموجبه اقليم كردستان عام 1992 وتصحيح السياسات العوجاء التي اتبعها بعض القادة الكرد نتيجة عدم الالتزام بروح الدستور الدائم (2005)، والتي زادت من صعوبة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطن الكردي المغلوب على امره، في الوقت الذي تنعم فيه السلطة بواردات النفط والمنافذ الحدودية وحصة الإقليم من الموازنة الاتحادية.
وقبل البدء بالحوار وقبل كل شيء ايضا يجب التخلّي عن وهم الاستقلال والانفصال عن العراق والتعايش مع بقية الطوائف والقوميات على أسس المواطنة والعقد الاجتماعي والعيش بسلام بعيدا عن الحروب او التطبيل اليها، والتأكيد على الالتزام بالدستور وقرارات المحكمة الاتحادية التي رفضت الاستفتاء بعد أن وصفته بأنه غير دستوري او قانوني. وأهمية أن تنتشر السلطة الاتحادية في كل مناطق العراق وخصوصا في المناطق التي تمدّدت فيها قوات الإقليم بعد 2003، وأن السيطرة على الحدود هي صلاحية حصرية للسلطة الاتحادية، وكل ماتقدّم يجب ان يأخذ في الحسبان للبدء في اي حوار اشترط د. العبادي في بدئه استتباب الاوضاع في المناطق المتنازع عليها، والسيطرة على الحدود والغاء الاستفتاء بشكل نهائي، وليس تأجيله او تجميده، وعلى الساسة الكرد ان يعوا الدرس جيدا ويتجنبوا اخطاء الماضي، وان بغداد هي ضمان المستقبل الزاهر لشعب كردستان العظيم وذلك عن طريق بغداد فقط.