بقلم:الدكتور حنا عيسى - أستاذ القانون الدولي
(الجنرال فانه إذا قال «لا» فهو يعني «لا»، وإذا قال «نعم» فهو يعني «نعم»، وإذا قال لك «ربما» فهو ليس جنرالا)
عرف الفقهاء القانون الدولي العام بان الدبلوماسية هي استخدام الذكاء واللباقة في إدارة العلاقات الرسمية بين حكومات الدول المستقلة.وأدت اللباقة الدبلوماسية إلى استعمال لغة خاصة..فعندما يقول الدبلوماسي نعم فذلك يعني ربما وعندما يقل ربما فيعني ذلك كلا..أما أذا قال كلا فقد تخلى عن الصفة الدبلوماسية.حيث قال احد الدبلوماسيين من أصحاب الخبرة:"الدبلوماسية هي أن تعمل كثيرا وتقول ابسط الأشياء بأجمل
أسلوب ".
ومن المصطلحات المتعارف عليها دوليا:
1. إذا قال الدبلوماسي:أن حكومتي ترى حيال هذا الأمر تحفظات صريحة بهذا الشيء, فذلك يعني:أن حكومته لا تسمح بالأمر.
2. وإذا قال:إن حكومتي لها حق التصرف, فذلك يعني أن حكومته تبحث في قطع العلاقات.
3. وإذا قال:أن حكومتي ستعتبر هذا العمل غير ودي, فيعني ذلك أن حكومته تهدد بالحرب.
4. إذا قال:انه يرفض مضطرا تحمل تبعات النتائج ,فان ذلك يعني على وشك إثارة حادثة قد تؤدي إلى نشوب الحرب.
5. وإذا قال:إن حكومتي ترجو أن يصلني جوابكم قبل الساعة..من يوم..فهذا يعتبر كإنذار من دولته للدولة الأخرى.
ومهما قيل بمحاذير اللغة الدبلوماسية إلا أن فوائدها أكثر بكثير من محاذيرها.إما لغة الاستعمال في الدبلوماسية و التي يستعملها الدبلوماسيون فقد تغيرت عبر الأزمان:
1. كانت اللاتينية هي اللغة الأصلية العامة للدبلوماسية في أوروبا حتى القرن الثامن عشر.
2. ثم سادت اللغات اللاتينية و الاسبانية و الايطالية وبعض الشئ اللغة التركية.
3. وجاءت اللغة الفرنسية وسيطرت على الدبلوماسية العالمية خلال القرن التاسع عشر.
وبعد ذلك جاءت معاهدة فرساي سنة 1919 حيث حررت ,باللغتين الفرنسية و الانجليزية دون أن يشار فيها إلى أفضلية إحدى اللغتين.
4.تعتبر منظمة الأمم المتحدة بان اللغات الخمس التالية هي لغات رسمية لديها وهي:الفرنسية والانجليزية والروسية والصينية والاسبانية ".
ولا شك في ذلك بان الممثل الدبلوماسي الذي يتقن لغة الدولة المضيفة ينال من محبتها وتقديرها الشئ الكثير ,ويتفهم حقائق شعبها وثقافته وهي دليل على رغبته الأكيدة في توطيد العلاقات الودية بين دولته و الدولة
المضيفة.
وعلى ضوء ذلك فالعادة المتبقية في الوقت الراهب وسابقا بان يكون الدبلوماسي قليل الكلام , كثير الإصغاء حتى إذا ما اضطر للتعليق أو الإجابة على كلام محدثه,وجب أن يكون جوابه محكما ,وراية سديدا ,وإلا يدلي به إلا بعد تدبر ,تفكير عميق..حيث أثبتت التجارب أن أكثر الدبلوماسيين نجاحا هم الذين يقلون من تصريحاتهم وكلامهم ,ولا يتحدثون ألا بشكل موجز ومفيد
أقرأ ايضاً
- مقابلات المرجعية الدينية الشريفة...رسائل اجتماعية بالغة الحكمة
- رصانة لغة الخطاب الاعلامي
- اللغة العربية.. ومظاهر الاعتداء عليها