- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عن المحكمة الاتحادية العليا (الحلقة السابعة- حق التشريع)
إياس الساموك
وقع قسم من المراقبين في خطأ عندما كتبوا واعطوا مواقف وصوّروا للرأي العام بأن المحكمة الاتحادية العليا قد سلبت حق مجلس النواب في تشريع القوانين، وجعلت تقديمها -بحسب ما أعتقدوا- حكراً على السلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية، وما على النواب سوى اقرارها.
إذ لابد من الذهاب في هذا المجال إلى أن المادة (60) من الدستور حيث جاءت بالنص التالي "اولاً: مشروعات القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، ثانياً: مقترحات القوانين تقدم من عشرةٍ من اعضاء مجلس النواب، أو من إحدى لجانه المختصة".
كما ان المحكمة الاتحادية العليا، وحين عرضت عليها دعوى بهذا الشأن حسمت الجدل، وأوضحت بشكل صريح ما لمجلس النواب تشريعه من القوانين مباشرة، أو ضرورة أخذ موافقة الجهات الاخرى بحسب الاختصاص والتشاور معها قبل تشريع القانون الذي كان مقترحاً في المجلس.
فعند قراءة قرار المحكمة رقم (21/ اتحادية) لسنة 2015 سنجد أنه استند على التطبيق السليم لنصوص الدستور لاسيما في ما يخص أحكام المادة (47) المتعلقة بالفصل بين السلطات بوصفه مبدأ عرفته اغلب دساتير العالم خصوصاً ذات الانظمة الديمقراطية.
وفي العراق فأن السلطة التشريعية تمارس مهامها واختصاصاتها المنصوص عليها في المواد (60، 61، 62، 64/ أولاً) من الدستور وفي مقدمتها تشريع القوانين الاتحادية وفق ما تقتضيه المصلحة العامة شريطة الالتزام بالسياقات الدستورية.
وهذه السياقات اطلقت يد مجلس النواب في تقديم مقترحات القوانين وتشريعها مباشرة، إلا من بعض القيود ذكرها القضاء الدستوري، ومن بينها ما يرتب التزامات مالية على السلطة التنفيذية لم تكن مدرجة على خططها أو في موازنتها المالية دون التشاور معها وأخذ موافقتها على ذلك، لعل التطبيق الامثل لهذا الطرح هو قانون الموازنة العامة للبلاد.
والتقييد شمل ايضاً القوانين التي تتعارض مع المنهاج الوزاري الذي نالت الوزارة على اساسه ثقة مجلس النواب، فضلاً عن القوانين الماسة بمهام السلطة القضائية الاتحادية دون التشاور معها؛ لأن في ذلك يشكّل تعارضاً لمبدأ الفصل بين السلطات ويمكن اعتباره انكاراً لمبدأ استقلال القضاء المنصوص عليه في المادة (19/ أولاً) من الدستور بأن " القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون".
في ما عدا ذلك، فأن السلطة التشريعية تمارس اختصاصاتها الأصلية التي تجد فيها تحقيقاً للمصلحة العامة ووفق نطاق الدستور.
والمثال على ذلك، أن الدعوى 21/اتحادية/2015 المشار اليها انفاً، كانت للطعن في قانون استبدال أعضاء مجلس النواب رقم (6) لسنة 2006، حيث استند المدعي في طعنه على أن القانون قُدم من مجلس النواب وتم اقراره على صيغة مقترح ولم يتم تحويله إلى مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية لغرض جعله مشروعاً، لكن المحكمة الاتحادية العليا ردّت هذا الطعن وأكدت احقية مجلس النواب في ممارسة مهامه الاصيلة بتقديم المقترحات وتشريعها وفق المادة (61/ أولاً) واعمالاً لحكم المادة (49/ خامساً) منه كون القانون المطعون به لا يمس مبدأ الفصل بين السلطات ولم يرتب اثاراً مالية مضافة على السلطة التنفيذية ولا يشكل خلافاً مع السياسية العامة للدولة ولا يمس مهام السلطة القضائية الاتحادية أو استقلاليتها.
• كاتب في الشؤون القانونية
أقرأ ايضاً
- التأهيل اللاحق لمدمني المخدرات
- منع وقوع الطلاق خارج المحكمة
- دور الذكاء الاصطناعي في إجراءات التحقيق الجزائي