حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ من نافلة القول إن التغيير الوزاري الذي تحقق جزئيا مؤخرا والذي وعد به رئيس الوزراء د. العبادي منذ شهور والمتلكئ منذ نيسان الفائت والمتأخر بسبب الخلافات السياسية واقتحام البرلمان واستمرار التظاهرات والخوف من تكرار الاقتحامات وحالة الفوضى التي نشأت من انقسام أعضاء البرلمان الى جهتين متناقضتين، إذ يعد هذا التغيير من صلب الإصلاحات التي تلكأت هي الأخرى منذ أن أطلقها د. العبادي العام الفائت تواشجا مع مطالب الجماهير التي انتفضت للمطالبة بالإصلاح الشامل للعملية السياسية المتهرئة بسبب الفساد الذي أهدر أموالا عامة طائلة، فجوهر التغيير يصب في إصلاح العملية السياسية الذي تأخر لأكثر من 13 سنة عجاف اي منذ التأسيس الدولتي الأخير (2003) وبناء العملية السياسية المنتخبة على قواعد وأسس حكوماتية خاطئة تحت غطاء المحاصصة الحزبية والعرق / طائفية والمناطقية وحتى العشائرية بحجة استيعاب التناقضات التي ينوء بها المجتمع الأهلي / السياسي العراقي والحد من تشابك تلك التناقضات ومنعا من حدوث حرب أهلية / مجتمعية او حرب اهلية / سياسية طاحنة وكانت النتيجة معكوسة تماما إذ إن المحاصصة التي تمأسست بموجبها العملية السياسية لم تستوعب تلك التناقضات الحادة بل صارت حجر عثرة بوجه التقدم المفترض بهذه العملية وعقبة كأداء في طريق التنمية والتنمية المستدامة الى أن استحالت المحاصصة الى داء عضال وجب اجتثاثه من المشهد السيا/ سيوسولوجي العراقي الذي أصيب بالشلل في جميع مرافقه ومفاصله وأدى وجود المحاصصة ـ التي تبناها أكثر الفرقاء السياسيين منذ تشكيل مجلس الحكم ـ الى استشراء ظاهرة الفساد بكافة أنواعه ووجود الشخص غير المناسب في المكان الخطأ وحسب سياقات المحسوبية والمنسوبية والمحاباة والمراضاة وهو ماجعل العراق يتربع على اعلى سلم معايير الفساد والشفافية في العالم ويقرن بدول هامشية بل ويتنافس معها في تلك المراتب التي لاتليق بدولة محورية كالعراق وطيلة السنوات الماضية ولحد الآن فكان من الطبيعي ان يكون أي إصلاح حكومي جذري يتأتى باختيار طاقم سياسي مناسب وكفوء وليس مجرد تبديلات شطرنجية إدارية لملء الفراغات التي سيتركها الطاقم الحكومي الفاسد والمُقال والذي لم يعد ملائما لاستمرار العملية السياسية المخيبة لآمال العراقيين ومازالت، فصار معلوما للمتابع للشأن العراقي إن جوهر المشكلة ليس في الوجوه التي تتألف منها الكابينة الحكومية وإنما في طريقة إدارة هذه الكابينة للعملية السياسية فيجب أن يتغير كلا الحالين: الاول السياسة المتبعة منذ نيسان 2003 والوجوه التي تكون مجرد "حشو " للكراسي والمناصب والحقائب الوزارية والتي تتواجد لسد "الشواغر " الوزارية ومايتبعها من حلقات إدارية اصغر منها ومكملة لها كوكلاء الوزراء ومن هم بدرجة وزير ومسؤولو الهيئات المستقلة والسفراء وكبار الضباط في الجيش والمعنيون بالملف الأمني والتسليحي وغيرهم كثير وهو مابدأ يحصل الآن وبعد فوات الأوان وبعد خمس حكومات اتبعت ذات المنهج الفاسد والذي دفع الشعب العراقي ثمنه باهظا من سعادته ورفاهيته وأمنه. ونتيجة للحراك الجماهيري المدني والسلمي الرافض وبقوة لجميع المآلات التي نتجت عن العملية السياسية والإخفاق المدوي الذي رافقها والنقص الفاضح في مناسيب الخدمات المقدمة للمواطن ناهيك عن مستوى المعيشة المتدني وركون الكثير من العراقيين تحت هامش الفقر بمعدلاته العالمية وعدم التوزيع العادل للثروات وانعدام فرص التعين لآلاف الخريجين ناهيك عن خطر الإرهاب أصبح من المحتوم على من يتصدى للقرار بان يقوم بعملية إصلاحات جذرية وشاملة وحقيقية وليست ترقيعية أو سطحية لغرض الاستهلاك الإعلامي والأجندات الحزبوية التعبوية كون البلاد أصبحت فعلا على شفا جرف هار بسبب الفساد الذي استشرى في جميع مفاصل الدولة العراقية جراء المحاصصة التي رافقت أخطاء وخطايا التأسيس الدولتي الذي تزامنت معه سلبيات وإخفاقات الأداء الحكومي.. أقول لم يعد مثيرا القول إن استمرار العملية السياسية الديمقراطية والبشكل الصحيح متوقف على حزم الإصلاحات المرتقبة شرط أن تتوفر لها شروط وإمكانات التحقق اجتماعية كانت أم سياسية مع وجود قناعة بان تلك الشروط والإمكانات ليست ترفا سياسيا او تنظيرا حزبويا تمليه المرحلة وإنما واقع حال يستلزم الكثير من التنازلات والتفاهمات والابتعاد عن المناكفات والكيديات والاحترابات الحزبوية والتخندقات الاصطفافية ومن اي لون من التخندق او الاصطفاف. كاتب عراقي
أقرأ ايضاً
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- نهج الإصلاح في حياة الامام الكاظم ( عليه السلام)
- هل المقاطعة هي الطريق إلى الإصلاحات الدستورية أم أنها الدَرس الأخير في الانتخابات؟