- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
خطاب العبادي بين التحايل والنية المبيتة؟!!
حجم النص
بقلم:محمد حسن الساعدي الخطاب الاخير للسيد رئيس الوزراء حيدر العبادي قبيل سفره الى ميونخ وضعه في موضع التساؤل والشبهة، اذ مثل هكذا خطابات وتصريحات لا بد أن تعتمد لمعايير سياسية ومنطقية، وتتسق وطبيعة المرحلة التي يمر بها العراق والمنطقة عموماً،إذ الدعوة الى تغيير الحكومة، بحكومة أخرى تكون تكنوقراط فيها نوع من النوايا المبيتة، ولا تعتمد الرؤية الواقعية للأحداث، والعلاقة بين الكتل السياسية عموماً، إذا اخذنا بنظر الاعتبار فقدان الثقة بين المكونات الرئيسية للشعب العراقي، والصراع الدائر في العراق تحديداً، والذي يدور حول مسك الارض، من هذه الجهة او تلك ، وتحرك داعش بأجندة طائفية، يجعل احتمالات الصراع مفتوحة وبكافة الاتجاهات. السيد العبادي نظر الى الاحداث من زاوية السخط الذي ابدته المرجعية الدينية العليا، في محاولة منه في اعادة هذه العلاقة الشكلية بين الحكومة وبين المرجعية الدينية، والتي لم تشهد اي ترطيب للأجواء بينهما، اذ تعرضت الى الكثير من الاهتزازات، وفقدان الثقة والسخط والرفض للأداء الفاشل، والتغاضي عن الفساد المشتري بين مؤسسات الدولة كافة، وحماية رؤوس الفساد، وحيتان السرقة، وعصابات نهب اموال الدولة، وحتى بعد تولي السيد العبادي لمهامه كرئيس حكومة يمتلك كافة الصلاحيات، نراه عمل على اجراء تغييرات شكلية لا تمس شبكات التمدد الحزبية والفئوية لأفراد حزبه وائتلافه، بل راح الى اجراء مناورات شكلية في المناصب، وإرضاء هذا وذاك، دون أي تغيير جوهري على بناء الدولة ومؤسساتها، الامر الذي جعل الجميع يشعر بخيبة الآمال من حصول اي تغيير في الواقع السياسي، والذي انعكس بالسلب على الجانب الاقتصادي وما رافقه من هبوط اسعار النفط، الامر الذي جعل جميع خيوط الوضع في البلاد يسير نحو القطع والفلتان. سنأخذ نوايا السيد العبادي على محملاً حسن، وهنا نتساءل أذا كان الاخير يدعو الى تكنوقراط فبطبيعة الحال يجب ان يكون رئيس هذه الحقيبة ايضاً من التكنوقراط، فلا يجوز ان يكون على رأس هذه الحقيبة شخص متحزب، وإلا لم نحقق شي في هذا المجال، وسنعود الى المربع الاول، وهو ما يمثل تخريب للتعدية السياسية في البلاد، ومنع أي تصدي الحزب الواحد الادارة البلاد. كما كان الاولى للسيد العبادي قبل خطابه أن يعمل تحت غطاء مجلس النواب، وذلك لكي يقف امام شعبه ومسؤوليته، وهو مدعوماً سياسياً ومن جميع الجهات، كما يجب ان يعرف الجميع ما هو المعيار الحقيقي لصفة المستقل، والكل يعلم لا يوجد شي اسمه مستقل، فإما ان يرتبط مباشرة بالحزب او يكون من خلال ارتباطه الغير المباشر، والذي هو في كل الاحوال " ذر الرماد في العيون "، ولماذا حزب السيد رئيس الوزراء دائماً هو المتصدي، وهو من استحوذ ويستحوذ على جميع مفاصل الدولة، ومن يريد المراجعة في مناصب الدولة سيجد ان اغلب المناصب السيادية والهيئات والوكالات والمدراء العامين هم من حزب الدعوة تحديداً، فهل هو استحواذ على مقدرات البلاد، والتمهيد للسلطة المركزية، وضرب التعددية بحذاء الحزب الواحد ام ان الامر لا يعدو كونه تجذير سلطة، وتهميش أدوار الشركاء في التحالف الشيعي. السؤال الاكثر دقة لماذا الفشل ينصب على الوزراء انفسهم، ورئيس الوزراء يكون في حصن حصين من المساءلة، الم يعد هو صاحب هذه التشكيلة الوزارية، وهو من يقودهم، ثم اليس القرارات في مجلس الوزراء تجري بالتصويت، وان صوت رئيس مجلس الوزراء هو قطب الرحى في القرارات المصيرية للبلاد، لهذا أي خلل في وزارة او تراجع في اداء يتحمل الجميع مسؤوليتها، وكان يفترض ان يكون هناك تغيير جوهري ليس في الافراد، بل في السياسات الارتجالية والتابعة لأهواء حزبية، والتي اضاعت البلاد والعباد، وان يكون هناك تقييد للأداء الحكومي، والوقوف على نقاط الخلل ومعالجتها، ومحاربة الفساد والمفسدين وملاحقتهم قانونياً، وإنهاء النفوذ الحزبي ومن جميع الجهات، ليمارس مجلس النواب دوره الرقابي والتشريعي، وتفعيل دور القضاء، وطرد المفسدين منه،والبدء بأعمار مؤسسات الدولة، ليس اعماراً شكلياً،بل اعمار النفوس ورسم السياسات وما يحقق الرفاهية والعدل والمساواة في بلدنا الجريح
أقرأ ايضاً
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- المثقف وعودة الخطاب الطائفي
- رصانة لغة الخطاب الاعلامي