حجم النص
بقلم:سامي جواد كاظم الراوي والرواية تخص الحديث ورجال الحديث ولهما علومهما في كيفية تمحيصهما والعمل بهما، وما يخصنا هو الراوي او كما يسمى رجل السند او او رجال الحديث والذي خصص لها علم كائن بذاته هو علم الرجال، وحتى يستطيع الفقهاء والباحثون وكل من له عناية بالتاريخ ان يتحقق من الروايات والاحداث للتاريخ الاسلامية فعليه ان يتبحر في علمي الحديث ورجال الحديث، ولهم تقسيماتهم للاحاديث فمنها الضعيفة ومنها القوية والحسنة والمقبولة وغيرها من التقسيمات، وما يهمنا من هذا هو كيفية تقييم الراوي فلكل مذهب معاييره في اعتماد صدق الراوي وان اختلفت فالاختلاف لايؤثر على الاتفاق بينهم بضرورة صدق الراوي، فالإمامية يعتبرون الراوي العادل مثلاً هو: الإمامي الثقة، والصدق لايختص بضرورة التشيع لاهل البيت عليهم السلام، وأهل السنة يعتبرون الراوي العادل هو: من له ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة، والمراد بالتقوى اجتناب الأعمال السيئة من شرك أو فسق أو بدعة (كما في نزهة النظر لأبن حجر ص18)، ولهذا وضع علم التجريح والتعديل. صحيح ان رجال الحديث الذين ينقلون السنة النبوية هم من يجب ان نتحقق منهم الا ان معايير الراوي في التحقق من صدقه ليست حصرا على السنة اي يجوز الكذب في نقل الخبر لغير السنة، بل العكس ان من ينقل الاحداث التاريخية حتى في الوقت القريب لاسيما قبل اكتشاف التقنيات الحديثة كانت سمة الصدق هي الغالبة عليها. الاعلامي لا يختلف ابدا عن الراوي فيجب معرفة اخلاقه واتجاهاته وعدالته حتى نتحقق من صدق ما ينشر من اخبار وتقارير، للاسف الشديد يلتفت في هذا الجانب الى مهنية الاعلامي في كيفية انتقاء الخبر وتحريره باسلوب يجلب اكبر عدد من القراء بحيث يكون مؤثر في الراي العام ومن غير النظر الى اتجاهاته وافكاره، فلا فرق بين الاعلامي ورجل الحديث، فلو خضع الاعلامي لمعايير الجرح والتعديل فكم وسيلة فضائية تمنح صنف ضعيف او غير ثقة؟ مثلا الكل يعلم اتجاهات كثير من الفضائيات منها الجزيرة والعربية والشرقية وغيرها من القنوات، فلماذا يتم متابعتها والتاثر بها بل حتى مساعدتها في نشر اخبارها عن طريق الاشاعة والترويج، بل ان هنالك اسلوب يمارسه من ينتقد هذه الفضائيات بترديد اخبارهم بغية الاستهجان والتكذيب الا ان هذا دليل على انه يتابعها، ومن يتابعها عليه ان يعمل على فضح الكذب من غير الاشارة الى مصدره وهذه قمة المهنية والاخلاق. مثلما هنالك مدلسين في التاريخ بذكر رجال مجهولين في سند الرواية مثلا يقولون قال فلان او ذكر رجل، ففي الاعلام يقولون صرح مصدر رفض الكشف عن اسمه، ومثلما يقولون في التاريخ كذّب كثير من العلماء هذه الرواية، يقولون في الاعلام تناقلت كثير من وسائل الاعلام هذا الخبر، فالتدليس اخذ صبغة حضارية ولرجال التدليس لهم الحق ان يواكبوا تقنيات العصر في اخفاء ادلة التدليس على اخبارهم، وهذا الحق ايضا للمتلقي ان يتحقق ولا ينجرف خلف هذه الاكاذيب
أقرأ ايضاً
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- رصانة لغة الخطاب الاعلامي
- طائفية وعلمانية ومقاومة