حجم النص
فلاح المشعل يرتهن العراق لواقع قياسي في درجة فوضى تهدد إمكانية بقاء الدولة، أهم مؤشرات ذلك فقدانه النسيج السياسي الموحد في التعبير الحكومي، ماجعل كل رئيس أو نائب أو وزير أوبرلماني أو سياسي وأن كان بدرجة " ثالثة "، يعبر ويصدر بيانات وتهديدات،ويتدخل بالسياسة الداخلية والخارجية على نحو خطير. الخطر الثاني، إنكشاف الدولة على إفلاس إقتصادي مفضوح يهدد بوضع العراق في مراتب الدولة الفقيرة ونطاق مديونية الدول الفاشلة، بمعنى الفساد الحكومي وصل ذروته في عدم قدرة الطبقة السياسية الحاكمة، مراعاة الحد الأدنى من شروط الوطنية في الحفاظ على المال العام وإدخاره لوقت الأزمات، وإذا ماوضعنا في الحسبان أن العراق بلد وفير بثرواته الطبيعية و بمصادر الطاقة (النفط، الغاز، المياه)، فأن جريمة الفساد والسقوط السياسي تبلغ ذروتها في ما آل اليه الواقع العراقي من تقشف وتخسف مالي. الحكومة العراقية وهي تخوض حربا ً ضد "داعش" الإجرامي منذ عام واكثر، لم تستطع ان تبرمج وضعها على أساس إدارة حرب إقتصادية سياسية إعلامية، بل استمرت مع هزال الوضع الإقتصادي، تعتمد الإسراف في الوظائف الوهمية وإبتكار طرق للنهب المالي والهدر الصارخ لواردات الدولة من قبل (قادة) الدولة..! الأمر الذي وضعها بين مطرقة الالتزامات الباهضة لدولة بميزانية متضخمة دون أسباب عملية وإنتاجية، ومطرقة نفقات حرب تستدعي ملايين الدولارات يوميا، مع إنخفاض في واردات النفط وفشل صناعي زراعي إنتاجي في كل مناحي الحياة الإقتصادية. هزال وفوضى سياسية، إقتصاد مهدد بالإنهيار، وضع أمني فاشل بإمتياز، إنعدام فاضح في الخدمات الرئيسة مثل الكهرباء والماء والصحة في ظل مناخ قاسي وضاغط، تزايد البطالة وغياب فرص العمل، عسكرة المجتمع وتزايد نفوذ السلاح، واقع أعطى بيئة صالحة لفوضى عارمة وإحتجاجات وتظاهرات شعبية صارت تخرج عن نطاقها الدستوري الى ممارسات الفوضى الإنتقامية وإسقاط الحكومة، كما حدث في البصرة وبغداد مؤخرا ً إذ قام المحتجون من قطاع السكك بقطع الطرق بواسطة القاطرات، وهي ملك الدولة، بما يعني سقوط هيبة الدولة في داخل شعور الفرد والمجتمع. مايلفت الإنتباه ان مشهد الفوضى وانتشار الجريمة وتزايد مساحة وكثافة الإحتجاجات، لاتلقى أهمية وإستعدادا لمعالجة المشكلات عبر خلية حكومية كفوءة في مواجهة الأزمات وإدارتها، بل تقمع بالرصاص والتبرير السياسي، أو بالتنازل من الطرف الحكومي أو تترك على عواهنها. نعيش في فوضى مدمرة، يقابلها غياب الحلول،واقع ينذر بفلتان شامل وإنهيار كامل للعملية السياسية التي انعدمت فيها الرؤية الإصلاحية، أو حتى القراءة الفصيحة لما ستؤول اليه الأمور، مايجعل مشروع التغيير والثورة قائما ً، والغريب أنه لايثير إهتمام غالبية السياسيين، في هذا الوقت الحرج...! ماهوالمقبل سياسيا ً في العراق، أي مابعد هذه الفوضى الخلاقة..؟ هل تخلق لنا إحتلال من نوع آخر، أم ثورة مسلحة تحت ظل ميلشيات تتقاتل كما في ليبيا..؟ أم إنفصال للمناطق والمحافظات وتحول البلاد الى كانتونات شيعية وسنية تستقل عن بعض وتحارب بعض..؟ وهل ينحصر الدور الأمريكي بإخلاء السفارة الأمريكية في الخضراء وبعض عملائها المهمين، كما يشاع في بعض وسائل الإعلام...؟ هذه التوقعات لما بعد الفوضى، ينبغي أن تشغل مساحات القراءة والتحليل السياسي لدى المختصين، بعد غياب قدرة الإصلاح على تجاوز مايحصل من فوضى وفساد عارم، تتحمل مسؤوليته ونتائجه الطبقة السياسية التي تسلطت بالعراق منذ 2003..! [email protected]
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي