- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مبدأ (ألعب لو أخربط الملعب) سر ازمات العراق
حجم النص
بقلم:حيدر مرتضى علي يعد ربط (الامن الوطني) للعراق بـ (منظومة الامن العالمي) شرط مسبق أساسي إذا ما أردنا تحقيق أمننا وسلامتنا، فأعضاء (منظومة الامن العالمي) هذه ملتزمون بالحفاظ على أمن الدول الشريكة في هذا النظام، ودعم استقرارهم الامني والاقتصادي، وبكافة السبل الممكنة (عسكرياً، سياسياً، اقتصادياً). في هذا السياق لابد من الحديث عن (العلاقات العراقية – الامريكية) وإلى أي مدى سيساهم تعزيز هذه العلاقة بتحقيق المزيد من الامن للعراق، ليس في هذه المرحلة فقط، بل تحقيق الامن في المرحلة المقبلة أيضاً (مرحلة ما بعد داعش). لماذا الحديث عما (بعد داعش؟) لأننا إذا وضعنا "داعش" في سياق الازمات التي تعرض لها العراق منذ نشأته، سننتهي بما لا يقبل الشك إلى حقيقة حتمية: إن هناك أزمة مقبلة تنتظر العراق بعد أن يُقضى على داعش! تتبع عزيزي القارئ تاريخ الازمات في العراق منذ 2003 على الاقل، ستلاحظ (تنظيم القاعدة، الحرب الطائفية، دعاة الانقسام، أزمة التسليح، ازمة داعش، والحبل جرار....) ولا نريد هنا توجيه اللوم لأحد أو جهة ما على الازمات التي نتعرض لها، فاللوم لا يجدي، بل الحلول هي ما يجب التركيز عليها.! إن وجود خضم من الازمات تعصف بالدول أمراً طبيعي ومتوقع في ظل تصارع الارادات والمصالح الدولية، ولذا سعت الدول إلى ربط أمنها القومي بأمن دول كبرى، أو نظم امنية عالمية (كحلف الناتو). حيث أن هذه الدول التي فهمت قواعد اللعبة، تشهد اليوم المزيد من الاستقرار الامني والازدهار الاقتصادي (اقليم كردستان مثلاً). في ذات الوقت، شهد العراق استمراراً بل وتفاقماً لأزماته الامنية والسياسية ودوامة لن تنتهي من عدم الاستقرار، وهذا كله نتيجة أما عجز الساسة العراقيين عن فهم قواعد اللعبة، أو لإصرارهم على بناء حساباتهم السياسية وفق قواعدهم وتنظيراتهم الخاصة. ربما في مقالة لاحقة سنناقش تأثير البنية الفكرية والبعد القومي والاقليمي على متخذ القرار العراقي، بل وحتى تأثير العقل الجمعي على كيفية بناء سياسات خارجية قوية. ولكن في هذا المقال، سنبقي تركيزنا على حقيقة: إن الدول التي استطاعت (بناء تحالفات استراتيجية مع الولايات المتحدة) هي الدول الاكثر استقراراً وأمناً، بل وحتى أولئك الحلفاء الاكثر دعماً للإرهاب (السعودية مثلاً) استطاعت أن تُبقي على نظامها الفاسد صامداً لحد الآن؛ هذا ما يمكن أن تفعله التحالفات القوية. هنا سيحدد أدراكنا مستقبلنا وأمننا! وهاهنا ستبرز أهمية الفهم الايجابي والتعاطي البناء مع الاحداث والمواقف، فهل إن حقيقة (تحالف الامريكيين مع السعوديين الداعمين للإرهاب) سيحملنا على القطيعة، أم سيدفعنا باتجاه تعزيز علاقاتنا مع الولايات المتحدة؟ سينقسم الناس حسب إدراكهم إلى هذا الحقيقة لفئتين: التيار التقليدي سيرى: إن الولايات المتحدة حليفة لدول متورطة وداعمة للإرهاب، فكيف يمكننا التحالف مع دولة صديقة للسعودية الراعية للإرهاب؟! التيار الواقعي سيرى: إذا كان ثمن استقرار أمننا وازدهار اقتصادنا يقتضي تقوية العلاقات الأمريكية، فما المانع؟! ما المانع من إقامة تحالفات تجعلنا بمأمن عن الارهاب الاقليمي، ولماذا لا يتم تفعيل اتفاقية الاطار الاستراتيجي، التي ستجعل العراق عصياً على اكثر الدول الداعمة للإرهاب. أي التيارين هو الاكثر صواباً في رؤيته؟ إن الولايات المتحدة لا تبني تحالفاتها على اسس أيدولوجية أو فكرية أو دينية، بل هي شركة أقتصادية كبيرة تبني تحالفاتها حسابات (المصلحة)، وهذه الحقيقة قد يكون من السهل تفهمها، ولكن الصعب تقبلها من قبل التيار التقليدي، وهذا هو التحدي أمام صناع السياسات الخارجية العراقية، فالساسة العراقيين ما زالوا يتحركون في إطار قيمي وأخلاقي معين يختلف عن ذلك الإطار الذي تبني فيه الولايات المتحدة الامريكية تحالفاتها. ومرة أخرى، نحن لسنا بصدد تحليل النظام الامريكي، ومدى أخلاقيته وصلاحيته، وهل نتقبله او نرفضه، فهذا ليس شأننا، إن ما يهمنا اليوم هو نجاحنا ببناء تحالفاً قوياً يضمن لنا أمننا ويجنب شرور الارهابيين والدول الداعمة له.. تحالفاً قائماً على حسابات المصالح، وليس حسابات التقاربات الفكري والاخلاقية والدينية.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً