حجم النص
بقلم فالح حسون الدراجي بعد استفحال ظاهرة الفساد في بلادنا، وعجز الهيئات المسؤولة عن معالجته معالجة حقيقية وصادقة، الأمر الذي أوصل العراق الى المراكز الأولى بين دول العالم فساداً، بات من الضروري وضع الحلول الناجعة، والسريعة لإيقاف هذا الغول، ودحره، مهما تطلب الأمر من خطوات علاجية قاسية، سواء من قبل الحكومة العراقية، أم من قبل المؤسسات المعنية بالنزاهة، أم من قبل الإعلام العراقي الحر. فآفة الفساد لا تصيب الدولة وحدها بالضرر، ولا تصيب المواطن وحده أيضاً، إنما هي مرض خطير كالسرطان، والطاعون، والأيدز، وغيره من الأمراض الفتاكة. وإن فايروساته خطر على الجميع، يدمر كيان المجتمع برمته. لذا فإن المسؤولية تقع على عاتقي كصحفي يشعر بالمسؤولية الوطنية والمهنية والأخلاقية تجاه شعبه، وبلده، وتقع على عاتق المسؤول، باعتباره جزءاً من نسيج هذه الدولة المنخور بالفساد، بسبب صمته، وتقاعسه على ما يحدث أمامه، وعندما يتصاعد سلم المسؤولية، فإنه سيصل حتماً الى مقام رئيس الوزراء، ورئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب.. والى كل مسؤول في الدولة العراقية. إذن..! فالمشكل لا يتحدد بإطار معين، ولا بصورة واحدة، على الرغم من ان المواطن المسكين هو الضحية الأولى في منحر هذا الفساد، الفساد الذي لا يتوقف، ولن يتوقف، إن لم نساهم جميعاً في التصدي له، ومحاربته. ولعل تطبيق، وتنفيذ مقولة الرجل المناسب في المكان المناسب أول معالجة حقيقية لمرض الفساد، فالموظف النزيه والمقتدر والكفء لا يمكن أن يتعامل بغير منطق النزاهة والأمانة والإخلاص في العمل، فلا يسرق من الدولة، ولا يرتشي من جيب مواطن قط.. وهذا الشعار لن يتحقق تطبيقه قبل أن نسقط قانون المحاصصة سيئ الصيت من واقعنا الحكومي، فوضع الرجل المناسب في المكان المناسب يغلق الأبواب بوجه الموظف الفاسد، وبوجه المواطن الضعيف المتعب من الروتين، ومن الركض خلف معاملته، فيضطر مكرهاً لدفع الرشوة للخلاص من هذا العذاب. وما دمنا نتحدث عن الرجل المناسب في المكان المناسب، فإني أرى أن موقع رئيس هيئة النزاهة، (وأكرر هيئة النزاهة) من أكثر المواقع في الدولة العراقية حاجة لقيادة رجل نزيه، وإلاَّ فسينطبق عليه قول الشاعر جمال الدين بن نباتة المصري: يداوي أسى العشاق من نحو أرضكم نسيم صبا أضحى عليه قبول بروحــي من ذاك النسـيم إذا سرى طبيباً يداوي الناس وهو عليل ولا أريد هنا ان أتحدث عما جرى، وما قيل عن الرؤساء السابقين لهذه الهيئة القانونية والرقابية، بعد ان خرج الكلام من الأبواب الشخصية والإعلامية الضيقة ليصل الى ساحات القضاء، بل وأن تصدر أحكام ضد بعض هؤلاء الرؤساء. لذلك وجب التنبيه والتحذير قبل اختيار الرئيس الجديد لهذه الهيئة المحترمة، إذ لا يجوز أن يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وستكون المصيبة أكبر، لو أن هذا المؤمن لدغ من ذات الجحر مرة ثالثة، وليس مرة أو مرتين فحسب.. وهنا أتمنى أن يسمح لي السادة القائمون على شؤون الدولة العراقية، في أن أعرض عليهم سؤالاً مهماً يتعلق بكرسي رئاسة هذه الهيئة، والسؤال هو: هل يمكن التشكيك ببندقية وطنية شريفة تقاتل اليوم مجرمي داعش بشراسة، فحررت وتحرر الأرض العراقية الطاهرة من دنس الأوغاد المحتلين في تكريت وديالى وجرف الصخر، وعشرات المدن والقرى العراقية.. بمعنى هل يمكن لهذه البندقية الوطنية الطاهرة أن تفسد، وترتشي لا سمح الله؟ وهل يمكن لأحد أن يظن، ولو مجرد ظن، بكتف مقاتل عراقي حر نذر روحه ودمه من اجل حرية العراق، وبمواطن عراقي سمع نداء المرجعية المباركة، فهبَّ كالبرق نحو حافات الموت ليواجه بصدره – وهو النائب في البرلمان – سهام العدو؟ هل يمكن لأحد أن يشكك بأمانة ونزاهة رجل جاء بدمه ليطهر به كل شبر عراقي تعرض للخيانة من قبل الأوغاد الطائفيين؟ وهل يجوز لنا أن لا نثق برجل، هو (مشروع شهادة)، يمشي على قدمي الموت، حاملاً كفنه الوطني والشرعي على كتفيه من أجل الحق والعدل والحرية والمساواة؟ فإذا كنا مع هذا الكفن الشريف فعلاً، ومع هذه البندقية الحرة، ومع هذه الكتف الشجاعة التي تحمل شرف العراق، وكرامة العراقيين، فما علينا إلاَّ أن نسلم مسؤولية النزاهة لمثل هذا البطل، بل أن نسلمها لهذا البطل نفسه.. وأقصد به العراقي الغيور، والبطل الحر حسن سالم.. أقول قولي هذا إحقاقاً للحق، وحرصاً على سمعة بلادي، وحقوق المحرومين، وأقسم أني لا أعرف حسن سالم معرفة شخصية، بقدر ما أعرفه بندقية تجاهد في سبيل الله والوطن لا غير.