حجم النص
بقلم:سامي جواد كاظم المرجعية هذا المنصب الذي لا يناله الا ذو حظ عظيم ولا ياتي بالانتخابات او الوراثة بل له استحقاقات خاصة به بين الروحية والعلمية، والعلمية تخص كل المجالات الفقهية والسياسية والاجتماعية والعلمية، وكل هذه الاستحقاقات يغلفها الايمان الحقيقي بالله عز وجل من حيث التقوى والورع والخشوع والعدالة وما الى ذلك من صفات تجعل من المرجع قبلة تتجه اليه البصيرة والبصر بشكل عفوي. هذه الامتيازات يعتقد البعض انه بمتناول من يريد الحصول عليه طالما انه لا يوجد مؤسسة نظامية خاضعة للقانون الوضعي يحاسب من يتطفل عليها فهذا البعض يتجرا ويقول انا المرجع او الاعلم. العصران اللذان قصدتهما، العصر الاول هو ما قبل سنة 1413 للهجرة وهي سنة وفاة المرجع السيد ابي القاسم الخوئي والعصر الاخر هو ما بعد تلك السنة واخترت السيد السيستاني بين هذين العصرين للمقارنة على ما رافق منصب المرجعية من مفارقات. هذه مجموعة من القصص تخص منصب المرجعية وكيفية التصدي لها، يذكر السيد محمد الحسيني الميلاني عن جده السيد محمد هادي الميلاني انه قال: بعد ارتحال المرجع الأعلى السيد ابي الحسن الاصفهاني (رحمه الله) وكان السيد حسين القمي المرشح الوحيد للمرجعية العليا حينذاك واقفاً عند الضريح جهة الرأس الشريف قطلب من ومن السيد ميرزا مهدي الشيرزاي، ان نقول امين بعد دعائه، فقلنا لا بأس، فقال - وعيناه تدمعان-: «اللهم ان كان بقبولي منصب الزعامة والمرجعية يتعسر حسابي عندك يوم القيامة فلا توفقني لها وأسألك أن تأخذني اليك قريباً»، فوقعنا أنا والسيد ميرزا مهدي في موقف حرج مع السيد القمي فقلنا: آمين - ونحن في خجل من ذلك- وبعده مات بستة اشهر وعرفنا السبب لعدم قبوله منصب المرجعية العليا رغم اصرار كبار المجتهدين عليه أمثال السيد عبد الهادي الشيرازي والسيد الحكيم والسيد الشاهرودي والسيد الخوئي (رحمة الله عليهم أجمعين). يُنقل ان المرحوم آية الله السيد حسين حجت الكوه كمري في يوم من الايام شاهد في اقصى المسجد شيخاً متحمساً يجلس بين طلابه وهو يلقي عليهم درسه، انصت المرحوم السيد حسين الى حديثه فشعر ان هذا الشيخ الذي لا يجلب الانتباه محقق من الطراز الاول، وهكذا وجد نفسه في صراع بين الآخرة والدنيا فالآخرة تقتضي التسليم للافضل، والدنيا تقتضي العناد وحب الذات، ولكنه في اليوم التالي قال لطلابه يحسن بنا جميعاً ان نجلس عند هذا الشيخ مجلس الطلاب الى استاذهم وانتقلوا جميعاً الى حلقة درس ذلك الشيخ المتواضع، هذا الشيخ هو مرتضى الانصاري بعد وفاة الشيخ عبد الكريم الحائري كان السيد السيد صدر الدين الصدر والد موسى الصدر يقوم باعمال الحوزة والصلاة جماعة فلما جاء السيد حسين البروجردي فسح المجال اليه وقال المنصب للاكفا هنالك عالم استفتى عند المرجع الكبير السيد حسين البروجردي رحمه الله من نقلد في المسائل الفقهية التي تجوزون الرجوع فيها الى الفقية من بعدكم؟ فكتب السيد البروجردي في الجواب: تراجعون فيها الفقيه الكلبايكاني. وفي اليوم الثاني استدعى السيد الكلبايكاني ليحضر عنده ومعه تلك الورقة فلما قرأها السيد وضعها في صندوقه وقفله. فقال له العالم: سيدنا اريدها انها ورقتي! قال السيد: انها ورقتك ولكنها تتعلق بي، فان نشرتها قطعت الطريق امام الناس لتقليد غيري من المراجع الكرام اتركوا الناس ليختاروا المرجع الذي يقتنعون به، فالتقليد حر في مذهب اهل البيت (عليهم السلام) بعد وفاة المرجع الكبير الشيخ مرتضى الانصاري زعيم الحوزة العلمية في النجف الاشرف سنة 1281 للهجرة، اجتمع العلماء الافاضل في بيت الشيخ حبيب الله الرشتي الذي كان من ابرز علماء عصره بعد استاذه واتفقوا على ان يكون المرجع هو الميرزا محمد حسن الشيرازي فارسلوا اليه، وكان اعاظم العلماء حاضرين كذلك، كالشيخ حسن نجم آبادي، والميرزا عبد الرحيم النهاوندي والميرزا حسن الاشتياني، فلما حضر الميرزا الشيرازي قال العلماء له لابد للناس من مرجع في التقليد والرئاسة الدينية وقد اتفقنا على سماحتكم مرجعاً ورئيساً. فقال الميرزا الشيرازي:اني لم استعد لذلك ولا استحضر ما يحتاج اليه الناس، وسماحة الشيخ حسن فقيه العصر اولى بذلك مني. فقال الشيخ حسن: والله ان ذلك حرام عليَّ لما في من الوساوس ولو دخلت فيه افسدته، وانما هو واجب عيني عليك بالخصوص. فتكلم كل واحد من اكابر العلماء بنحو ما تكلم الشيخ حسن. وهكذا اتفقوا على الميرزا الشيرازي والزموه بقبول التصدي للمرجعية، فقبلها الميرزا الشيرازي ودموعه تجري على خديه ومحاسنه. وحتى السيد محسن الحكيم عندما توفي جاء السيد يوسف الحكيم ليسلم امور الحوزة وما بذمة والده الى السيد الخوئي كونه المرجع الذي يستحق المنصب. وانتهى هذا العصر بوفاته سنة 1413 هـ ولان السيد السيستاني هو من صلى عليه فكانت المرجعية استحقاقه ولكن الناس اجتمعت حول السيد عبد الاعلى السبزواري من غير ان يفرض نفسه والتزم السيد السيستاني جانب الصمت لانه لا يفرض نفسه هو الاخر، وبعد وفاة السيد السبزواري، اصبح للشيعة اكثر من مرجع ومن صرح بانه يتصدى للمرجعية وحتى هذا اليوم ظهر الكثير ممن ادعى المرجعية بل وحتى جاءوا من خارج العراق وفتحوا لهم مكاتب في العراق، والسيد السيستاني لم يدعي انه المتصدي للمرجعية وللناس حرية التقليد. وللقارئ اللبيب ان يقارن بين العصرين
أقرأ ايضاً
- المسرحيات التي تؤدى في وطننا العربي
- وللبزاز مغزله في نسج حرير القوافي البارقات
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته