حجم النص
بقلم:صادق غانم الاسدي لكل حكومة في العالم نهج وأسلوب وهو الطريق الأمثل في رسم سياسة الاستقرار والوفاء والحفاظ على هيكلية المجتمع وتقديم برامج عديدة تضمن تعزيز أواصر التعاون والمحبة المتبادلة بينها وبين الشعب المتكون من قوميات وديانات متعددة كما تقع على الحكومة مسؤولية كبيرة واهتماما مستمرا للذين ضحوا بأنفسهم وحملوا السلاح حينما يتعرض الوطن للاعتداء الخارجي , وتجلت معرفتهم من خلال الإعمال البطولية والاستشهادية , لتبقى تلك الصورة تتعايش بأذهان أفراد المجتمع ليبقوا أحياءا كما وصفهم الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله بل أحياء عند ربهم يرزقون), أن الحكومة الوفية هي التي تتفقد أسر وعوائل الشهداء دون كلل وملل والاطلاع على احتياجاتهم وتقديم كافة التسهيلات عبر منافذ الدولة الواسعة , ما أن تخط قدماك في الجمهورية الإسلامية في إيران ستجد بين مكان وأخر صور لشهداء وقبور عامرة وكأنهم استشهدوا قبل ساعات تبدأ من دخولك الجمهورية وحتى ابعد نقطة فيها وقد رأيت شهداء مدفونين على جانب الجزرة الوسطية وصورهم تتجدد كل سنة معلقة على الأعمدة رغم مرور ثلاثين عاما على الحرب واستشهادهم ان هذا الالتزام والوفاء اتجاه الشهداء يعطي صورة الصدق والإخلاص لشعب وحكومة حية لاينسون شهدائهم فلن تذهب دماء الشهداء سدى وهم يتفقدون كل قطرة دم سالت وروت في الدفاع عن الوطن والعرض,وأذهلني أكثر موقفا وطنيا متلاحما حينما زرت موقع (كوسنكي) السياحي في مدينة مشهد المقدسة وجدت في أعالي قمة الجبل قبور لشهداء استشهدوا في حرب القادسية سنة ١٩٨٦ , وكانت مجموعة من النساء يقفن الى جانب القبور ولا يمتن بصلة إليهم يوزعن الحلوى للزائرين ثوابا على أرواحهم , مع العلم لم يكن هذا المنظر الأول بل ان هنالك مئات من الصور والقبور لشهداء إيران أبان الحرب العراقية الإيرانية , في الوقت الذي تشكل الحكومة وفود في كل مناسبة وطنية ودينية وفي الأعياد لزيارة عوائل الشهداء وتقديم مساعدات عينية وتمتلك عائلة كل شهيد بطاقة منذ أكثر من ٢٠ عاما تساعدهم في تسهيل عملية التنقل والحصول على بعض المواد مجانا , هذا الوفاء والعين الراعية للحكومة اتجاه الشهداء جعل من تلك العوائل أن تجد أثار أبنائها حية كل يوم , وشجع الآخرين في حالة تعرض البلاد الى تحديات وأخطار خارجية مهما كانت حجمها الى الالتحاق وتأدية الواجب المقدس بشجاعة واندفاع عالي وهمة كبيرة , ان الحكومة التي تكرم شهدائها ولا تنسى ما قام به الشهيد من تقديم أغلى ما يملكه ستبقى غالية والكل سيدافع عنها , ولا يمكن ان تحتلها اي دولة او عدوان غاشم تغزوها في عقر دارها , لان للإنسان قيمة ثمينة فيها وسيطمأن في حالة الاستشهاد من الذي سيرعى عائلته وسيقف الى جانبها في تلبية جميع مطالبها ولم يخلُف بعد استشهاده اي تركه يتألم عليها , هذا الاندفاع والارتباط الروحي بحب الوطن والاستشهاد في سبيله جاء انسجاما واعترافا بان للشهداء دورا كبيرا في الرقي والازدهار وتقدم البناء ولولاهم لما عاش آخرين في نعيم وأمان , هذه الكلمة تتردد أثناء زيارة الوفود المحملة بالمساعدات الى تلك العوائل مثمنة جهود أبنائهم ,مؤكدين ان استمرارهم ونعيمهم في الحياة والخير الذي هم فيه جاء بتضحيات أبنائهم مثل تلك العبارات تزيد العائلة همة وتزيل غبار الهم والحزن وتجدد ارتباطهم وتلاحمهم مع الحكومة ويبقون رهن الإشارة , هذه المميزات والتسهيلات نفتقدها في العراق وأبان الحقبة الماضية زمن المقبور الذي دفع مئات الألوف الى محرقة الموت لم يشمل عوائل الشهداء بسن قانون او قرارات تؤمن العائلة العيش في مستقبل زاهر مجرد كانت مكارم شخصية ووقتية , ولا استثني اي حكومة وطنية منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الان جاءت على الأقل بإنصاف الشهداء وتكريمهم سواءا قرارات لاترتقي الى مستوى طموح عوائل الشهداء, مما حد الكثير بعوائل الشهداء ان تعرض مطاليبهم دون جدوى , وما تظهره القنوات الفضائية من زيارات ميدانية الى بيوت الشهداء وهم يعيشون في اشد الأزمات ويطالبون الحكومة بتفقدهم وأنصافهم , ومثل تلك المطالبات شرعية ولا تكلف الحكومة اي جهد واستنزاف مالي, ان الحكومات التي تهتم بشهدائها وتتفقد ذويهم وتوفر احتياجاتهم فهي حكومات تستطيع ان تخلد وتستمر لفترات طويلة في الحكم وتقتصر الزمن في البناء وتكون قوية أمام أعدائها, وستنتصر في كل معركة إضافة الى ان اسوار مدنها محمية بصدور ودماء أبنائها فهم يضحون بأنفسهم من اجل ان حكومتهم أنصفتهم وثمنت بطولاتهم بعد استشهادهم وقدمتهم على بقية افراد الشعب فالجدير بتلك الشعوب ان تبذل الغالي والنفيس من اجل الارتقاء والمحافظة على ديمومة مقومات شعبها وحضارتها.
أقرأ ايضاً
- يرجى تصحيح المسار يا جماهير الكرة
- أسطورة الشعب المختار والوطن الموعود
- حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه" !!