- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
آليات حل الأزمة العراقية الراهنة
حجم النص
بقلم:ضياء الشكرجي هناك اليوم ومنذ العاشر من حزيران 2014 أزمة مستحكمة، وتكاد تكون مستعصية، ومؤدية إلى كارثة لا محالة، إلا إذا كانت هناك إرادة وطنية، حقيقية، وجدية، وصادقة، لوضع الحلول اللازمة لتجاوز الأزمة، والحيلولة دون سقوط العراق في هاوية الكارثة وقعر المحرقة، التي لن تكون أقل مأساوية ودمارا وتخريبا مما حصل لجارتنا سوريا، ولشعب سوريا الشقيق، على يد النظام الديكتاتوري الدموي من جهة، والقوى الإرهابية والمتطرفة الظلامية من جهة أخرى. لست ممن يدعي لنفسه أنه من أهل الاختصاص أو العقول الفذة في وضع استراتيجيات الإنقاذ، ولا أدعي أن ما أطرحه كله من عندياتي، فإني آخر من يدعي لنفسه العبقرية. وبقطع النظر عما طرح أوباما في مؤتمره الصحفي الأخير، أو نصح به كيري السياسيين العراقيين في زيارته الأخيرة، وبقطع النظر عن مطالب الكتل السياسية المختلفة، من شيعية، أو سنية، أو كردية، أو مدنية ديمقراطية (علمانية) عابرة للطوائف والأديان والأعراق؛ أقول إن الحل، والخروج من المنزلق الخطير، يجب أن يكون ضمن الخطوات والشروط المدرجة أدناه، مع ملاحظة إن الترتيب الذي ذكرت على وفقه النقاط، ليس ترتيبا زمنيا، بحيث يأتي اللاحق بعد السابق له ترتيبا، بل يمكن التقديم والتأخير بين بعضها والبعض الآخر، كما يمكن تزامن لبعض منها مع بعض آخر. 1. التعجيل بانعقاد مجلس النواب المنتخب، بلا أدنى تسويف أو مماطلة. 2. التعجيل بترشيح مرشح غير المالكي لرئاسة الوزراء يقدمه ائتلاف دولة القانون، بوصفه أكبر الكتل البرلمانية، يحظى بقبول الكتل البرلمانية. 3. التعجيل بتشكيل حكومة وحدة وطنية، من ذوي الكفاءات العالية، كل كفاءة بما يناسب مهمة الوزارة المستوزر عليها صاحب الكفاءة المعني. 4. الاستعانة بالأمريكان بوضع خطة متكاملة لدحر داعش وحلفائها بشكل كامل، ذلك بأيدي العراقيين، ومساعدة الأمريكان. 5. تشكيل جيش من المتطوعين لدحر داعش من جميع المكونات باستثناء المكون الشيعي، تجنبا لإضفاء صبغة طائفية على المواجهة. 6. عدم استخدام جيش المتطوعين المتشكل مؤخرا من الشيعة، إلا في أقصى درجات الاضطرار. 7. حسم موضوع المناطق المتنازع عليها خلال فترة معقولة، ولكن بشكل عاجل، على أن يكون مدروسا عبر الحوار الجدي، بما ينهي هذا الملف، ويحقق السلم الأهلي، ورضا أكثر سكان تلك المناطق. 8. تفعيل المادتين الدستوريتين (1) و(119)، واللتين جاء في الأولى منهما «جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق.»، وجاء في الثانية منهما، أي المادة (119) «يحق لكل محافظة أو أكثر تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتين: أولا: طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم. ثانيا: طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم.». مع مراعاة المادة (124) المعنية ببغداد، والتي جاء في (ثالثا) منها: «لا يجوز للعاصمة أن تنضم لإقليم.». ثم يجري تشكيل (إقليم غرب العراق)، متكونا من محافظات (نينوى، صلاح الدين، الأنبار)، وتشكيل (إقليم الوسط والجنوب)، متكونا من محافظات (واسط، كربلاء، بابل، ميسان، القادسية، ذي قار، النجف، البصرة، المثنى)، أو تكون المحافظات بإقليمين، ووضع حل مناسب لكركوك، سواء جعلت إقليما قائما بذاته، أو بتقسيم ثنائي أو ثلاثي للمحافظة، ربما يلحق أحدها بإقليم كردستان. وهكذا يجري حل استثنائي لمحافظة (ديالى)، كونها متعددة ومتنوعة المكونات، مذهبيا وقوميا. هذا التقسيم هو الذي رفضته منذ انطلاق الدعوة الأولى له عام 2006، لكونه قائما على أساس طائفي، ولكننا، وكما يبدو، لا بد لنا من أن نتجرع علقم هذا الواقع، مهما بلغت مرارته، حتى يجري ترشيد المجتمع العراقي، ليتجاوز الخنادق المذهبية والدينية والقومية والقبلية. ربما سيستنكر كثيرون عليّ هذا الطرح، خاصة لأن فيه ما يتعارض تعارضا حادّا مع ما دعوت شخصيا إليه طوال السنوات الثمان أو التسع الأخيرة، أو ربما لأن البعض سيرى عدم واقعية هذه الحلول، وعدم إمكان تحقيقها، أو تحقيق أكثرها، أو البعض منها، وربما يرى قسم ثالث الضرر في بعض منها، أكثر مما فيه من نفع للعراق، ولعملية التحول الديمقراطي، ومبدأ المواطنة، وأسس الدولة المدنية الحديثة. ولكن إذا وجدنا إن بهذا فقط يمكن تحقيق السلم الأهلي في العراق، فالسلم يتقدم على الكثير من الأولويات، التي لا تتقدم عليه أولوية أخرى في الوقت الراهن. إنها رؤية، قد يكون فيها ما ينفع، وهي بلا شك قابلة للتنضيج والترشيد، أو لتكملة النواقص فيها، أو تفصيل المجمل وتخصيص العام منها، كما هي قابلة للحذف والإضافة. يدا بيد إلى عراق يسوده السلام أولا، ثم يصحح فيه مسار العملية السياسية، على طريق تحقيق انسجام أكبر لها مع مبادئ الديمقراطية والدولة المدنية الحديثة وأساس المواطنة، ووضع نهاية للسياسات الخاطئة والمضرة للسنوات الإحدى عشرة الأخيرة، والتي آلت بالعراق إلى ما هو عليه، والسير بالعراق نحو التقدم، والرفاه، والعدالة الاجتماعية، وسد حاجات المواطن، وحل مشاكله على الصعيد الأمني، والخدمي، والمعاشي، وعلى سائر أصعدة الحياة. [email protected]
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- مستقبل البترول في ظل الظروف الراهنة
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية