حجم النص
قد يستغرب المرء عندما يسمع عن مافيا للمياه في نيودلهي العاصمة الهنديّة، والسّبب لا يعود إلى قلّة المياه، بل إلى وسائل استخدامها وجرّها للسّكان، فشبكات المياه للأحياء معدومة، ما يدفع بهم إلى شرائها على فقر حالهم من السّوق السّوداء، والارتماء بأحضان مافيا صهاريج المياه الآخذة بالانتشار، وخصوصاً في ضواحي العاصمة العشوائيّة. وبحسب بعض النّاشطين، فإنّ هناك سوءاً لإدارة الموارد المائيّة، حيث إنّ 40% من مقدار المياه تتسرّب قبل أن تصل إلى البيوت. ويعزو البعض السّبب إلى زيادة عشوائيّة الضّواحي، وإلى أنّ خدمة المياه لا تسدّ الاحتياجات، وفي هذه الأجواء، تدخل على الخطّ الشّركات الخاصّة، عبر بيع المياه بطرق غير قانونيّة، وبعضها تغضّ الشّرطة النّظر عنه. ويتّهم المدافعون عن البيئة هذه الشّركات بتهديد المياه الجوفيّة وتخريبها، نتيجة حفر الآباء العميقة، وتعتبر منطقة "سانغرام" أكبر ضاحية عشوائيّة، حيث يتشاجر المئات من الأسر والجيران من أجل الحصول على ما تيسّر لهم من المياه، حتى بات ذلك الكفاح اليوميّ لكثير من الفقراء. حتّى إنّ السياسيّين المحلّيّين باتوا يستغلّون هذا الوضع، فأنابيب التوزيع تحت سيطرة نفوذهم، إذ يدفعون بأعوانهم لجمع الأموال من كلّ بيت، وبعض العائلات تدفع إلى حدّ 6 يوروهات في الأسبوع، بعد أن تستجدي مراراً وتكراراً شركات توزيع المياه الخاصّة وأصحاب الصّهاريج الّذين ينشرون إعلانات خدماتهم على الإنترنت. ويلجأ بعض النّاس إلى مياه المضخّات المحليّة في المعابد وغيرها، في حين يؤكّد المختصّون أنّ مياهها القليلة غير صالحة للاستهلاك. اكتظاظ سكّاني وجفاف الآبار وتفشّي الفساد الإداريّ والسياسيّ، كلّه يدفع الفقراء والمحرومين إلى دفع الثّمن الباهظ من جهدهم وأموالهم وصحّتهم، حتّى إنّ الماء أصبح مادّة وسلعة لاستغلال البشر الّذين لا يُنظر إليهم إلا كأرقام في صناديق المزايدات والانتخابات.
أقرأ ايضاً
- وزير الموارد : مشاريع عملاقة ستوفر كميات كبيرة من المياه
- إيران تعلن استعدادها للمشاركة بالمشاريع الإنشائية والهندسية في العراق
- الأزهر تحيل أستاذاً لديها إلى التحقيق أفتى بجواز “سرقة المياه والكهرباء والغاز”